موسوعة الآداب الشرعية

رابعًا: تَركُ الشَّراهةِ


مِن أدَبِ الضَّيفِ: أن يُفارِقَ الشَّرَهَ في المأكلِ والمشربِ.
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن نافِعٍ قال: ((كان ابنُ عُمرَ لا يأكُلُ حتَّى يُؤتى بمِسكينٍ يأكلُ معَه، فأدخَلْتُ رجُلًا يأكُلُ معَه، فأكل كثيرًا، فقال: يا نافِعُ، لا تُدخِلْ هذا عليَّ، سمعْتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: المُؤمِنُ يأكُلُ في مِعًى واحِدٍ، والكافِرُ يأكُلُ في سبعةِ أمعاءٍ)) [598] أخرجه البخاريُّ (5393) واللفظُ له، ومسلمٌ (2060). .
يعني أنَّ الكافِرَ لا يُشبِعُه إلَّا مِلءُ أمعائِه السَّبعةِ؛ لأنَّه يأكُلُ بشراهةٍ وشهوةٍ، وحِرصًا للَّذَّةِ، وجَريًا على ذميمِ العادةِ، والمُؤمِنُ يُشبِعُه مِلءُ مِعًى واحِدٍ؛ لأنَّه يأكُلُ بُلغةً وقُوتًا عندَ الحاجةِ [599] يُنظر: ((أعلام الحديث)) للخطابي (3/ 2047)، ((فتح الباري)) لابن حجر (9/ 540). .
2- ومِن دُعائِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((اللَّهمَّ إنِّي أعوذُ بك مِن نَفسٍ لا تشبَعُ)) [600] أخرجه مسلمٌ (2722) من حديثِ زيدِ بنِ أرقَمَ رَضِيَ اللهُ عنه، بلفظِ: ((اللَّهمَّ إني أعوذُ بك من عِلمٍ لا ينفعُ، ومن قلبٍ لا يخشَعُ، ومن نفسٍ لا تشبَعُ)). ، وهو استِعاذةٌ مِن الحِرصِ والطَّمعِ والشَّرَهِ [601] ((شرح مسلم)) للنووي (17/ 41). .
مِن أخلاقِ السَّلفِ:
 1- كان ابنُ سِيرينَ إذا دُعيَ إلى وليمةٍ أو إلى عُرسٍ، دَخَل مَنزِلَه، فيَقولُ: اسقوني شَربةَ سَويقٍ [602] السَّويقُ: طعامٌ يُتَّخَذُ من مدقوقِ الحِنطةِ والشَّعيرِ، سُمِّيَ بذلك لانسياقِه في الحَلقِ. يُنظر: ((المخصص)) لابن سيده (1/ 437)، ((المعجم الوسيط)) (1/ 465). ، فيُقالُ له: يا أبا بَكرٍ، أنتَ تَذهَبُ إلى العُرسِ تَشرَبُ سَويقًا! فكان يَقولُ: إنِّي أكرَهُ أن أجعَلَ حِدَّةَ جوعي على طَعامِ النَّاسِ!) [603] يُنظر: ((الزهد)) لأحمد بن حنبل (1785)، ((البصائر والذخائر)) لأبي حيان (9/ 182). .
2- قالوا: (مِنَ اللُّؤمِ أن تُلقيَ كَلبَ جُوعِك على طَعامِ غَيرِك) [604] ((ربيع الأبرار)) للزمخشري (3/ 228). .

انظر أيضا: