موسوعة الآداب الشرعية

سابعًا: النَّظَرُ إلى مَن يُريدُ الزواجَ منها


يُسَنُّ أن يَنظُرَ الرَّجُلُ إلى مَن يُريدُ تَزَوُّجَها [1218] ويَجوزُ أن تنظُرَ المَخطوبةُ إلى الخاطِبِ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ؛ وذلك لأنَّه يُعجِبُها مِنَ الخاطِبِ ما يُعجِبُه. يُنظر: ((حاشية ابن عابدين)) (6/370)، ((الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي)) (2/215)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (7/190)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/10). ولبَيانِ حُدودِ النَّظَرِ ووَقتِه وحُكمِ تَكرارِه وغَيرِ ذلك. يُنظر: ((فقه الأسرة)) إعداد القسم العلمي بمؤسسة الدرر السنية (ص: 45). .
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن أبي هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه، قال: ((كُنتُ عِندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فأتاه رَجُلٌ فأخبَرَه أنَّه تَزَوَّجَ امرَأةً مِنَ الأنصارِ، فقال له رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أنَظَرتَ إليها؟ قال: لا، قال: فاذهَبْ فانظُرْ إليها؛ فإنَّ في أعيُنِ الأنصارِ شَيئًا [1219] شَيئًا: هو واحِدُ الأشياءِ، أي: شَيئًا لا يَستَقِرُّ عليه الطَّبعُ، قد يَكونُ سَبَبًا للنُّفرةِ، قيل: المُرادُ صِغَرٌ، وقيل: زُرقةٌ، وقيل غَيرُ ذلك، والمُعتَمَدُ الأوَّلُ. يُنظر: ((الميسر)) للتوربشتي (3/ 740)، ((شرح مسلم)) للنووي (9/ 210)، ((فتح الباري)) لابن حجر (9/ 181). ) [1220] أخرجه مسلم (1424). .
2- عَنِ المُغيرةِ بنِ شُعبةَ رَضيَ اللهُ عنه ((أنَّه خَطَب امرَأةً، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: انظُرْ إليها؛ فإنَّه أحرى أن يُؤدَمَ بَينَكُما)) [1221] أخرجه الترمذي (1087) واللفظ له، والنسائي (3235). صحَّحه ابنُ القطانِ في ((النظر في أحكام النظر)) (387)، وابنُ الملقنِ في ((البدر المنير)) (7/503)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (1087)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((شرح مشكل الآثار)) (11/289). .
قال التِّرمِذيُّ: (مَعنى قَولِه: «أحرى أن يُؤدَمَ بَينَكُما»: أحرى أن تَدومَ المَودَّةُ بَينَكُما) [1222] ((السنن)) (3/ 389). .
وفي رِوايةٍ عن بَكرِ بنِ عَبدِ اللهِ المُزَنيِّ، عَنِ المُغيرةِ بنِ شُعبةَ رَضيَ اللهُ عنه، قال: ((أتَيتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فذَكَرتُ له امرَأةً أخطُبُها، فقال: اذهَبْ فانظُرْ إليها؛ فإنَّه أجدَرُ أن يُؤدَمَ بَينَكُما)). فأتَيتُ امرَأةً مِنَ الأنصارِ فخَطَبتُها إلى أبَويها، وأخبَرتُهما بقَولِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فكَأنَّهما كَرِها ذلك، قال: فسَمِعَت ذلك المَرأةُ وهيَ في خِدرِها [1223] الخِدرُ: سِترٌ يُجعَلُ للجاريةِ البكرِ في ناحيةِ البَيتِ. يُنظر: ((تهذيب اللغة)) لأبي منصور الأزهري (7/ 119)، ((إكمال المعلم)) لعياض (7/ 284). ، فقالت: إن كان رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمَرَك أن تَنظُرَ فانظُرْ، وإلَّا فأَنشُدُك! كَأنَّها أعظَمَت ذلك، قال: فنَظَرتُ إليها فتَزَوَّجتُها، فذَكَرَ مِن موافَقَتِها [1224] أخرجها ابن ماجه (1866) واللفظ له، وأحمد (18137). صحَّحها ابنُ الملقن في ((البدر المنير)) (7/503)، والألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (1866). .
3- عن جابرِ بنِ عَبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما، قال: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا خَطَبَ أحَدُكُمُ المَرأةَ، فإنِ استَطاعَ أن يَنظُرَ إلى ما يَدعوه إلى نِكاحِها فليَفعَلْ))، قال: فخَطَبتُ جاريةً فكُنتُ أتخَبَّأُ لَها حَتَّى رَأيتُ مِنها ما دَعاني إلى نِكاحِها وتَزَوُّجِها، فتَزَوَّجتُها [1225] أخرجه أبو داود (2082) واللفظ له، وأحمد (14586). حَسَّنه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (2082)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (14586)، وحسن إسناده ابن حجر في ((الدراية)) (2/226). .
4- عن سَهلِ بنِ سَعدٍ رَضيَ اللهُ عنه ((أنَّ امرَأةً جاءَت رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقالت: يا رَسولَ اللهِ، جِئتُ لأهَبَ لَك نَفسي، فنَظَرَ إليها رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فصَعَّدَ النَّظَرَ إليها وصَوَّبَه، ثُمَّ طَأطَأ رَأسَه! فلَمَّا رَأتِ المَرأةُ أنَّه لَم يَقضِ فيها شَيئًا جَلَسَت...)) الحديثَ [1226] أخرجه البخاري (5030). .
فقَولُه: ((فصَعَّدَ النَّظَرَ إليها وصَوَّبَه، ثُمَّ طَأطَأ رَأسَه)) دَليلٌ على جَوازِ النَّظَرِ إلى مَن يُرادُ نِكاحُها [1227] يُنظر: ((إكمال المعلم)) لعياض (4/ 578)، ((التحبير لإيضاح معاني التيسير)) للصنعاني (6/ 681)، ((سبل السلام)) للصنعاني (2/ 168). .

انظر أيضا: