موسوعة الآداب الشرعية

رابعَ عشرَ: عَدَمُ الاحتِكارِ


يَحرُمُ احتِكارُ [1876] الاحتِكارُ لُغةً: جَمعُ الطَّعامِ ونَحوِه واحتِباسُه. يُنظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (4/208)، ((تاج العروس)) للزبيدي (11/72). والاحتِكارُ اصطِلاحًا: هو أن يَشتَريَ السِّلعةَ للتِّجارةِ، التي يَحتاجُ إليها النَّاسُ، ولا يَبيعَها في الحالِ، بَل يَحبسُها مَعَ حاجةِ النَّاسِ إليها؛ ليَغلوَ ثَمَنُها. يُنظر: ((مغني المحتاج)) للشربيني (2/38)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (3/187). قال النَّوويُّ: (قال العُلماءُ: والحِكمةُ في تَحريمِ الاحتِكارِ دَفعُ الضَّرَرِ عن عامَّةِ النَّاسِ كَما أجمَع العُلماءُ على أنَّه لو كان عِندَ إنسانٍ طَعامٌ واضطُرَّ النَّاسُ إليه ولم يَجِدوا غَيرَه أُجبرَ على بَيعِه؛ دَفعًا للضَّرَرِ عنِ النَّاسِ). ((شرح مسلم)) (11/43). قُوتِ [1877] وكَذا يَحرُمُ احتِكارُ كُلِّ ما يَضُرُّ بالعامَّةِ، قوتًا كان أو لباسًا أو غَيرَهما؛ وذلك لأنَّ الحَديثَ أطلقَ تَحريمَ الاحتِكارِ في أيِّ شَيءٍ ولم يُقَيِّدْ، ولحُصولِ الضَّرَرِ باحتِكارِ ما يَضُرُّ بالعامَّةِ. يُنظر: ((حاشية الشلبي على تبيين الحقائق)) (6/27)، ((فتح ذي الجلال والإكرام)) لابن عثيمين (3/597). النَّاسِ [1878] وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ، والمالكيَّةِ، والصَّحيح عِندَ الشَّافِعيَّةِ، والحَنابِلة. يُنظر: ((العناية)) للبابرتي (10/58)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (6/11، 12)، ((التاج والإكليل)) للمواق (4/380)، ((روضة الطالبين)) للنووي (3/413)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (4/317)، ((الفروع)) لابن مفلح (6/179)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (3/187). على أنَّ المالِكيَّةَ قد نَصُّوا على أنَّ الاحتِكارَ يَكونُ في كُلِّ شَيءٍ يَضُرُّ بالنَّاسِ مِن طَعامٍ أو إدامٍ أو كَتَّانٍ أو صوفٍ أو عُصفُرٍ أو غَيرِه، وقَيَّد الشَّافِعيَّةُ تَحريمَ الاحتِكارِ بالأقواتِ، كالتَّمرِ والزَّبيبِ، وأنَّه لا يَعُمُّ جَميعَ الأطعِمةِ، وقَيَّدَه الحَنابلةُ بقوتِ الآدَميِّ. .
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
عن سَعيدِ بنِ المُسَيِّبِ، عن مَعمَرِ بنِ عَبدِ اللَّهِ، عن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((لا يَحتَكِرُ إلَّا خاطِئٌ)) [1879] أخرجه مسلم (1605). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّه وَصَف المُحتَكِرَ بأنَّه خاطِئٌ (أي: عاصٍ)، والمَعصيةُ مُحَرَّمةٌ، فيَكونُ الاحتِكارُ مُحَرَّمًا [1880] ((شرح مسلم)) للنووي (11/43)، ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/129). .
وأمَّا التَّعليلُ فللآتي:
1- لأنَّه يَتَعَلَّقُ بالسِّلَعِ حَقُّ العامَّةِ، وفي الامتِناعِ عنِ البَيعِ إبطالُ حَقِّهم وتَضييقُ الأمرِ عليهم [1881] ((البناية)) للعيني (12/211). .
2- ولأنَّه مِن بابِ الظُّلمِ؛ لأنَّ ما بيعَ في المِصرِ فقد تعَلَّق به حَقُّ العامَّةِ، فإذا امتَنَعَ المُشتَري عن بَيعِه عِندَ شِدَّةِ حاجَتِهم إليه فقد مَنَعَهم حَقَّهم، ومَنعُ الحَقِّ عنِ المُستَحِقِّ ظُلمٌ [1882] ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/129). .

انظر أيضا: