موسوعة أصول الفقه

المَطلَبُ الثَّاني: طُرُقُ مَعرِفةِ الصُّحبةِ


مِنَ الطُّرُقِ التي تَثبُتُ بها صُحبةُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم [2443] ذَكَرَ ابنُ حَجَرِ طُرُقَ مَعرِفةِ كَونِ الشَّخصِ صَحابيًّا، فقال: (أوَّلُها أن يَثبُتَ بطَريقِ التَّواتُرِ أنَّه صَحابيٌّ، ثُمَّ بالاستِفاضةِ والشُّهرةِ، ثُمَّ بأن يُروى عن آحادٍ مِنَ الصَّحابةِ أنَّ فُلانًا له صُحبةٌ مَثَلًا، وكَذا عن آحادِ التَّابعينَ، بناءً على قَبولِ التَّزكيةِ مِن واحِدٍ، وهو الرَّاجِحُ، ثُمَّ بأن يَقولَ هو إذا كان ثابتَ العَدالةِ والمُعاصَرةِ: أنا صَحابيٌّ). ((الإصابة)) (1/ 160). :
1- إخبارُ الثِّقةِ الأمينِ المَقبولِ القَولِ عن نَفسِه بأنَّه مِنَ الصَّحابةِ بأن يَقولَ: صَحِبتُ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه أوِ التَقَيتُ به ورَأيتُه، ونَحوَ ذلك، وكأن يَقولَ: سَمِعتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ كَذا، فيُحكَمُ بأنَّه صَحابيٌّ في الظَّاهرِ نَظَرًا لعَدالتِه ما دامت هذه الدَّعوى يوافِقُها الظَّاهِرُ، بأن يَكونَ مِمَّن عاصَرَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم [2444] يُنظر: ((الكفاية)) للخطيب البغدادي (ص: 51)، ((مقدمة ابن الصلاح)) (ص: 294)، ((الخلاصة)) لشرف الدين الطيبي (ص: 149)، ((شرح التبصرة والتذكرة)) لزين الدين العراقي (2/128، 129). .
2- تَظاهُرُ الأخبارِ بكَونِه مِنَ الصَّحابةِ، إمَّا بالتَّواتُرِ، كَأبي بَكرٍ، وعُمَرَ، وبَقيَّةِ العَشَرةِ المُبَشَّرينَ بالجَنَّةِ؛ حَيثُ تَواتَرَتِ الأخبارُ بكَونِهم مِن صَحابةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وإمَّا بالاستِفاضةِ والشُّهرةِ القاصِرةِ عنِ التَّواتُرِ، كعُكَّاشةِ بنِ مِحصَنٍ، وضِمامِ بنِ ثَعلبةَ رَضِيَ اللهُ عنهما [2445] يُنظر: ((الكفاية)) للخطيب البغدادي (ص: 51)، ((مقدمة ابن الصلاح)) (ص: 294)، ((الخلاصة)) لشرف الدين الطيبي (ص: 149)، ((شرح التبصرة والتذكرة)) لزين الدين العراقي (2/128). .
3- إخبارُ أحَدِ الصَّحابةِ عن شَخصٍ ما بأنَّه صَحابيٌّ، كحُمَمةَ بنِ أبي حُمَمةَ الدَّوسيِّ رَضِيَ اللهُ عنه، الذي ماتَ بأصبهانَ مَبطونًا، فشَهدَ له أبو موسى الأشعَريُّ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّه سَمعَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حَكَم له بالشَّهادةِ [2446]  أخرجه أحمد (19659)، والطيالسي (507)، والطبراني (4/54) (3610)، ولفظُ أحمَدَ: عن حُمَيدِ بنِ عبدِ الرَّحمَنِ الحِميَريِّ أنَّ رَجُلًا -كان يُقالُ له: حُمَمةُ- مِن أصحابِ مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خَرَجَ إلى أصبَهانَ غازيًا في خِلافةِ عُمَرَ رَضِيَ الله عنه، فقال: اللهُمَّ إنَّ حُمَمةَ يَزعُمُ أنَّه يُحِبُّ لقاءَكَ، فإن كان حُمَمةُ صادِقًا فاعزِمْ له بصِدقِه، وإن كان كاذِبًا فاعزِمْ عليه وإن كَرِهَ، اللهُمَّ لا تَرُدَّ حُمَمةَ مِن سَفرِه هذا، قال: فأخَذَه المَوتُ -وقال عفَّانُ مَرَّةً: البَطنُ- فماتَ بأصبَهانَ، قال: فقامَ أبو موسى فقال: يا أيُّها النَّاسُ، إنَّا واللهِ ما سَمِعنا فيما سَمِعنا مِن نَبيِّكُم صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وما بَلغَ عِلمَنا إلَّا أنَّ حُمَمةَ شَهيدٌ. حَسَّن إسنادَه البُوصَيريُّ في ((إتحاف الخيرة المهرة)) (5/257). ، وكقَولِ الصَّحابيِّ: كُنتُ أنا وفُلانٌ عِندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أو دَخَلنا أنا وفُلانٌ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ونَحوَهما مِنَ العِباراتِ الدَّالَّةِ، بشَرطِ أن يُعرَفَ إسلامُ المَذكورِ في تلك الحالةِ؛ ففي هذا إخبارُ الصَّحابيِّ الثَّابتةِ صُحبتُه عن فُلانٍ أنَّه كان مَعَه عِندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فتَثبُتُ بذلك صُحبةُ فُلانٍ هذا [2447] يُنظر: ((الكفاية)) للخطيب البغدادي (ص: 51)، ((مقدمة ابن الصلاح)) (ص: 294)، ((الخلاصة)) لشرف الدين الطيبي (ص: 149)، ((شرح التبصرة والتذكرة)) لزين الدين العراقي (2/128)، ((فتح المغيث)) للسخاوي (4/90). .
4- إخبارُ بَعضِ ثِقاتِ التَّابعينَ عنه بأنَّه صَحابيٌّ [2448] يُنظر: ((فتح المغيث)) للسخاوي (4/90). .

انظر أيضا: