موسوعة الآداب الشرعية

سابعًا: تَركُ التَّطفيفِ


يَحرُمُ على البائعِ التَّطفيفُ في المِكيالِ والميزانِ.
الدَّليلُ على ذلك مِن الكِتابِ والآثار:
أ- مِنَ الكِتابِ:
1- قال تعالى: وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ * وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ * بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ [هود: 84 - 86] .
قولُ الله تعالى: وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ فيه أنَّ نَقصَ المكاييلِ والموازينِ مِن كبائرِ الذُّنوبِ، وتُخشَى العقوبةُ العاجلةُ على مَن تعاطَى ذلك، وأنَّ ذلك مِن سَرِقةِ أموالِ النَّاسِ [1837] يُنظر: ((تفسير السعدي)) (ص:388). .
2- قال تعالى: وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ [المطففين: 1 - 6] .
عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((لمَّا قدِمَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المَدينةَ كانوا مِن أخبَثِ النَّاسِ كَيلًا؛ فأنزَل اللهُ سُبحانَه: وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ [المطففين: 1] ، فأحسَنوا الكَيلَ بَعدَ ذلك)) [1838] أخرجه ابنُ ماجه (2223)، وابن حبان (4919) واللَّفظُ لهما، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (11590). حَسَّنه الألبانيُّ في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (2223)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((صحيح ابن حبان)) (4919)، وصحح إسناده ابن حجر في ((فتح الباري)) (8/565). وذهب إلى تصحيحه ابنُ حبان، والحاكم في ((المستدرك)) (2274). .
3- وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ * أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ * وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ [الرحمن: 7 - 9].
في قَولِه تعالى: أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ وُجوبُ العَدلِ في الوَزنِ، وتحريمُ البَخْسِ فيه [1839] يُنظر: ((الإكليل في استنباط التنزيل)) للسيوطي (ص: 253). .
ب- مِنَ الآثارِ
عن زاذانَ، عن عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: (القَتلُ في سَبيلِ اللهِ يُكَفِّرُ الذُّنوبَ كُلَّها إلَّا الأمانةَ، قال: يُؤتى بالعَبدِ يَومَ القيامةِ، وإن قُتِل في سَبيلِ اللهِ، فيُقالُ: أدِّ أمانَتَك، فيَقولُ: أي رَبِّ، كَيف وقد ذَهَبَتِ الدُّنيا؟ قال: فيُقالُ: انطَلِقوا به إلى الهاويةِ، فيُنطَلَقُ به إلى الهاويةِ، ويُمَثَّلُ له أمانَتُه كهَيئَتِها يَومَ دُفِعَت إليه، فيَراها فيَعرِفُها فيَهوي في أثَرِها حتَّى يُدرِكَها، فيَحمِلَها على مَنكِبَيه حتَّى إذا ظَنَّ أنَّه خارِجٌ زَلَّت عن مَنكِبَيه، فهو يَهوي في أثَرِها أبَدَ الآبدينَ! ثُمَّ قال: الصَّلاةُ أمانةٌ، والوُضوءُ أمانةٌ، والوَزنُ أمانةٌ، والكَيلُ أمانةٌ، وأشياءُ عَدَّدَها، وأعظَمُ ذلك الودائِعُ).
فأتَيتُ البَراءَ بنَ عازِبٍ فقُلتُ: ألَا تَرى إلى ما قال ابنُ مَسعودٍ؟ قال كَذا، قال كَذا، قال: (صَدَق؛ أما سَمِعتَ يَقولُ اللهُ: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا [النساء: 58] ) [1840] أخرجه من طرُقٍ: الطبراني (10/270) (10527) مختصرًا، وأبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (4/201)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (4885) واللفظ له. حسَّنه الألباني في ((صحيح الترغيب)) (1763)، وصحَّح إسنادَه أحمد شاكر في ((عمدة التفسير)) (1/527)، وجوَّده الإمام أحمد في ((مسائل أحمد- رواية عبد الله)) (2/841). .

انظر أيضا: