موسوعة الآداب الشرعية

أولًا: أن يَستخيرَ اللهَ عَزَّ وجَلَّ


يُستَحَبُّ لمَن عَزمَ على النِّكاحِ أن يَستَخيرَ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ.
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن جابِرِ بنِ عَبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما، قال: ((كان رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُعَلِّمُنا الاستِخارةَ كما يُعَلِّمُنا السُّورةَ مِنَ القُرآنِ، يقولُ: إذا هَمَّ أحَدُكم بالأمرِ فليركَعْ رَكعَتَينِ مِن غَيرِ الفريضةِ، ثُمَّ ليقُلِ: اللَّهمَّ إنِّي أستخيرُك بعِلمِك، وأستقدِرُك بقُدرَتِك، وأسألُك مِن فضلِك العَظيمِ؛ فإنَّك تَقدِرُ ولا أقدِرُ، وتَعلَمُ ولا أعلمُ، وأنت عَلَّامُ الغُيوبِ، اللَّهمَّ إن كُنتَ تَعلمُ أنَّ هذا الأمرَ خَيرٌ لي في ديني ومَعاشي وعاقِبةِ أمري -أو قال: عاجِلِ أمري وآجِلِه- فاقدُرْه لي ويَسِّرْه لي، ثُمَّ بارِكْ لي فيه، وإنْ كُنتَ تَعلمُ أنَّ هذا الأمرَ شَرٌّ لي في ديني ومَعاشي وعاقِبةِ أمري -أو قال: في عاجِلِ أمري وآجِلِه- فاصرِفْه عنِّي واصرِفْني عنه، واقدُرْ لي الخَيرَ حَيثُ كان، ثُمَّ أرضِني، قال: ويُسَمِّي حاجتَه)) [1138] أخرجه البخاري (1162). .
2- عن أنَسِ بنِ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه، قال: ((لمَّا انقَضَت عِدَّةُ زَينَبَ قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لزَيدٍ: فاذكُرْها عَلَيَّ، قال: فانطَلَقَ زَيدٌ حَتَّى أتاها وهيَ تُخَمِّرُ عَجينَها، قال: فلَمَّا رَأيتُها عَظُمَت في صَدري، حَتَّى ما أستَطيعُ أن أنظُرَ إليها؛ أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذَكَرَها، فوَلَّيتُها ظَهري، ونَكَصتُ على عَقِبي [1139] نَكَصتُ على عَقِبي: أي رَجَعتُ إلى ورائي أمشي القَهقَرى مِن حَيثُ جِئتُ، والنُّكوصُ: الإحجامُ عنِ الشَّيءِ. يُنظر: ((المفردات)) للراغب (ص: 824)، ((مشارق الأنوار)) لعياض (2/ 13)، ((جامع الأصول)) لابن الأثير (8/ 602)، ((عمدة الحفاظ)) للسمين الحلبي (4/ 221). ، فقُلتُ: يا زَينَبُ، أرسَلَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَذكُرُكِ، قالت: ما أنا بصانِعةٍ شَيئًا حَتَّى أُوامِرَ [1140] أُؤامِرَ رَبِّي: أي: أستَخيرَه، وأنظُرَ أمرَه عليَّ على لسانِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم. يُنظر: ((الإفصاح)) لابن هبيرة (5/ 29)، ((المفهم)) لأبي العباس القرطبي (4/ 147). رَبِّي، فقامَت إلى مَسجِدِها...)) [1141] أخرجه مسلم (1428). .
ففي هذا استِحبابُ صَلاةِ الاستِخارةِ لمَن هَمَّ بأمرٍ، سَواءٌ كان ذلك الأمرُ ظاهِرَ الخَيرِ أم لا، وأنَّ الصَّلاةَ تُقدَّمُ على الدُّعاءِ؛ لقَولِه: (فقامَت إلى مَسجِدِها)، أي مَوضِعِ صَلاتِها مِن بَيتِها [1142] يُنظر: ((الإفصاح عن معاني الصحاح)) لابن هبيرة (5/ 29)، ((شرح مسلم)) للنووي (9/ 228). .

انظر أيضا: