تم اعتماد المنهجية من الجمعية الفقهية السعودية
برئاسة الشيخ الدكتور سعد بن تركي الخثلان
أستاذ الفقه بجامعة الإمام محمد بن سعود
عضو هيئة كبار العلماء (سابقاً)
مِن أدَبِ المَجلِسِ: ألَّا يُفرِّقَ بَينَ اثنَينِ إلَّا بإذنِهما. الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ: 1- عن عبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو رضِيَ اللهُ عنهما، عن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((لا يَحِلُّ لرَجُلٍ أن يُفرِّقَ بَينَ اثنَينِ إلَّا بإذنِهما)) [1064] أخرجه أبو داود (4845) واللَّفظُ له، والترمذي (2752)، وأحمد (6999). قال الترمذيُّ، والألبانيُّ في ((صحيح سنن أبي داود)) (4845): حسنٌ صحيحٌ، وصَحَّح إسنادَه أحمد شاكر في تخريج ((مسند أحمد)) (6999)، وحسَّنه ابن باز في ((الفوائد العلمية)) (6/29)، شعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (4845) . 2- عن سَلمانَ الفارِسيِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَنِ اغتَسَل يَومَ الجُمُعةِ، وتطَهَّر بما استَطاعَ من طُهرٍ، ثُمَّ ادَّهَنَ أو مَسَّ مِن طيبٍ، ثُمَّ راحَ فلم يُفرِّقْ بَينَ اثنَينِ، فصَلَّى ما كُتِبَ له، ثُمَّ إذا خَرَجَ الإمامُ أنصَتَ؛ غُفِرَ له ما بَينَه وبَينَ الجُمُعةِ الأُخرى)) [1065] أخرجه البخاري (910). . قال ابنُ رَجَبٍ: (التَّفريقُ بَينَ اثنَينِ يَدخُلُ فيه شَيئانِ؛ أحَدُهما: أن يَتَخَطَّاهما ويَتَجاوزَهما إلى صَفٍّ مُتَقدِّمٍ. وقد خَرَّجَ أبو داودَ نَحوَ هذا الحَديثِ من حديثِ أبي هُرَيرةَ وحَديثِ أبي سَعيدٍ، عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وفيه: «ولم يَتَخَطَّ رِقابَ النَّاسِ» [1066] أخرجه أبو داود (343) بلفظ: "فلم يَتَخَطَّ أعناقَ النَّاسِ"، وأحمد (11768) بلفظ: "فلم يَتَخَطَّ رِقابَ النَّاسِ". صَحَّحه ابنُ الملقن في ((البدر المنير)) (4/670)، والألباني في ((صحيح الجامع)) (6066)، وحسَّنه النووي في ((خلاصة الأحكام)) (2/779) ، ومن حديثِ عبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو أيضًا، عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم [1067] أخرجه أبو داود (347)، وابن خزيمة (1810)، والبيهقي (6098)، ولفظُ أبي داودَ: عن عبدِ اللهِ بنِ عَمرِو بنِ العاصِ، عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: ((مَنِ اغتَسَل يَومَ الجُمُعةِ ومَسَّ مِن طيبِ امرَأتِه إن كان لها، ولبسَ مِن صالحِ ثيابِه، ثُمَّ لم يَتَخَطَّ رِقابَ النَّاسِ، ولم يَلغُ عِندَ المَوعِظةِ، كانت كَفَّارةً لِما بَينَهما، ومَن لغا وتَخَطَّى رِقابَ النَّاسِ كانت له ظُهرًا)). حسَّنه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (347)، وحسَّن إسنادَه السخاوي في ((الأجوبة المرضية)) (1/159)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (347). وقد ذهَب إلى تصحيحِه ابنُ خزيمةَ. . وخَرَّجَه الإمامُ أحمَدُ من حديثِ أبي أيُّوبَ، ومن حديثِ نُبَيشةَ الهُذَليِّ، عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وفي حَديثِهما: «ولم يُؤذِ أحَدًا» [1068] حديثُ أبي أيُّوبَ: أخرجه أحمد (23571)، وابن خزيمة (1775)، والطبراني (4/161) (4007)، ولفظُ أحمدَ: عن أبي أيُّوبَ الأنصاريِّ، قال: سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ: ((مَنِ اغتَسَل يَومَ الجُمُعةِ، ومَسَّ مِن طيبٍ إن كان عِندَه، ولبسَ مِن أحسَنِ ثيابِه، ثُمَّ خَرَجَ حتَّى يَأتيَ المَسجِدَ فيَركَعَ إن بَدا له، ولم يُؤذِ أحَدًا، ثُمَّ أنصَتَ إذا خَرَجَ إمامُه حتَّى يُصَلِّيَ؛ كانت كَفَّارةً لِما بَينَها وبَينَ الجُمُعةِ الأُخرى)). صَحَّحه لغيره الألباني في ((صحيح الترغيب)) (688)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (23571)، وقد ذهَب إلى تصحيحِه ابن خزيمةَ. وحَديثُ نُبَيشةَ الهُذَليِّ: أخرجه أحمد (20721) بلفظِ: عن عَطاءٍ الخُراسانيِّ، قال: كان نُبَيشةُ الهُذَليُّ يُحَدِّثُ عن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أنَّ المسلمَ إذا اغتَسَل يَومَ الجُمُعةِ، ثُمَّ أقبَل إلى المَسجِدِ لا يُؤذي أحَدًا، فإن لم يَجِدِ الإمامَ خَرَجَ صَلَّى ما بَدا له، وإن وجَدَ الإمامَ قد خَرَجَ جَلسَ فاستَمَعَ وأنصَتَ حتَّى يَقضيَ الإمامُ جُمُعتَه وكَلامَه، إن لم يُغفَرْ له في جُمُعَتِه تلك ذُنوبُه كُلُّها، أن تَكونَ كَفَّارةً للجُمُعةِ التي تَليها)). ضعَّفه الألباني في ((ضعيف الترغيب)) (422)، وذكر الضياء المقدسي في ((السنن والأحكام)) (2/349) أنَّ فيه عطاءً الخُراسانيَّ: تكلَّم فيه بعضُ الأئمَّةِ، وذكر المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (1/333) أنَّ فيه عَطاءً، لم يَسمَعْ مِن نُبَيشةَ فيما أعلمُ، وقال الشَّوكانيُّ في ((نيل الأوطار)) (3/312): في إسنادِه عَطاءٌ الخُراسانيُّ، وفيه مَقالٌ، وقد وثَّقَه الجُمهورُ، ولكِنَّه قيل: إنَّه لم يَسمَعْ مِن نُبَيشةَ. . ومن حديثِ أبي الدَّرداءِ، عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وفي حَديثِه: «ولم يَتَخَطَّ أحَدًا، ولم يُؤذِه» [1069] أخرجه أحمد (21729)، والطبراني كما في ((مجمع الزوائد)) للهيثمي (2/174)، ولفظُ أحمدَ: عن أبي الدَّرداءِ، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَنِ اغتَسَل يَومَ الجُمعةِ، ثُمَّ لبسَ ثيابَه، ومَسَّ طيبًا إن كان عِندَه، ثُمَّ مَشى إلى الجُمعةِ وعَليه السَّكينةُ، ولم يَتَخَطَّ أحَدًا، ولم يُؤذِه، ورَكَعَ ما قُضيَ له، ثُمَّ انتَظَرَ حتَّى يَنصَرِف الإمامُ؛ غُفِرَ له ما بَينَ الجُمعَتَينِ)). صَحَّحه لغَيرِه شُعَيب الأرناؤوط في تَخريج ((مسند أحمد)) (21729). . وقد تَقدَّمَ حَديثُ عَبدِ اللَّهِ بنِ بُسرٍ، قال: جاءَ رَجُلٌ يَتَخَطَّى رِقابَ النَّاسِ يَومَ الجُمُعةِ، والنَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَخطُبُ، فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «اجلِسْ، فقد آذَيتَ» [1070] أخرجه أبو داود (1118) واللفظ له، والنسائي (1399)، وأحمد (17674). صَحَّحه ابن خزيمة في ((الصحيح)) (3/281)، وابن حبان في ((صحيحه)) (2790)، والحاكم على شرط مسلم في ((المستدرك)) (1075)، وأحمد شاكر في تخريج ((المحلى)) (5/70). . الثَّاني -مِمَّا يَدخُلُ في التَّفريقِ بَينَ اثنَينِ-: الجُلوسُ بَينَهما إن كانا جالسَينِ، أوِ القيامُ بَينَهما إن كانا قائِمَينِ في صَلاةٍ. فإن كان ذلك مِن غَيرِ تَضييقٍ عليهما ولا دَفعٍ ولا أذًى، مِثلُ أن يَكونَ بَينَهما فُرجةٌ، فإنَّه يَجوزُ، بَل يُستَحَبُّ؛ لأنَّه مأمورٌ بسَدِّ الخَلَلِ في الصَّفِّ، وإلَّا فهو مَنهيٌّ عنه، إلَّا أن يأذنا في ذلك. ورَوى عَمرُو بنُ شُعَيبٍ، عن أبيه، عن جَدِّه، أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «لا يَحِلُّ للرَّجُلِ أن يُفرِّقَ بَينَ اثنَينِ إلَّا بإذنِهما» [1071] أخرجه أبو داود (4845)، والترمذي (2752) واللَّفظُ له، وأحمد (6999). قال الترمذي، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (4845): حسن صحيح، وصَحَّح إسنادَه أحمد شاكر في تخريج ((مسند أحمد)) (6999)، وحسنه ابن باز في ((الفوائد العلمية)) (6/29)، شعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (4845). . فإن كان الجالِسانِ بَينَهما قَرابةٌ، أو كانا يَتَحَدَّثانِ فيما يُباحُ، كان أشَدَّ كَراهةً ... قال الإمامُ أحمَدُ في الرَّجُلِ يَنتَهي إلى الصَّفِّ وقد تَمَّ، فيَدخُلُ بَينَ رَجُلينِ: إن عَلِم أنَّه لا يَشُقُّ عليهم. قال القاضي أبو يَعلى: إن شَقَّ عليهم لم يَجُزْ؛ لأنَّ فيه أذيَّةً لهم، وشَغلًا لقُلوبِهم) [1072] ((فتح الباري)) (8/ 201 - 207). .