تم اعتماد المنهجية من الجمعية الفقهية السعودية
برئاسة الشيخ الدكتور سعد بن تركي الخثلان
أستاذ الفقه بجامعة الإمام محمد بن سعود
عضو هيئة كبار العلماء (سابقاً)
السُّنَّةُ أن يُسَلِّمَ الصَّغيرُ على الكبيرِ، والقَليلُ على الكثيرِ، والمارُّ على القاعِدِ، والرَّاكِبُ على الماشي والجالِسِ. الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ: 1- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((يُسَلِّمُ الصَّغيرُ على الكبيرِ، والمارُّ على القاعِدِ، والقَليلُ على الكثيرِ)) [88] أخرجه البخاري (6231). . وفي رِوايةٍ: ((يُسَلِّمُ الرَّاكِبُ على الماشي، والماشي على القاعِدِ، والقَليلُ على الكثيرِ)) [89] أخرجها البخاري (6232)، ومسلم (2160). . 2- عن عَبدِ الرَّحمنِ بنِ شِبلٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: سَمِعتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ: ((ليُسلِّمِ الرَّاكِبُ على الرَّاجِلِ [90] الرَّاجِلُ: أي الماشي. يُنظر: ((التيسير)) للمناوي (2/ 319). ، وليُسلِّمِ الرَّاجِلُ على القاعِدِ، وليُسلِّمِ الأقَلُّ على الأكثَرِ، فمَن أجابَ السَّلامَ فهو له، ومَن لم يَجِبْ فلا شيءَ له)) [91] أخرجه أحمد (15666/4)، والبخاري في ((الأدب المفرد)) (992) واللفظ له، والطبراني كما في ((مجمع الزوائد)) للهيثمي (8/39). صَحَّحه الألباني في ((صحيح الأدب المفرد)) (763)، وصَحَّح إسنادَه البوصيري في ((إتحاف الخيرة المهرة)) (6/38)، وابن حجر في ((فتح الباري)) (11/17)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (15666/4). . 3- عن فَضالةَ بنِ عُبَيدٍ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((يُسَلِّمُ الفارِسُ على الماشي، والماشي على القائِمِ، والقَليلُ على الكثيرِ)) [92] أخرجه الترمذي (2705)، وأحمد (23941). صحَّحه ابن حبان في ((صحيحه)) (497)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (2705)، والوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (1063)، وقال الترمذي: حسن صحيح . وفي رِوايةٍ: ((يُسَلِّمُ الفارِسُ على القاعِدِ، والقَليلُ على الكثيرِ)) [93] أخرجها البخاري في ((الأدب المفرد)) (996). صَحَّحها الألباني في ((صحيح الأدب المفرد)) (765). . فوائدُ: إذا تَقابَل ماشيانِ أو راكِبانِ فمَن يَبدَأُ بالسَّلامِ إذا تَقابَل ماشيانِ أو راكِبانِ: فالأدَبُ أن يَبدَأ الصَّغيرُ بالسَّلامِ. قال ابنُ دَقيقِ العيدِ: (قال ابنُ رُشدٍ بَعدَ أن ذَكَرَ الرِّوايةَ في تَسليمِ الصَّغيرِ على الكَبيرِ، والرَّاكِبِ على الماشي: ومَعنى ذلك: إذا التَقَيا، فإن كان أحَدُهما راكِبًا والآخَرُ ماشيًا بَدَأ الرَّاكِبُ بالسَّلامِ، فإن كانا راكِبَينِ أو ماشيَينِ بَدَأ الصَّغيرُ بالسَّلامِ. وأمَّا المارُّ بغَيرِه أوِ الدَّاخِلُ عليه فهو الذي يَبدَأُ بالسَّلامِ، وإن كان الذي يَمُرُّ به راكِبًا أو صَغيرًا، وكذلك السَّائِرُ في الطَّريقِ، فتَقدُّمُه أوجَبَ عليه أن يَبدَأَ بالسَّلامِ، وإن كان صَغيرًا أو راكِبًا وهو ماشٍ) [94] ((شرح الإلمام)) (2/ 298). . إذا سَلَّمَ الكَبيرُ على الصَّغيرِ أوِ الكَثيرُ على القَليلِ أوِ الماشي على الرَّاكِبِ السُّنَّةُ أن يُسَلِّمَ الصَّغيرُ على الكَبيرِ، والقَليلُ على الكَثيرِ، والرَّاكِبُ على الماشي، فلو خولِفَ هذا فيَكونُ تَركًا مِنَ المُخالفِ لِما يَستَحِقُّه مِن سَلامِ غَيرِه عليه ولا يُكرَهُ. قال النَّوويُّ: (رُوِّينا في صحيحَيِ البخاريِّ ومُسلِمٍ عن أبي هرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «يُسَلِّمُ الرَّاكِبُ على الماشي، والماشي على القاعِدِ، والقَليلُ على الكَثيرِ» [95] أخرجه البخاري (6232)، ومسلم (2160). ، وفي رِوايةٍ للبُخاريِّ: «يُسَلِّمُ الصَّغيرُ على الكَبيرِ، والماشي على القاعِدِ، والقَليلُ على الكَثيرِ» [96] أخرجها البخاري (6231) باختلافٍ يسيرٍ؛ ولفظها: عن أبي هرَيرةَ قال رَضِيَ اللهُ عنه: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((يُسَلِّمُ الصَّغِيرُ علَى الكَبِيرِ، والمارُّ علَى القاعِدِ، والقَلِيلُ علَى الكَثِيرِ)) . قال أصحابُنا وغَيرُهم مِنَ العُلماءِ: هذا المَذكورُ هو السُّنَّةُ، فلو خالفوا فسَلَّمَ الماشي على الرَّاكِبِ، أوِ الجالسُ عليهما، لم يُكرَهْ، صَرَّحَ به الإمامُ أبو سَعدٍ المُتَولِّي وغَيرُه، وعلى مُقتَضى هذا لا يُكرَهُ ابتِداءُ الكَثيرينَ بالسَّلامِ على القَليلِ، والكَبيرِ على الصَّغيرِ، ويَكونُ هذا تَركًا لِما يَستَحِقُّه مِن سَلامِ غَيرِه عليه، وهذا الأدَبُ هو فيما إذا تَلاقى الاثنانِ في طَريقٍ، أمَّا إذا ورَدَ على قُعودٍ أو قاعِدٍ، فإنَّ الوارِدَ يَبدَأُ بالسَّلامِ على كُلِّ حالٍ، سَواءٌ كان صَغيرًا أو كَبيرًا، قَليلًا أو كَثيرًا، وسَمَّى أقَضى القُضاةِ هذا الثَّاني سُنَّةً، وسَمَّى الأوَّلَ أدَبًا وجَعله دونَ السُّنَّةِ في الفضيلةِ) [97] ((الأذكار)) (ص: 256). . وقال ابنُ حَجَرٍ: (قال المازَريُّ وغَيرُه: هذه المُناسَباتُ لا يُعتَرَضُ عليها بجُزئيَّاتٍ تُخالِفُها؛ لأنَّها لم تُنصَبْ نَصبَ العِلَلِ الواجِبةِ الاعتِبارِ حتَّى لا يَجوزَ أن يُعدَلَ عنها، حتَّى لوِ ابتَدَأ الماشي فسَلَّمَ على الرَّاكِبِ لم يَمتَنِعْ؛ لأنَّه مُمتَثِلٌ للأمرِ بإظهارِ السَّلامِ وإفشائِه، غَيرَ أنَّ مُراعاةَ ما ثَبَتَ في الحَديثِ أَولى، وهو خَبَرٌ بمَعنى الأمرِ على سَبيلِ الاستِحبابِ، ولا يَلزَمُ مِن تَركِ المُستَحَبِّ الكَراهةُ، بَل يَكونُ خِلافَ الأَولى، فلو تَرَكَ المَأمورُ بالابتِداءِ فبَدأه الآخَرُ كان المَأمورُ تارِكًا للمُستَحَبِّ، والآخَرُ فاعِلًا للسُّنَّةِ، إلَّا إن بادَرَ فيَكونُ تارِكًا للمُستَحَبِّ أيضًا، وقال المُتَولِّي: لو خالف الرَّاكِبُ أوِ الماشي ما دَلَّ عليه الخَبَرُ كُرِهَ، قال: والوارِدُ يَبدَأُ بكُلِّ حالٍ) [98] ((فتح الباري)) (11/ 17). ويُنظر: ((المعلم بفوائد مسلم)) للمازري (3/ 149). .