موسوعة أصول الفقه

الفرعُ الثَّاني: تَعريفُ الظَّاهرِ اصطِلاحًا


الظَّاهِرُ: هو ما سَبَقَ مَعناه إلى فهمِ سامِعِه مِن لَفظِه، ولَم يَمنَعْه مانِعٌ مِن فهمِه مِن جِهةِ اللَّفظِ [393] يُنظر: ((المنهاج)) للباجي (ص: 12). .
شَرحُ التَّعريفِ:
الظَّاهِرُ: ما يَتَبادَرُ مَعناه إلى ذِهنِ سامِعِه، وهذا المَعنى المَفهومُ مِنَ الظَّاهرِ ليس هو المَقصودَ الأصليَّ مِن تَشريعِ النَّصِّ، وهو يحتَمِلُ التَّأويلَ، فاللَّفظُ إذا كان عامًّا مَثَلًا فإنَّه يَحتَمِلُ التَّخصيصَ، وإن كان مُطلَقًا فيَحتَمِلُ التَّقييدَ، وإن كان خاصًّا فيَحتَمِلُ المَجازَ، كما أنَّه يَحتَمِلُ النَّسخَ في عَهدِ الرِّسالةِ.
مِثالُه: قَولُ اللهِ تعالى: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا [البقرة: 275] ، فالآيةُ تَدُلُّ بلَفظِها على أنَّ البَيعَ حَلالٌ، والرِّبا حَرامٌ، وهذا ظاهِرٌ مِن نَفسِ الصِّيغةِ، ويَتَبادَرُ مَعناها اللُّغَويُّ إلى العَقلِ دون أدنى جُهدٍ، ولَكِنَّ هذا المَعنى ليس هو المَقصودَ أصالةً مِن نَصِّ الآيةِ الكَريمةِ، وإنَّما سيقَتِ الآيةُ لمَعنًى آخَرَ هو نَفيُ المُماثَلةِ المَزعومةِ بَينَ طَبيعةِ كُلٍّ مِنَ المُعاملَتَينِ، فلَيسَت مُعامَلةُ الرِّبا وحَقيقَتُها مُماثِلةً لمُعامَلةِ البَيعِ، بَل هما مُختَلِفانِ، وذلك مَأخوذٌ مِن سياقِ الآيةِ الكَريمةِ نَفسِها في قَولِه تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا [البقرة: 275] ، على أنَّ وَصفَ عَمَليَّةِ البَيعِ بالحِلِّ، وعَمَليَّةِ الرِّبا بالحُرمةِ يَستَلزِمُ عقلًا التَّمييزَ والتَّفرِقةَ بَينَ طَبيعةِ وعناصِرِ كُلٍّ مِنَ المُعاملَتَينِ، فالمَقصودُ الأصليُّ إذًا مِن سَوقِ الآيةِ الكَريمةِ هو هذا اللَّازِمُ العَقليُّ، لا المَعنى الظَّاهرُ المُتَبادِرُ مِنَ اللَّفظِ؛ لأنَّه مَقصودٌ تَبَعًا [394] يُنظر: ((أصول السرخسي)) (1/163)، ((كشف الأسرار)) لعلاء الدين البخاري (1/46)، ((فواتح الرحموت)) للأنصاري (2/22)، ((المناهج الأصولية في الاجتهاد بالرأي)) لفتحي الدريني (ص: 45). .

انظر أيضا: