موسوعة الآداب الشرعية

سادسًا: تغطيةُ الميِّتِ


تُستحَبُّ تغطيةُ الميِّتِ بعدَ مَوتِه [1556] لكنْ إذا مات وهو مُحرِمٌ، فإنَّه لا يُغطَّى رأسُه؛ لحديثِ ابنِ عبَّاسٍ عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في المُحْرِمِ الذي وَقَصَتْه دابَّتُه فمات، قال: ((لا تُخَمِّروا رَأْسَه)). رواه البخاري (1265)، ومسلم (1206). ويُنظر: ((بداية المجتهد)) لابن رشد (1/232). .
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ والإجماعِ:
أ- من السُّنَّةِ
1- عن عائِشةَ أمِّ المؤمنينَ، قالت: ((سُجِّيَ [1557] سُجِّيَ: أي: غُطِّيَ، كتَسجيةِ الموتى، وهو أن يُغَطَّى بثوبٍ مِن فَوقِ رأسِه إلى قَدَمَيه. يُنظر: ((مطالع الأنوار)) لابن قرقول (5/ 458). رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم حين مات بثَوبٍ حِبَرةٍ [1558] حِبَرةٍ: ثوبٌ أبيضُ في أعلامٍ حُمْرٍ من نسيجِ اليَمَنِ. يُنظر: ((التنوير شرح الجامع الصغير)) للصنعاني (10/418). ) [1559] أخرجه البخاري (5814)، ومسلم (942) واللفظ له. .
2- عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللَّهُ عنهما، قال: ((جيءَ بأبي يومَ أُحُدٍ قد مُثِّلَ به، حتى وُضِعَ بين يَدَيْ رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم وقد سُجِّيَ ثوبًا، فذهبتُ أريدُ أن أكشِفَ عنه، فنهاني قومي، ثمَّ ذهبتُ أكشِفُ عنه، فنهاني قومي، فأمَرَ رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم فرُفِعَ، فسَمِعَ صوتَ صائحةٍ، فقال: مَن هذه؟ فقالوا: ابنةُ عمرٍو -أو أختُ عمرٍو- قال: فلِمَ تَبكِي؟ أو لا تبكي؛ فما زالَتِ الملائكةُ تُظِلُّه بأجنِحَتِها حتَّى رُفِعَ)) [1560] أخرجه البخاري (1293) واللفظ له، ومسلم (2471). .
ب- من الإجماعِ
نَقَلَ الإجماعَ على ذلك: النَّوَويُّ [1561] قال النَّوويُّ: (قَولُها: «سُجِّي رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم حينَ مات بثَوبٍ حِبَرةٍ» معناه: غُطِّي جميعُ بَدَنِه... وفيه: استحبابُ تَسجِيةِ الميِّتِ، وهو مُجمَعٌ عليه). ((شرح مسلم)) (7/10). .
فائدةٌ:
قال ابنُ عبدِ البَرِّ: (وأمَّا تغطيةُ وَجهِ الميِّتِ قَبلَ الغُسلِ وفي حينِ الغُسلِ بخِرقةٍ؛ فلأنَّ الميِّتَ ربَّما تغيَّر وَجهُه بالسَّوادِ ونَحوِه، وذلك لداءٍ أو لغَلبةِ دمٍ، فينظُرُ الجُهَّالُ إليه فيُنكِرونَه، ويتأوَّلونَ فيه) [1562] ((الاستذكار)) (3/ 9). وقال أبو العبَّاسِ القُرطبيُّ: (التَّسجيةُ ممَّا مضى بها العمَلُ، وهي ستُرةُ الميِّتِ لِما أصابه من التَّغَيُّرِ). ((المفهم)) (2/ 600). .

انظر أيضا: