موسوعة الآداب الشرعية

ثالثًا: صَلاةُ رَكعَتَينِ قَبلَ دُعاءِ الاستِخارةِ


تُستَحَبُّ الاستِخارةُ بصَلاةِ رَكعَتَينِ مِن غَيرِ الفريضةِ قَبلَ الدُّعاءِ [2442] يُنظر: ((الأذكار)) للنووي (ص: 120). .
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
عن جابِرِ بنِ عَبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما، قال: ((كان رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُعَلِّمُنا الاستِخارةَ كما يُعَلِّمُنا السُّورةَ مِنَ القُرآنِ، يقولُ: إذا هَمَّ أحَدُكم بالأمرِ فليركَعْ رَكعَتَينِ مِن غَيرِ الفريضةِ، ثُمَّ ليقُلِ: اللَّهمَّ إنِّي أستخيرُك بعِلمِك، وأستقدِرُك بقُدرَتِك، وأسألُك مِن فضلِك العَظيمِ؛ فإنَّك تَقدِرُ ولا أقدِرُ، وتَعلَمُ ولا أعلمُ، وأنت عَلَّامُ الغُيوبِ، اللَّهمَّ إن كُنتَ تَعلمُ أنَّ هذا الأمرَ خَيرٌ لي في ديني ومَعاشي وعاقِبةِ أمري -أو قال: عاجِلِ أمري وآجِلِه- فاقدُرْه لي ويَسِّرْه لي، ثُمَّ بارِكْ لي فيه، وإنْ كُنتَ تَعلمُ أنَّ هذا الأمرَ شَرٌّ لي في ديني ومَعاشي وعاقِبةِ أمري -أو قال: في عاجِلِ أمري وآجِلِه- فاصرِفْه عنِّي واصرِفْني عنه، واقدُرْ لي الخَيرَ حَيثُ كان، ثُمَّ أرضِني، قال: ويُسَمِّي حاجَتَه)) [2443] أخرجه البخاري (1162). .
قَولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((فليَركَع رَكعَتَينِ)) أي: فليُصَلِّ، والأمرُ للنَّدبِ [2444] قال ابنُ حَجَرٍ: (يُؤخَذُ مِن قَولِه: "مِن غَيرِ الفريضةِ" أنَّ الأمرَ بصَلاةِ رَكعَتي الاستِخارةِ ليس على الوُجوبِ. قال شَيخُنا في شَرحِ التِّرمِذيِّ: ولَم أرَ مَن قال بوُجوبِ الاستِخارةِ...). ((فتح الباري)) (11/ 185). ، فالإتيانُ بالدُّعاءِ عَقِبَ الصَّلاةِ هو الأكمَلُ، وإلَّا فتَحصُلُ الاستِخارةُ بالدُّعاءِ إن تَعَذَّرَت عليه الصَّلاةُ أو لَم يُرِدْها، وكَمالُها برَكعَتَينِ غَيرِ الفريضةِ، بنيَّتِها والدُّعاءِ عَقِبَها [2445] يُنظر: ((الفتوحات الربانية)) لابن علان (3/ 348)، ((نيل الأوطار)) للشوكاني (3/ 88). .
فائِدةٌ:
قال ابنُ أبي جَمرةَ في تَقديمِ الصَّلاةِ على الدُّعاءِ: (الحِكمةُ هنا هيَ أنَّه لَمَّا أن كان هذا الدُّعاءُ مِن أكبَرِ الأشياءِ؛ إذ إنَّه عليه السَّلامُ أرادَ به الجَمعَ بَينَ صَلاحِ الدِّينِ والدُّنيا والآخِرةِ، فطالِبُ هذه الحاجةِ يَحتاجُ إلى قَرعِ بابِ المَلِكِ بأدَبٍ وحالٍ يُناسِبُ ما يَطلُبُ، ولا شَيءَ أرفعُ مِمَّا يُقرَعُ به بابُ المَولى مِنَ الصَّلاةِ؛ لِما فيها مِنَ الجَمعِ بَينَ التَّعظيمِ للهِ سُبحانَه والثَّناءِ عليه والافتِقارِ إليه حالًا ومَقالًا، وذِكرِه عَزَّ وجَلَّ وتِلاوةِ كِتابِه الذي به مَفاتِحُ الخَيرِ مِنَ الشِّفاءِ والهدى والرَّحمةِ وغَيرِ ذلك) [2446] ((بهجة النفوس)) (2/ 88). .

انظر أيضا: