موسوعة الآداب الشرعية

تاسعًا: تيسيرُ المَهرِ


يُستَحَبُّ تَيسيرُ المَهرِ، وعَدَمُ المُغالاةِ فيه.
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن عُروةَ، عن عائِشةَ رَضيَ اللهُ عنها، أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إنَّ مِن يُمنِ [1239] يُمنُ المرأةِ: أي: بَرَكتُها. يُنظر: ((التيسير بشرح الجامع الصغير)) للمناوي (1/ 352). المَرأةِ تَيسيرَ خِطبَتِها، وتَيسيرَ صَداقِها، وتَيسيرَ رَحِمِها)). قال عُروةُ: (يَعني: يَتَيَسَّرُ رَحِمُها للوِلادةِ)، قال عُروةُ: (وأنا أقولُ مِن عِندي: مِن أوَّلِ شُؤمِها أن يَكثُرَ صَداقُها) [1240] أخرجه أحمد (24478) دون قول عروة، والحاكم (2739) واللفظ له، والبيهقي (14746) باختلافٍ يسيرٍ. حَسَّنه الألباني في ((صحيح الجامع)) (2235)، وجوَّد إسنادَه العراقي في ((تخريج الإحياء)) (2/52)، والسخاوي في ((المقاصد الحسنة)) (244)، وحَسَّنه شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (24478).
2- عن عُقبةَ بنِ عامرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((خَيرُ الصَّداقِ أيسَرُه)) [1241] أخرجه الحاكم (2780)، والبيهقي (14721) من حديثِ عُقبةَ بنِ عامرٍ رَضِيَ اللهُ عنه. صحَّحه الحاكم وقال: على شرطِ الشَّيخينِ، والألباني في ((صحيح الجامع)) (3279). وأخرجه أبو داود (2117)، وابن حبان (4072)، والطبراني في ((المعجم الأوسط)) (724) بلفظِ: "خَيرُ النِّكاحِ أيسَرُه". صحَّحه ابنُ حبان، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (2117)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (2117). .
3- عن أبي سَلَمةَ بنِ عَبدِ الرَّحمَنِ، أنَّه قال: ((سَألتُ عائِشةَ زَوجَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: كَم كان صَداقُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؟ قالت: كان صَداقُه لأزواجِه ثِنتَي عَشرةَ أوقيَّةً ونَشًّا، قالت: أتدري ما النَّشُّ؟ قال: قُلتُ: لا، قالت: نِصفُ أوقيَّةٍ، فتلك خَمسُمِائةِ دِرهَمٍ، فهذا صَداقُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لأزواجِه)) [1242] أخرجه مسلم (1426). .
4- عن عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه، قال: ((لا تُغالوا صَداقَ النِّساءِ؛ فإنَّها لَو كانت مَكرُمةً في الدُّنيا، أو تَقوى عِندَ اللهِ، كان أولاكُم وأحَقَّكُم بها مُحَمَّدٌ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ما أصدَقَ امرَأةً مِن نِسائِه ولا أُصدِقَتِ امرَأةٌ مِن بَناتِه أكثَرَ مِنِ اثنَتَيْ عَشْرةَ أوقيَّةً [1243] الأوقيَّةُ المرادُ بها أوقيَّةُ الحِجازِ، وهي أربعونَ دِرهمًا. يُنظر: ((غريب الحديث)) للقاسم بن سلام (1/ 412)، ((تهذيب اللغة)) لأبي منصور الأزهري (9/ 279)، ((معالم السنن)) للخطابي (3/ 209)، ((شرح مسلم)) للنووي (9/ 215). ، وإنَّ الرَّجُلَ ليُثقِّلُ صَدُقةَ امرَأتِه حَتَّى يَكونَ لَها عَداوةٌ في نَفسِه، ويَقولَ: قد كُلِّفتُ إليك عَلَقَ القِربةِ، أو عَرَقَ القِربةِ [1244] قال ابنُ الأثيرِ: (يُقالُ: جَشمتُ إليك عَلَقَ القِربةِ، وعَرَقَ القِربةِ، أي: تَكَلَّفتُ إليك وتَعِبتُ حَتَّى عَرِقتُ كعَرَقِ القِربةِ، قال الأصمَعيُّ: عَرَقُ القِربةِ، مَعناه: الشِّدَّةُ، ولا أدري ما أصلُه، وقال غَيرُه: العَرَقُ إنَّما هو للرَّجُلِ لا للقِربةِ، قال وأصلُه: أنَّ القِرَبَ إنَّما كان يَحمِلُها الإماءُ ومَن لا مُعينَ له، ورُبَّما افتَقَرَ الرَّجُلُ الكَريمُ واحتاجَ إلى حَملِها فيَعرَقُ؛ لِما يَلحَقُه مِنَ المَشَقَّةِ والحَياءِ مِنَ النَّاسِ، وهذا إنَّما يُقالُ في الأمرِ يَجِدُ مِنه الإنسانُ كُلفةً وشِدَّةً). ((جامع الأصول)) (7/ 9). وقال أيضًا: (أي: تَكَلَّفتُ إليك وتَعِبتُ حَتَّى عَرِقتُ كعَرَقِ القِربةِ، وعَرَقُها: سَيَلانُ مائِها. وقيلَ: أرادَ بعَرَقِ القِربةِ عَرَقَ حامِلِها مِن ثِقلِها. وقيلَ: أرادَ إنِّي قَصَدتُك وسافَرتُ إليك واحتَجتُ إلى عَرَقِ القِربةِ، وهو ماؤُها. وقيلَ: أرادَ تَكَلَّفتُ لَك ما لَم يَبلُغْه أحَدٌ وما لا يَكونُ؛ لأنَّ القِربةَ لا تَعرَقُ). ((النهاية في غريب الحديث والأثر)) (3/ 220، 221). ) [1245] أخرجه أبو داود (2106)، والترمذي (1114)، وابن ماجه (1887) واللفظ له.  صحَّحه ابنُ حبان في ((صحيحه)) (4620)، والألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (1887)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (285)، وقال الترمذي: حسن صحيح. .
5- عن أبي هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه، قال: ((جاءَ رَجُلٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: إنِّي تَزَوَّجتُ امرَأةً مِنَ الأنصارِ، فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: هَل نَظَرتَ إليها؟ فإنَّ في عُيونِ الأنصارِ شَيئًا، قال: قد نَظَرتُ إليها، قال: على كَم تَزَوَّجتَها؟ قال: على أربَعِ أواقٍ [1246] أواقٍ: جمعُ أوقيَّةٍ، والمرادُ بها أوقيَّةُ الحِجازِ، وهي أربعونَ دِرهمًا. يُنظر: ((غريب الحديث)) للقاسم بن سلام (1/ 412)، ((شرح مسلم)) للنووي (9/ 215). ! فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: على أربَعِ أواقٍ؟! كَأنَّما تَنحِتونَ الفِضَّةَ مِن عُرضِ هذا الجَبَلِ! ما عِندَنا ما نُعطيك، ولَكِن عَسى أن نَبعَثَك في بَعثٍ تُصيبُ مِنه، قال: فبَعَثَ بَعثًا إلى بَني عَبسٍ بَعَث ذلك الرَّجُلَ فيهم)) [1247] أخرجه مسلم (1424). .
قال النَّوويُّ: (العُرضُ -بضَمِّ العَينِ وإسكانِ الرَّاءِ-: هو الجانِبُ والنَّاحيةُ، وتَنحِتونَ، بكَسرِ الحاءِ، أي: تَقشِرونَ وتَقطَعونَ. ومَعنى هذا الكَلامِ كَراهةُ إكثارِ المَهرِ بالنِّسبةِ إلى حالِ الزَّوجِ) [1248] ((شرح مسلم)) (9/ 211). .

انظر أيضا: