موسوعة الآداب الشرعية

رابعًا: نظافةُ مكانِ الذِّكرِ


يُستَحَبُّ أن يَكونَ الذِّكرُ في مَكانٍ نَظيفٍ طاهِرٍ، وأفضلُ ذلك المساجدُ [2008] يُنظر: ((الأذكار)) للنووي (ص: 12). .
الدَّليلُ على ذلك مِنَ الكتاب والسُّنَّةِ:
أ- مِن الكتابِ
قَولُه تعالى: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ [النور: 36] .
وفيه استِحبابُ ذِكرِ الله في المساجدِ [2009] يُنظر: ((الإكليل)) للسيوطي (ص: 194). .
ب- مِن السُّنَّةِ:
عن أنَسِ بنِ مالِكٍ رَضيَ اللهُ عنه، أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إنَّ هذه المَساجِدَ لا تَصلُحُ لشَيءٍ مِن هذا البَولِ ولا القَذَرِ، إنَّما هيَ لذِكرِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ، والصَّلاةِ، وقِراءةِ القُرآنِ)) [2010] أخرجه مسلم (285). .
قال أبو مَيسَرةَ: (لا يُذكَرُ اللهُ إلَّا في مَكانٍ طَيِّبٍ) [2011] أخرجه ابن سعد في ((الطبقات الكبرى)) (7475) واللفظ له، وابن أبي شيبة (1236). .
وأمَّا التَّعليلُ: فلأنَّ الذِّكرَ عِبادةٌ للرَّبِّ سُبحانَه، والنَّظافةُ على العُمومِ قد ورَدَ التَّرغيبُ فيها والأمرُ بالبُعدِ عنِ النَّجاسةِ، كما في قَولِه تعالى: وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ [المدثر: 4-5] .
ولا شَكَّ أنَّ القُعودَ حالَ الذكرِ والدُّعاءِ في مَكانٍ مُتَنَجِّسٍ يُخالِفُ آدابَ العِبادةِ، كما في آدابِ الصَّلاةِ مِن تَطهيرِ مَكانِها، وقد قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الذي لا يَتَنَزَّه عن بَولِه: ((إنَّ عامَّةَ عَذابِ القَبرِ مِنه)) [2012] لَفظُه: عن أنَسٍ قال: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((تَنَزَّهوا مِنَ البَولِ؛ فإنَّ عامَّةَ عَذابِ القَبرِ مِنه)). أخرجه الدارقطني (1/127)، وابن الجوزي في ((التحقيق)) (410). صحَّحه الألباني في ((إرواء الغليل)) (280)، وحَسَّن إسنادَه ابن كثير في ((إرشاد الفقيه)) (1/57)، وابن الملقن في ((تحفة المحتاج)) (1/217). وأخرجه الدراقطني (1/128) عن أبي هُرَيرةَ أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((استَنزِهوا مِنَ البَولِ؛ فإنَّ عامَّةَ عَذابِ القَبرِ مِنه)). صحَّحه ابنُ الملقن في ((البدر المنير)) (2/323). وأخرجه ابنُ ماجه (348)، وأحمد (8331) من حديث أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، بلَفظ: ((أكثَرُ عَذابِ القَبرِ مِنَ البَولِ)). صحَّحه الطحاوي في ((شرح مشكل الآثار)) (13/188)، والدارقطني في ((السنن)) (1/314)، والحاكم على شرط الشيخين في ((المستدرك)) (666)، والمنذري على شرط الشيخين في ((الترغيب والترهيب)) (1/114)، والألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (348). وفي الصَّحيحِ عنِ ابنِ عَبَّاس قال: (مَرَّ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على قَبرَينِ فقال: أمَا إنَّهما ليُعَذَّبانِ، وما يُعَذَّبانِ في كَبيرٍ، أمَّا أحَدُهما فكان يَمشي بالنَّميمةِ، وأمَّا الآخَرُ فكان لا يَستَتِرُ مِن بَولِه). أخرجه البخاري (218)، ومسلم (292) واللفظ له. .
والحاصِلُ أنَّ التَّنَزُّهَ عن مُلابَسةِ النَّجاسةِ مُطلَقًا مَندوبٌ إليه، فتَدخُلُ حالةُ الذكرِ الدُّعاءِ تَحتَ ذلك دُخولًا أوَّليًّا، وإن لَم يَرِدْ ما يَدُلُّ على هذا على الخُصوصِ [2013] يُنظر: ((تحفة الذاكرين)) للشوكاني (ص: 52، 53). .

انظر أيضا: