المَعنَى الإجماليُّ:
يُخبِرُ تعالى أنَّ الَّذين امتَثلوا أمْرَ الله وأمرَ رسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعد غزوةِ أُحُدٍ مباشرةً بأنْ بادَروا بالاستعدادِ للقِتال مرةً أخرى، على ما بهم مِن آلامٍ جسديَّةٍ نتيجةَ الجِراح، وآلامٍ نَفسيَّةٍ بسببِ ما وقَع فيهم من قتْلٍ وهزيمة، للذين أحسنوا مِن هؤلاء عند الله أجرٌ عظيم. هؤلاء لم يَثْنِهم تَخويفُ بعضِ النَّاس لهم بأنَّ كفَّارَ قُرَيشٍ استعدُّوا للكَرَّة عليهم، وأنَّهم لا يَستطيعون مواجهتَهم، فما زادهم ذلك التخويفُ إلَّا إيمانًا ويقينًا، وقالوا: حسبُنا اللهُ ونِعمُ الوكيلُ، فرجَعوا من مَنطقةِ (حَمْراء الأسد)، وكانوا خرَجوا إليها لمدافَعةِ المشركين، رجَعوا بنعمةٍ مِن الله وفضلٍ، لم ينَلْهم أيُّ أذًى مِن أعدائِهم، واتَّبَعوا ما يُرضِي اللهَ تعالى باستجابتِهم لله ولرسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، واللهُ ذو الفَضلِ العظيمِ.
ثمَّ يُخبِرُهم تعالى أنَّ ذلك المخوِّفَ لكم هو الشَّيطانُ، يُريد أنْ يزرَعَ في قلوبكم الخوفَ من أوليائِه، الَّذين هم المشركونَ، ثمَّ نهاهم سبحانه عن الخَوفِ من المشركين، وأمَرهم بالخوفِ مِن اللهِ وحْده إنْ كانوا مُؤمِنينَ.
ثمَّ يَنهَى اللهُ نبيَّه محمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أن يُصيبَه الحزنُ بسبب الَّذين يُبادرون سريعًا في الكُفرِ لشدَّةِ رَغبتِهم فيه؛ فهؤلاءِ بكُفرِهم لن يضُرُّوا اللهَ شيئًا، وإنَّما يُريدُ اللهُ بمسارعتِهم في الكُفرِ ألَّا يجعَلَ لهم أيَّ حظٍّ من نعيمِ الآخِرة، ولهم العذابُ العظيم.