موسوعة أصول الفقه

المَطلَبُ الرَّابعُ: شُروطُ الاستِدلالِ بالمَصلَحةِ المُرسَلةِ


احتاطَ العُلماءُ للاحتِجاجِ بالمَصلَحةِ المُرسَلةِ، فاشتَرَطوا شُروطًا للعَمَلِ بها حتَّى لا تَكونَ بابًا للتَّشريعِ بالهَوى والتَّشَهِّي، وهذه الشُّروطُ هيَ [2637] يُنظر: ((علم أصول الفقه)) لعبد الوهاب خلاف (ص:86، 87)، ((أصول الفقه)) لعياض السلمي (ص:209). ويُنظر أيضًا: ((شفاء الغليل)) للغزالي (ص:208-214)، ((المحصول)) للرازي (6/164)، ((الإبهاج)) لابن السبكي ووالده ((6/2635). :
1- أن تَكونَ مَصلحةً حَقيقيَّةً وليسَت مَصلحةً وهميَّةً، والمُرادُ بها التَّحَقُّقُ مِن أنَّ تَشريعَ الحُكمِ في الواقِعةِ يَجلبُ نَفعًا أو يَدفعُ ضَرَرًا، وأمَّا مُجَرَّدُ تَوهُّمِ أنَّ التَّشريعَ يَجلِبُ نَفعًا مِن غَيرِ موازَنةٍ بَينَ ما يَجلِبُه مِن ضَرَرٍ فهذا بناءً على مَصلَحةٍ وهميَّةٍ، ومِثالُ ذلك: المَصلَحةُ التي تُتَوهَّمُ في سَلبِ الزَّوجِ حَقَّ تَطليقِ زَوجَتِه، وجَعلِ حَقِّ التَّطليقِ للقاضي فقَط في جَميعِ الحالاتِ.
2- أن تَكونَ مَصلحةً عامَّةً وليسَت مَصلحةً شَخصيَّةً، والمُرادُ بهذا التَّحَقُّقُ مِن أنَّ تَشريعَ الحُكمِ في الواقِعةِ يَجلبُ نَفعًا لأكبَرِ عَدَدٍ مِنَ النَّاسِ، أو يَدفعُ ضَرَرًا عنهم، وليسَ لمَصلَحةِ فردٍ أو أفرادٍ قَلائِلَ مِنهم، فلا بُدَّ أن تَكونَ لمَنفعةِ جُمهورِ النَّاسِ.
3- ألَّا يُعارِضَ التَّشريعُ لهذه المَصلَحةِ حُكمًا أو مَبدَأً ثَبَتَ بالنَّصِّ أوِ الإجماعِ أو مَصلحةً أعظَمَ مِنها، فلا يَصِحُّ اعتِبارُ المَصلَحةِ التي تَقتَضي مُساواةَ الابنِ والبنتِ في الإرثِ؛ لأنَّ هذه مَصلَحةٌ مُلغاةٌ لمُعارَضَتِها نَصَّ القُرآنِ الكَريمِ.
4- أن تَكونَ في مَواضِعِ الاجتِهادِ لا في المَواضِعِ التي يَتَعَيَّنُ فيها التَّوقيفُ، كأُصولِ العِباداتِ، فإنَّ المَصلَحةَ المُرسَلةَ لا يُمكِنُ أن يُستَدَلَّ بها على ثُبوتِ عِبادةٍ أو زيادةٍ فيها أو نَقصِ شَيءٍ مِنها.

انظر أيضا: