موسوعة الآداب الشرعية

ثاني عشرَ: اجتنابُ بَيعِ ما حَرَّم اللهُ بَيْعَه


يَجِبُ اجتِنابُ بَيعِ ما حَرَّمَ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ بَيعَه [1865] فيُشتَرَطُ في المَبيعِ أن يَكونَ مُباحَ الانتِفاعِ به شَرعًا، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ، والمالكيَّةِ، والشَّافِعيَّةِ، والحَنابلةِ. يُنظر: ((العناية)) للبابرتي (6/405، 406)، ((حاشية ابن عابدين)) (4/501)، و (5/60)، ((التاج والإكليل)) للمواق (4/258: 267)، ((منح الجليل)) لعليش (4/452، 453)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (3/395)، ((حاشية الشرواني على تحفة المحتاج)) (4/237)، ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (3/347)، ((الإنصاف)) للمرداوي (4/195). ، وتَركُ التَّحايُلِ في ذلك [1866] فلا تَجوزُ الحِيَلُ المُحَرَّمةُ في البَيعِ -وهيَ أن يَتَوصَّلَ إلى إسقاطِ الواجِبِ أو فِعلِ مُحَرَّمٍ بطُرُقٍ خَفيَّةٍ ظاهِرُها الإباحةُ وحَقيقَتُها التَّحريمُ- وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ، والمالكيَّةِ، والشَّافِعيَّةِ، والحَنابلةِ. يُنظر: ((البناية)) للعيني(11/387) ، ((مواهب الجليل)) للحطَّاب (7/393)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (2/302)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (2/334). وينظر أيضا: ((المغني)) لابن قدامة (4/43)، ((منظومة أصول الفقه وقواعده)) لابن عثيمين (ص: 230). ويُنظَر بَيان ذلك مَعَ أدِلَّتِه في: ((المَوسوعة الفِقهيَّة بمَوقِعِ الدُّرَرِ السَّنيَّة)) https://dorar.net/feqhia .
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: بَلغَ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ أنَّ فُلانًا باعَ خَمرًا، فقال: قاتَلَ اللهُ فلانًا، ألم يَعلَمْ أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((قاتَلَ اللَّهُ اليَهودَ؛ حُرِّمَت عليهمُ الشُّحومُ فجَمَلوها [1867] جَمَلوها، يَعني: أذابوها واستَخرَجوا دُهنَها، وفيه لُغَتانِ، يُقالُ: جَمَلتُ الشَّحمَ وأجمَلتُه: إذا أذَبتَه، قيل: وجَمَلتُ أفصَحُ مِن أَجمَلتُ. يُنظر: ((غريب الحديث)) للقاسم بن سلام (4/ 298)، ((النهاية)) لابن الأثير (1/ 298). فباعوها)) [1868] أخرجه البخاري (2223) واللفظ له، ومسلم (1582). .
2- عن أبي هرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، عن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((قاتَلَ اللَّهُ اليَهودَ، حَرَّمَ اللَّهُ عليهمُ الشُّحومَ، فباعوها وأكَلوا أثمانَها)). [1869] أخرجه البخاري (2224)، ومسلم (1583) واللفظ له.
3- عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((رَأيتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جالسًا عِندَ الرُّكنِ، قال: فرَفعَ بَصَرَه إلى السَّماءِ فضَحِكَ، فقال: لعنَ اللهُ اليَهودَ، ثَلاثًا؛ إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عليهمُ الشُّحومَ فباعوها وأكَلوا أثمانَها، وإنَّ اللَّهَ إذا حَرَّمَ على قَومٍ أكْلَ شَيءٍ حَرَّم عليهم ثَمَنَه)) [1870] أخرجه أبو داود (3488) واللفظ له، وأحمد (2221). صححه ابن حبان في ((صحيحه)) (4938)، وابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (3/267)، والشوكاني في ((السيل الجرار)) (4/113)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (3488)، والوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (650)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (2221). .
4- عن جابِرِ بنِ عبد اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّه سَمِعَ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ عامَ الفَتحِ، وهو بمَكَّةَ: ((إنَّ اللهَ ورَسولَهُ حَرَّمَ بَيعَ الخَمرِ، والمَيتةِ، والخِنزيرِ، والأصنامِ. فقيلَ: يا رَسولَ اللَّهِ، أرأيتَ شُحومَ المَيتةِ، فإنَّها يُطلَى بها السُّفُنُ، ويُدْهَنُ بها الجُلودُ، ويَستَصبِحُ بها النَّاسُ [1871] يَستَصبحُ بها النَّاسُ: أي: يُشعِلونَ بها سُرُجَهم، فالاستِصباحُ: استِفعالٌ مِنَ المِصباحِ، وهو السِّراجُ، أي: يُشعِلُ بها الضَّوءَ. يُنظر: ((النهاية)) لابن الأثير (3/ 7)، ((جامع الأصول)) لابن الأثير (1/ 449). ؟ فقال: لا، هو حَرامٌ، ثُمَّ قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عِندَ ذلك: قاتَلَ اللَّهُ اليَهودُ؛ إنَّ اللهَ لَمَّا حَرَّمَ شُحومَها جَمَلوهُ، ثُمَّ باعوهُ فأكَلوا ثَمنَه)) [1872] أخرجه البخاري (2236) واللفظ له، ومسلم (1581). .
5- عن أنَسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((لعنَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الخَمرِ عَشرةً: عاصِرَها، ومُعتَصِرَها، وشارِبَها، وحامِلَها، والمَحمولةَ إليه، وساقَيَها، وبائِعَها، وآكِلَ ثَمَنِها، والمُشتَريَ لها، والمُشتَراةَ له)) [1873] أخرجه الترمذي (1295) واللفظ له، وابن ماجه (3381). صححه لغيره الألباني في ((هداية الرواة)) (2707)، وحسنه الوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (61)، وذكر ثبوته ابن تيمية في ((مجموع الفتاوى)) (4/474). .
6- عن أبي هرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا تَرتَكِبوا ما ارتَكَبَتِ اليَهودُ، فتَستَحِلُّوا مَحارِمَ اللهِ بأدنى الحِيَلِ)) [1874] أخرجه ابن بطة في ((إبطال الحيل)) (ص47). صححه ابن باز في ((مجموع الفتاوى)) (19/230)، وجود إسناده ابن تيمية في ((بيان الدليل)) (86)، وابن القيم في ((إغاثة اللهفان)) (1/513)، وابن كثير في ((التفسير)) (3/492)، وحسنه السخاوي في ((الأجوبة المرضية)) (1/214). .

انظر أيضا: