موسوعة الآداب الشرعية

ثالثًا: حثُّه على تحسينِ الظَّنِّ باللهِ


يَنْبغي حثُّ المحتضَرِ على تحسينِ ظنِّه باللهِ عزَّ وجلَّ [1491] قال النَّوويُّ: (اتَّفَق أصحابُنا وغيرُهم على أنَّه يُستحَبُّ للمريضِ ومَن حَضَرَته أسبابُ الموتِ ومعاناتُه أن يكونَ حَسَنَ الظَّنِّ باللهِ تعالى راجيًا رحمتَه... وقد تتبَّعتُ الأحاديثَ الصَّحيحةَ الواردةَ في الخَوفِ والرَّجاءِ، وجمعتُها في كتابِ "رياض الصَّالحين"، فوجَدتُ أحاديثَ الرَّجاءِ أضعافَ الخَوفِ مع ظهورِ الرَّجاءِ فيها. ويسُتحَبُّ للحاضِرِ عندَ المحتَضَرِ أن يُطمِعَه في رحمةِ اللهِ تعالى ويحُثَّه على تحسينِ ظَنِّه برَبِّه سُبحانَه وتعالى، وأن يَذكُرَ له الآياتِ والأحاديثَ في الرَّجاءِ ويُنَشِّطَه لذلك). ((المجموع)) (5/ 108، 109). وقال أيضًا: (قال العُلَماءُ: معنى حُسْنِ الظَّنِّ باللهِ تعالى: أن يظُنَّ أنَّه يرحمُه، ويعفو عنه. قالوا: وفي حالةِ الصِّحَّةِ يكونُ خائفًا راجيًا، ويكونان سواءً، وقيل: يكونُ الخوفُ أرجَحَ. فإذا دنت أماراتُ الموتِ غلَّب الرَّجاءَ أو محَّضَه؛ لأنَّ مقصودَ الخوفِ الانكفافُ عن المعاصي والقبائِحِ، والحرصُ على الإكثارِ من الطَّاعاتِ والأعمالِ، وقد تعذَّر ذلك أو مُعظَمُه في هذا الحالِ، واستُحِبَّ إحسانُ الظَّنِّ المتضَمِّنُ للافتقارِ إلى اللهِ تعالى، والإذعانِ له). ((شرح مسلم)) (17/ 210). .
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ الأنصاريِّ رَضِيَ الله عنهما، قال: سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم قبلَ موتِه بثلاثةِ أيَّامٍ يقولُ: ((لا يَموتَنَّ أحدُكم إلَّا وهو يُحسِنُ الظَّنَّ باللهِ عزَّ وجلَّ)) [1492] أخرجه مسلم (2877). .
2- عن حَيَّانَ أبي النَّضرِ، قال: دَخَلتُ مَعَ واثِلةَ بنِ الأسقَعِ على أبي الأسوَدِ الجُرَشيِّ في مَرَضِه الذي ماتَ فيه، فسَلَّمَ عليه، وجَلسَ... فقال له واثِلةُ: واحِدةٌ أسألُك عنها؟ قال: وما هيَ؟ قال: كيف ظَنُّك برَبِّك؟ قال: فقال أبو الأسوَدِ: وأشارَ برَأسِه، أي: حَسَنٌ، قال واثِلةُ: أبشِرْ؛ إنِّي سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ: ((قال اللهُ عَزَّ وجَلَّ: أنا عِندَ ظَنِّ عَبدي بي، فليَظُنَّ بي ما شاءَ)) [1493] أخرجه أحمد (16016) واللَّفظُ له، والدارمي (2731) دون القصة في أوله، وابن حبان (641) بنحوه. صَحَّحه ابن حبان، والألباني في ((صحيح الجامع)) (4316)، والوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (2/244)، وصَحَّحَ إسنادَه الحاكم في ((المستدرك)) (7812)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (16016). .

انظر أيضا: