موسوعة أصول الفقه

المَطلَبُ الثَّالِثُ: حُكمُ النَّصِّ


يَجِبُ العَمَلُ بمَدلولِ النَّصِّ حتَّى يَقومَ دَليلٌ على تَأويلِه أو تَفسيرِه أو نَسخِه [381] يُنظر: ((الواضح)) لابن عقيل (2/9)، ((فصول البدائع)) للفناري (2/101)، ((دراسات أصولية في القرآن الكريم)) للحفناوي (ص: 262). .
وقد نَفى ابنُ رُشدٍ الخِلافَ في وُجوبِ العَمَلِ به [382] قال: (الأعيانُ التي يَتَعَلَّقُ بها الحُكمُ إمَّا أن يُدَلَّ عليها بلَفظٍ يَدُلُّ على مَعنًى واحِدٍ فقَط، وهو الذي يُعرَفُ في صِناعةِ أُصولِ الفِقهِ بالنَّصِّ، ولا خِلافَ في وُجوبِ العَمَلِ به). ((بداية المجتهد)) (1/10). .
قال ابنُ عَقيلٍ: (وأمَّا حُكمُ النَّصِّ: فتَلَقِّيه بالِاعتِقادِ له، والعَمَلِ به، ولا يُترَكُ إلَّا بنَصٍّ يُعارِضُه) [383] يُنظر: ((الواضح)) لابن عقيل (2/9). .
فإذا كان النَّصُّ مُطلَقًا بَقيَ على إطلاقِه حتَّى يَدُلَّ دَليلٌ على تَقييدِه، كما قُيِّدَتِ الوصيَّةُ في قَولِ اللهِ تعالى: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ [النساء: 11] بعَدَمِ الزِّيادةِ على الثُّلثِ، بحَديثِ سَعدٍ: ((الثُّلثُ، والثُّلثُ كَثيرٌ)) [384] أخرجه البخاري (5354)، ومسلم (1628)، ولَفظُ البخاريِّ: عن سَعدٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَعودُني وأنا مَريضٌ بمَكَّةَ، فقُلتُ: لي مالٌ، أوصي بمالي كُلِّه؟ قال: لا، قُلتُ: فالشَّطرِ؟ قال: لا، قُلتُ: فالثُّلُثِ؟ قال: الثُّلُثُ والثُّلُثُ كَثيرٌ؛ أن تَدَعَ ورَثَتَكَ أغنياءَ خَيرٌ مِن أن تَدَعَهم عالةً يَتَكَفَّفونَ النَّاسَ في أيديهم، ومَهما أنفَقتَ فهو لَكَ صَدَقةٌ، حتَّى اللُّقمةُ تَرفعُها في فِيِّ امرَأتِكَ، ولَعَلَّ اللَّهَ يَرفعُكَ، يَنتَفِعُ بكَ ناسٌ، ويُضَرُّ بكَ آخَرونَ. .
وإن كان عامًّا بَقيَ على عُمومِه حتَّى يَدُلَّ دَليلٌ على تَخصيصِه، كما خُصِّصَ العُمومُ في قَولِ اللهِ تعالى: وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ [النساء: 24] بقَولِه تعالى: وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا [الأحزاب: 53] .
ويبقى اللَّفظُ -سَواءٌ كان خاصًّا أو عامًّا- على حَقيقَتِه حتَّى يَقومَ دَليلٌ على أنَّ المُرادَ به مَجازُه [385] يُنظر: ((دراسات أصولية في القرآن الكريم)) للحفناوي (ص: 262). .

انظر أيضا: