موسوعة الآداب الشرعية

حادي عشرَ: المبادَرةُ بقضاءِ دَينِه


يُستحَبُّ أن يُبادَرَ بقضاءِ دَينِ الميِّتِ [1576] يُنظر: ((الجوهرة النيرة)) للحدادي (1/102)، ((اللباب)) للميداني (1/126). ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/357)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (3/18). لكن قال الشَّافعيَّةُ: تجِبُ المبادَرةُ بقَضاءِ الدَّينِ عندَ طَلَبِ المستحِقِّ حَقَّه. .
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((نَفسُ المؤمِنِ مُعلَّقةٌ بدَينِه [1577] أي: روحُ المؤمِنِ بَعدَ مَوتِه محبوسةٌ عَمَّا أُعِدَّ لها أو عن دُخولِ الجَنَّةِ بسَبَبِ بقاءِ الدَّينِ في ذِمَّتِه. يُنظر: ((التنوير شرح الجامع الصغير)) للصنعاني (10/511). ؛ حتى يُقضَى عنه)) [1578] أخرجه الترمذي (1079)، وابن ماجه (2413)، وأحمد (10607).  صحَّحه ابنُ مَعينٍ كما في ((تاريخ دمشق)) (45/73)، وابن عبد البر في ((الاستذكار)) (4/101)، وابن الملقن في ((شرح البخاري)) (14/120)، والألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (1972). .
قيل: المعنى: لا يدخُلُ الجنةَ، ولا تدخُلُ روحُه بينَ أرواحِ الصَّالحينَ، أو لا تجدُ روحُه لذةً ما دامَ عليه دَينٌ [1579] يُنظر: ((المفاتيح في شرح المصابيح)) للمظهري (3/ 469). .
وفي الحديثِ دلالةٌ على الاهتمامِ بقضاءِ الدَّينِ [1580] يُنظر: ((البدر التمام)) للحسين المغربي (4/ 134). .
2- عن أبي قَتادةَ أنَّه سَمِعَه يُحَدِّثُ عن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قام فيهم فذَكَرَ لهم: ((أنَّ الجِهادَ في سَبيلِ اللهِ والإيمانَ باللهِ أفضَلُ الأعمالِ. فقام رجُلٌ فقال: يا رَسولَ اللهِ، أرأيتَ إن قُتِلتُ في سبيلِ اللهِ تُكَفَّرُ عنِّي خطاياي؟ فقال له رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: نعَم، إنْ قُتِلتَ في سبيلِ اللهِ وأنت صابِرٌ محتَسِبٌ، مُقبِلٌ غَيرُ مُدبِرٍ. ثمَّ قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: كيف قُلتَ؟. قال: أرأيتَ إن قُتِلتُ في سبيلِ اللهِ أتُكَفَّرُ عنِّي خطاياي؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: نَعَم، وأنت صابِرٌ محتَسِبٌ، مُقبِلٌ غَيرُ مُدبِرٍ، إلَّا الدَّينَ؛ فإنَّ جِبريلَ عليه السَّلامُ قال لي ذلك)) [1581] أخرجه مسلم (1885). .
3- عن ثَوبانَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن ماتَ وهو بَريءٌ مِن ثَلاثٍ: الكِبرِ، والغُلولِ، والدَّينِ؛ دَخَل الجَنَّةَ)) [1582] أخرجه الترمذي (1572)، والحاكم (2252) واللَّفظُ لهما، وابن حبان (198). صَحَّحه ابنُ حبان، والحاكم على شرط الشَّيخَينِ، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (1572). .
وفي رِوايةٍ: ((مَن فارَق الرُّوحُ الجَسَدَ وهو بَريءٌ مِن ثَلاثٍ، دَخَل الجَنَّةَ: مِنَ الكِبرِ، والغُلولِ، والدَّينِ)) [1583] أخرجها الترمذي (1573)، وابن ماجه (2412)، وأحمد (22427). صَحَّحها الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (2412)، والوادِعي على شرط مسلم في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (1/161)، وصَحَّحَ إسنادها على شرط مسلم شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (22427). .
4- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه: ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم كان يُؤتَى بالرَّجُلِ الميِّتِ عليه الدَّينُ، فيَسألُ: هل تَرَكَ لدَينِه مِن قضاءٍ؟ فإن حُدِّثَ أنَّه تَرَك وفاءً صَلَّى عليه، وإلَّا قال: صَلُّوا على صاحِبِكم)) [1584] أخرجه البخاري (2298)، ومسلم (1619) واللفظ له. .
وَجهُ الدَّلالةِ مِن هذه الأحاديثِ:
أنَّ فيها بيانَ خَطَرِ الدَّينِ وما يترتَّبُ عليه؛ ففيها الحثُّ للوَرَثةِ على قضاءِ دَين الميِّتِ [1585] ((نيل الأوطار)) للشوكاني (4/53). .

انظر أيضا: