موسوعة أصول الفقه

المَسألةُ الرَّابِعةُ: البَيانُ بالإقرارِ


المُرادُ بالإقرارِ هنا إقرارُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، الذي هو قِسمٌ مِن أقسامِ السُّنَّةِ النَّبَويَّةِ عِندَ الأُصوليِّينَ؛ حَيثُ إنَّها تَنقَسِمُ عِندَهم إلى: قَولٍ، وفِعلٍ، وتَقريرٍ. وعلى ذلك يَكونُ المُرادُ به هنا: أن يَسكُتَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن إنكارِ قَولٍ أو فِعلٍ قيلَ أو فُعِلَ بَينَ يَدَيه أو في عَصرِه، وعَلِمَ به [589] يُنظر: ((البحر المحيط)) للزركشي (6/54)، ((إرشاد الفحول)) للشوكاني (1/117). .
ويَجوزُ البَيانُ بالإقرارِ كما يَجوزُ بالقَولِ [590] يُنظر: ((الإحكام)) لابن حزم (1/81)، ((إحكام الفصول)) للباجي (1/308)، ((الواضح)) لابن عقيل (1/192)، ((الموافقات)) للشاطبي (4/75)، ((البحر المحيط)) للزركشي (5/101). .
الأدِلَّةُ:
1- الوُقوعُ [591] يُنظر أمثِلةٌ لذلك في مَسألة: أنواع التَّقريرِ مِن مَبحَثِ السُّنَّةِ في البابِ الثَّالِثِ مِن هذه المَوسوعةِ. .
2- أنَّ الإقرارَ مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كَصَريحِ إذنِه، فإقرارُه على القَولِ يَجري مَجرى قَولِه، والإقرارُ منه على الفِعلِ يَجري مَجرى فِعلِه، وتَخصيصُ العُمومِ بكُلِّ واحِدٍ مِنهما جائِزٌ، فكذلك يَجوزُ التَّخصيصُ بإقرارِه على القَولِ أوِ الفِعلِ [592] يُنظر: ((شرح اللمع)) للشيرازي (1/381). .
وقد يَقَعُ مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بَيانُ الحُكمِ بالإقرارِ على فِعلٍ شاهَدَه مِن فاعِلٍ يَفعَلُه على وجهٍ مِنَ الوُجوهِ، فتَركَ النَّكيرَ عليه، فيَكونُ ذلك بيانًا في جَوازِ فِعلِ ذلك الشَّيءِ على الوَجهِ الذي أقَرَّه عليه، أو وُجوبِه إن كان شاهَدَه يَفعَلُه على وَجهِ الوُجوبِ ولَم يُنكِرْه.
وذلك نَحوُ عِلمِنا أنَّ عُقودَ الشَّرِكاتِ والمُضارَباتِ والقُروضِ، وما جَرى مَجرى ذلك، قد كانت في زَمَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وبحَضرَتِه، مَعَ عِلمِه بوُقوعِ ذلك مِنهم واستِفاضَتِها فيما بَينَهم، ولَم يُنكِرْها على فاعِلِها؛ فدَلَّ على إباحةِ ذلك مِن إقرارِه [593] يُنظر: ((الفصول)) للجصاص (2/37-38)، ((العدة)) لأبي يعلى (1/127). .

انظر أيضا: