موسوعة أصول الفقه

المَطلَبُ الثَّالِثُ: التَّرادُفُ خِلافُ الأصلِ


ذَهَبَ الأُصوليُّونَ الذينَ أثبَتوا التَّرادُفَ إلى أنَّه خِلافُ الأصلِ: أي: خِلافُ الرَّاجِحِ، فالأصلُ: أنَّ لكُلِّ مَعنًى لَفظًا واحِدًا خاصًّا به، فإذا تَرَدَّدَ اللَّفظُ بَينَ كَونِه مُتَرادِفًا أو مُتَبايِنًا، فحَملُه على المُتَبايِنِ أَولى [186] يُنظر: ((التحصيل)) للأرموي (1/231)، ((الإبهاج)) لابن السبكي ووالده (3/623)، ((البحر المحيط)) للزركشي (2/360)، ((تيسير الوصول)) لابن إمام الكاملية (2/281). .
الأدِلَّةُ:
1- أنَّه قد ثَبَتَ باستِقراءِ كَلامِ العَرَبِ أنَّ لكُلِّ مَعنًى لَفظًا خاصًّا به، وهذا في أكثَرِ كَلامِهم، والكَثرةُ تُفيدُ الظَّنَّ والرُّجحانَ، فيَكونُ المَعنى المُنفرِدُ بلَفظٍ واحِدٍ أكثَرَ وُجودًا مِنَ المَعنى الذي له لَفظانِ فأكثَرُ، وهو المُتَرادِفُ، فيَكونُ مَرجوحًا؛ نَظَرًا لقِلَّتِه [187] يُنظر: ((الكاشف)) لابن عباد الأصفهاني (2/120)، ((الجامع)) لعبد الكريم النملة (ص: 174). .
2- أنَّ التَّرادُفَ يُخِلُّ بالفَهمِ التَّامِّ؛ لاحتِمالِ أن يَكونَ المَعلومُ لكُلِّ واحِدٍ مِنَ المُتَخاطِبَينِ غَيرَ الاسمِ الذي يَعلَمُه الآخَرُ، فعِندَ التَّخاطُبِ لا يَعلَمُ كُلُّ واحِدٍ مِنهما مُرادَ الآخَرِ [188] يُنظر: ((المحصول)) للرازي (1/256)، ((نفائس الأصول)) للقرافي (2/692)، ((الإبهاج)) لابن السبكي ووالده (3/623)، ((البحر المحيط)) للزركشي (2/360). .
3- أنَّ التَّرادُفَ يَلزَمُ منه تَعريفُ المُعرَّفِ، وهو خِلافُ الأصلِ؛ لأنَّ التَّعريفَ يَحصُلُ باللَّفظِ الواحِدِ، فلَو وُضِعَ لَفظٌ ثانٍ لَكان ذلك اللَّفظُ مُعَرِّفًا لِما عَرَّفه الأوَّلُ، وتَعريفُ المُعرَّفِ غَيرُ جائِزٍ؛ إذ لا فائِدةَ فيه [189] يُنظر: ((المحصول)) للرازي (1/256)، ((بيان المختصر)) لشمس الدين الأصفهاني (1/178)، ((الردود والنقود)) للبابرتي (1/226)، ((التقرير والتحبير)) لابن أمير الحاج (1/170). .

انظر أيضا: