موسوعة الآداب الشرعية

خامسًا: البَدءُ بتَحميدِ اللهِ وتَمجيدِه والثَّناءِ عليه ثُمَّ الصَّلاةِ على رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم


يُستَحَبُّ للدَّاعي أن يَبدَأَ بتَمجيدِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ وتَحميدِه والثَّناءِ عليه، ثُمَّ يُثَنِّيَ بالصَّلاةِ على رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم [2119] قال ابنُ تيميَّةَ: (الصَّلاةُ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قَبلَ الدُّعاءِ، وفي وسَطِه وآخِرِه: مِن أقوى الأسبابِ التي يُرجى بها إجابةُ سائِرِ الدُّعاءِ). ((اقتضاء الصراط المستقيم)) (2/ 249). وقال ابنُ قَيِّمِ الجَوزيَّةِ بَعدَ ذِكرِه مواطِنَ الصَّلاةِ على الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عِندَ الدُّعاءِ: (الصَّلاةُ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم للدُّعاءِ بمَنزِلةِ الفاتِحةِ مِنَ الصَّلاةِ، وهذه المَواطِنُ التي تَقدَّمَت كُلُّها شُرِعَتِ الصَّلاةُ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فيها أمامَ الدُّعاءِ؛ فمِفتاحُ الدُّعاءِ الصَّلاةُ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، كما أنَّ مِفتاحَ الصَّلاةِ الطُّهورُ، فصَلَّى اللهُ عليه وعَلى آلِه وسَلَّمَ تَسليمًا. وقال أحمَدُ بنُ أبي الحواريِّ: سَمِعتُ أبا سُلَيمان الدَّارانيَّ يَقولُ: مَن أرادَ أن يَسألَ اللَّهَ حاجَته فليَبدَأْ بالصَّلاةِ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وليسأَلْ حاجَتَه، وليَختِمْ بالصَّلاةِ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ فإنَّ الصَّلاةَ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مَقبولةٌ، واللهُ أكرَمُ أن يَرُدَّ ما بَينَهما). ((جلاء الأفهام)) (ص: 377). ويُنظر: ((المنهاج في شعب الإيمان)) للحليمي (1/ 533). ، ثمَّ يدعو بما شاء.
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن فَضالةَ بنِ عُبَيدٍ رَضيَ اللهُ عنه، قال: ((سَمِعَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رَجُلًا يَدعو في صَلاتِه لَم يُمَجِّدِ اللهَ تعالى، ولَم يُصَلِّ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: عَجِلَ هذا، ثُمَّ دَعاه فقال له -أو لغَيرِه-: إذا صَلَّى أحَدكُم فليَبدَأْ بتَمجيدِ رَبِّه جَلَّ وعَزَّ، والثَّناءِ عليه، ثُمَّ يُصَلِّي على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ثُمَّ يَدعو بَعدُ بما شاءَ)) [2120] أخرجه أبو داود (1481) واللفظ له، وابن خزيمة (710)، والطبراني (18/307) (791). صحَّحه ابنُ خزيمة، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (1481)، والوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (1064). .
وفي لَفظٍ: ((فليَبدَأْ بتَحميدِ اللَّهِ)) [2121] أخرجه الترمذي (3477)، وأحمد (23937). صحَّحه ابن حبان في ((صحيحه)) (1960)، والحاكم على شرط الشيخين في ((المستدرك)) (1004)، وابن حجر في ((نتائج الأفكار)) (2/311)، وابن باز في ((فتاوى نور على الدرب)) (3/80)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (3477)، وقال الترمذي: حسن صحيح. .
2- عن فَضالةَ بنِ عُبَيدٍ رَضيَ اللهُ عنه، قال: ((بَينا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قاعِدٌ إذ دَخَلَ رَجُلٌ فصَلَّى فقال: اللَّهُمَّ اغفِرْ لي وارحَمْني، فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: عَجِلتَ أيُّها المُصَلِّي، إذا صَلَّيتَ فقَعَدتَ فاحمَدِ اللهَ بما هو أهلُه، وصَلِّ عليَّ ثُمَّ ادعُه. قال: ثُمَّ صَلَّى رَجُلٌ آخَرُ بَعدَ ذلك، فحَمِدَ اللَّهَ وصَلَّى على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أيُّها المُصَلِّي، ادعُ تُجَبْ)) [2122] أخرجه الترمذي (3476) واللفظ له، والنسائي (1284). صحَّحه ابنُ خزيمة (709)، والألباني في ((صحيح سنن النسائي)) (1284)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((شرح السنة)) (3/186)، وحَسَّنه الترمذي .
3- عن عَبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه، قال: ((كُنتُ أُصَلِّي والنَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأبو بَكرٍ وعُمَرُ مَعَه، فلَمَّا جَلَستُ بَدَأتُ بالثَّناءِ على اللهِ، ثُمَّ الصَّلاةِ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ثُمَّ دَعَوتُ لنَفسي، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: سَلْ تُعطَه، سَلْ تُعطَه)) [2123] أخرجه الترمذي (593)، والبغوي في ((شرح السنة)) (1401) واللفظ لهما، والضياء في ((الأحاديث المختارة)) (13). قال الترمذي، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (593): حسن صحيح، وحَسَّنه الوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (1/656)، وقال السخاوي في ((القول البديع)) (255): إسناده حسن أو صحيح، وحسن إسناده شعيب الأرناؤوط في تخريج ((شرح السنة)) (1401). وأخرَجَه مِن طَريقٍ آخَرَ دونَ ذِكرِ الثَّناءِ: أحمَد (4340)، وابنُ حِبَّان (1970)، والطبراني (9/62) (8417)، ولَفظُ أحمَدَ: عنِ ابنِ مَسعودٍ قال: ((دَخَلَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المَسجِدَ، وهو بَينَ أبي بَكرٍ وعُمَرَ، وإذا ابنُ مَسعودٍ يُصَلِّي، وإذا هو يَقرَأُ النِّساءَ، فانتَهى إلى رَأسِ المِائةِ، فجَعَل ابنُ مَسعودٍ يَدعو وهو قائِمٌ يُصَلِّي، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: اسأَلْ تُعطَه، اسأَلْ تُعطَه...)). صحَّحه ابنُ حبان، وصحَّحه بشواهده شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (4340). .
4- عن أنَسٍ رَضيَ اللهُ عنه: ((أنَّه كان مَعَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جالِسًا ورَجُلٌ يُصَلِّي، ثُمَّ دَعا: اللَّهُمَّ إنِّي أسألُك بأنَّ لَك الحَمدَ، لا إلَهَ إلَّا أنتَ المَنَّانُ، بَديعُ السَّمَواتِ والأرضِ، يا ذا الجَلالِ والإكرامِ، يا حَيُّ يا قَيُّومُ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: لَقد دَعا اللهَ باسمِه العَظيمِ، الذي إذا دُعيَ به أجابَ، وإذا سُئِلَ به أعطى)) [2124] أخرجه أبو داود (1495) واللفظ له، والترمذي (3544)، والنسائي (1300). صحَّحه ابنُ حبان في ((صحيحه)) (893)، والحاكم على شرط مسلم في ((المستدرك)) (1880)، وابن القيم في ((شفاء العليل)) (2/759)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (1495)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (1495). .
5- عن عَبدِ اللهِ بنِ بُرَيدةَ، عن أبيه رَضيَ اللهُ عنه، ((أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سَمِعَ رَجُلًا يَقولُ: اللَّهُمَّ إنِّي أسألُك أنِّي أشهَدُ أنَّك أنتَ اللهُ، لا إلَهَ إلَّا أنتَ، الأحَدُ الصَّمَدُ الذي لَم يَلِدْ ولَم يولَدْ ولَم يَكُنْ له كُفوًا أحَدٌ، فقال: لَقد سَألتَ اللَّهَ بالاسمِ الذي إذا سُئِلَ به أعطى، وإذا دُعيَ به أجابَ)) [2125] أخرجه أبو داود (1493) واللفظ له، والترمذي (3475)، وابن ماجه (3857). صحَّحه ابنُ حبان في ((صحيحه)) (891)، والحاكم على شرط الشيخين في ((المستدرك)) (1882)، وابن باز في ((مجموع الفتاوى)) (4/331)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (3475)، والوادعي على شرط الشيخين في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (159). .

انظر أيضا: