موسوعة أصول الفقه

الفَرعُ الثَّالثُ: القياسُ في الأبدالِ


البَدَلُ، والإبدالُ: رَفعُ أحَدِ الشَّيئَينِ، ووَضعُ الآخَرِ مَكانَه؛ قال اللهُ تعالى: وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ [النحل: 101] ، ومِنه سُمِّي التَّيَمُّمُ بَدَلًا عن الوُضوءِ [1705] يُنظر: ((الواضح)) لابن عقيل (1/197). .
والمُرادُ بالقياسِ في الأبدالِ: أن يَرِدَ مِن الشَّارِعِ اعتِبارُ أمرٍ قائِمًا مقامَ أمرٍ لم يَتَمَكَّنْ مَن طولِبَ به مِن الإتيانِ به، مَعَ إمكانِ إدراكِ المَعنى الذي تَعلَّق به هذا الاعتِبارُ، ويوجَدُ هذا المَعنى في مَحَلٍّ آخَرَ، فهل يُحكَمُ على ما وُجِدَ فيه هذا المَعنى بكَونِه بَدَلًا كما حُكِمَ في الأوَّلِ؟
مِثلُ: المُحصَرُ إذا لم يَجِدْ هَديًا هَل يَنتَقِلُ إلى الصَّومِ؛ لأنَّه هَديٌ تَعَلَّقَ وُجوبُه بالإحرامِ، فجازَ الانتِقالُ عنه إلى الصَّومِ؛ قياسًا على سائِرِ الهَدايا [1706] يُنظر: ((المهذب)) لعبد الكريم النملة (4/1937). ؟
حُكمُ إجراءِ القياسِ في الأبدالِ:
يَجوزُ إثباتُ الأبدالِ بالقياسِ، وهو مَذهَبُ المالكيَّةِ [1707] يُنظر: ((إحكام الفصول)) للباجي (2/628). ، والشَّافِعيَّةِ [1708] يُنظر: ((قواطع الأدلة)) للسمعاني (2/201). ، والحَنابلةِ [1709] يُنظر: ((المسودة)) لآل تيمية (ص398)، ((أصول الفقه)) لابن مفلح (3/1348). .
أدِلَّةُ جَوازِ القياسِ في الأبدالِ:
1- عُمومُ أدِلَّةِ حُجِّيَّةِ القياسِ كما سَبَقَ بَيانُها في أدِلَّةِ القياسِ في الحُدودِ والكَفَّاراتِ والمُقدَّراتِ، فتَكونُ أحكامُ الأبدالِ فردًا مِن أفرادِ ذلك العُمومِ [1710] يُنظر: ((نهاية الوصول)) لصفي الدين الهندي (7/3220)، ((الإبهاج)) لابن السبكي ووالده (6/2250). .
2- أنَّ خَبَرَ الواحِدِ تَثبُتُ به أحكامُ الأبدالِ، فكذلك تَثبُتُ بالقياسِ بجامِعِ أنَّ كُلًّا مِنهما ظَنِّيٌّ [1711] يُنظر: ((المهذب)) لعبد الكريم النملة (4/1937). .
3- أنَّ المُقتَضيَ للتَّعديةِ قد وُجِدَ في أحكامِ الأبدالِ، فيَنبَغي أن يوجَدَ القياسُ كسائِرِ الأحكامِ [1712] يُنظر: ((المهذب)) لعبد الكريم النملة (4/1937). .
أمثِلةٌ تَطبيقيَّةٌ للمَسألةِ:
يَتَخَرَّجُ على هذه المَسألةِ بَعضُ الفُروعِ الفِقهيَّةِ، ومِنها:
1- أنَّ تارِكَ الواجِبِ في الحَجِّ إذا لم يَجِدِ الدَّمَ فإنَّه يَنتَقِلُ إلى الصَّومِ؛ لأنَّه دَمٌ تَعلَّق وُجوبُه بالإحرامِ، فجاز الانتِقالُ عنه إلى الصَّومِ؛ قياسًا على دَمِ التَّطَيُّبِ واللِّباسِ [1713] يُنظر: ((الجامع)) لعبد الكريم النملة (ص: 337). .
2- المُحصَرُ إذا لم يَجِدْ هَديًا فإنَّه يَنتَقِلُ إلى الصَّومِ؛ لأنَّه هَديٌ تَعَلَّقَ وُجوبُه بالإحرامِ، فجاز الانتِقالُ عنه إلى الصَّومِ قياسًا على سائِرِ الهَدايا [1714] يُنظر: ((المعونة)) للشيرازي (ص: 91). .
وقيل: أنَّه لا يَجوزُ إثباتُ الأبدالِ بالقياسِ، وهو مَذهَبُ الحَنَفيَّةِ [1715] يُنظر: ((التجريد)) للقدوري (2/719)، ((التقرير والتحبير)) لابن أمير الحاج (3/157). .

انظر أيضا: