موسوعة الآداب الشرعية

سابعًا: الاعتِدالُ في مُستَوى الصَّوتِ


يَنبَغي التَّكَلُّمُ بصَوتٍ وسَطٍ مَسموعٍ، دونَ عُلوٍّ مُزعِجٍ، أو خَفضٍ لا يُؤَدِّي الغَرَضَ، ودونَ إسراعٍ أو بُطءٍ زائِدَينِ على المَطلوبِ [1735] قال القاسِميُّ: (يَنبَغي التَّكَلُّمُ بصَوتٍ مُتَوسِّطٍ وعلى قَدرِ اللُّزومِ؛ فإنَّ مَن رَفعَ صَوتَه زيادةً عنِ العادةِ وقَدرِ الحاجةِ نَفَرَ السَّامِعُ مِن سَماعِ كَلامِه، وأوجَبَ كَراهةَ النَّاسِ له، فلا يُحِبُّونَ مُحادَثَتَه ومُؤانَسَتَه، على أنَّ كَثرةَ الصِّياحِ والصُّراخِ توجِبُ ضَعفَ أعضاءِ التَّنَفُّسِ، ويَحصُلُ للإنسانِ بها بحَّةُ الصَّوتِ وصُداعُ الرَّأسِ وضَعفُ العَينَينِ، كما أنَّ زيادةَ خَفضِ الصَّوتِ توجِبُ صُعوبةَ سَماعِه، وتَكَلُّفَ المُستَمِعِ زيادةَ الإصغاءِ، ورُبَّما تَخفى بَعضُ ألفاظِه فلا تُسمَعُ، أو تَشتَبِهُ على السَّامِعِ بغَيرِها، فيُفهَمُ مِنها خِلافُ غَرَضِ قائِلِه. فمِن تَمامِ الأدَبِ والصِّحَّةِ أن يَكونَ صَوتُ الإنسانِ في خِطابِه مُتَوسِّطًا مُعتَدِلًا بقَدرِ اللُّزومِ، لا عاليًا يُتعِبُ المُتَكَلِّمَ ويُزعِجُ السَّامِعَ، ولا مُنخَفِضًا جِدًّا يَضعُفُ عنِ الوُصولِ إلى المَسامِعِ. ويَنبَغي ألَّا يَكونَ كَلامُه بسُرعةٍ شَديدةٍ، فيَعسُرَ على المُخاطَبِ تَمييزُه وضَبطُه وحُسنُ فَهمِه، ولا يَكونَ بتَأنٍّ زائِدٍ وبُطءٍ يُمِلُّ السَّامِعَ ويَطولُ به الوقتُ، بَل يَكونُ وسَطًا). ((جوامع الآداب)) (ص: 129). .
فائِدةٌ:
قال بَكر أبو زَيدٍ: (مِنَ الأدَبِ ألَّا تَتَّصِلَ بشَخصٍ وأنتَ في دارِك في وسَطٍ مِنِ اختِلاطِ الأصواتِ وضَجيجِ الأولادِ، فعليك بالتَّصَوُّنِ، وحِفظِ العَوراتِ، وإظهارِ المَكرُماتِ، ولا تَحمِلْك الأُلفةُ على التَّبَذُّلِ، ولا تَحمِلْك الأُلفةُ أيضًا ومَتانةُ الصُّحبةِ على القَهقَهةِ والإسفافِ والتَّبَذُّلِ؛ فإنَّه يَجُرُّك إلى استِمرائِه مَعَ الآخَرينَ، فيَصيرُ طَبعًا لك تُعَرفُ به) [1736] ((أدب الهاتف)) (ص: 20). .

انظر أيضا: