موسوعة الآداب الشرعية

ثانيًا: التَّهنِئةُ بالنِّكاحِ


مِن السُّنَّةِ: التَّهنِئةُ بالنِّكاحِ، والدُّعاءُ للمُتَزَوِّجِ.
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن أبي هرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان إذا رَفَّأَ [2016] رَفَّأ الإنسانَ أي: هَنَّأه، ودَعا له. يُنظر: ((شرح السنة)) للبغوي (9/ 135). الإنسانَ إذا تَزَوَّجَ، قال: بارَكَ اللهُ لك، وبارَكَ عليك، وجَمَعَ بَينَكُما في خَيرٍ)) [2017] أخرجه أبو داود (2130) واللَّفظُ له، والترمذي (1091)، وأحمد (8957). صحَّحه ابن حبان في ((صحيحه)) (4052)، والحاكم على شرط مسلم في ((المستدرك)) (2783)، وابن دقيق العيد في ((الاقتراح)) (111)، وابن الملقن في ((البدر المنير)) (7/534)، وقال الترمذي: حسن صحيح .
2- عن أنَسٍ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رَأى على عَبدِ الرَّحمنِ بنِ عَوفٍ أثَرَ صُفرةٍ، قال: ما هذا؟ قال: إنِّي تَزَوَّجتُ امرَأةً على وزنِ نَواةٍ مِن ذَهَبٍ، قال: بارَكَ اللهُ لك، أولِمْ ولو بشاةٍ)) [2018] أخرجه البخاري (5155) واللَّفظُ له، ومسلم (1427). .
3- عن ابنِ بُرَيدةَ، عن أبيه رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ نَفرًا مِنَ الأنصارِ قالوا لعَليٍّ: عِندَك فاطِمةُ، فدَخَلَ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فسَلَّمَ عليه، فقال: ما حاجةُ ابنِ أبي طالِبٍ؟ قال: ذَكَرتُ فاطِمةَ بنتَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: مَرحَبًا وأهلًا، لَم يَزِدْه عليها، فخَرَجَ إلى الرَّهطِ مِنَ الأنصارِ يَنتَظِرونَه، فقالوا: ما وراءَك؟ قال: ما أدري! غَيرَ أنَّه قال لي: مَرحَبًا وأهلًا، قالوا: يَكفيك مِن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إحداهما، قد أعطاك الأهلَ وأعطاك الرُّحبَ! فلَمَّا كان بَعدَ ذلك بَعدَما زَوَّجَه قال: يا عَليُّ، إنَّه لا بُدَّ للعُرسِ مِن وليمةٍ. قال سَعدٌ: عِندي كَبشٌ، وجَمَع له رَهطٌ مِنَ الأنصارِ آصُعًا مِن ذُرةٍ، فلَمَّا كان لَيلةُ البِناءِ قال: يا عَليُّ، لا تُحدِثْ شَيئًا حَتَّى تَلقاني، فدَعا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بماءٍ فتَوضَّأ مِنه، ثُمَّ أفرَغَه على عليٍّ فقال: اللَّهُمَّ بارِكْ فيهما، وبارِكْ عليهما، وبارِكْ لَهما في شِبلِهما)) [2019] أخرجه أحمد (23035) مختصرًا، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (10016) واللفظ له، والطبراني (2/20) (1153) باختلاف يسير. حسَّن إسنادَه ابنُ حجر في ((مختصر زوائد البزار)) (2/346)، والألباني في ((آداب الزفاف)) (101)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((شرح مشكل الآثار)) (5947). .
4- عن عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: ((تَزَوَّجَني النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فأتَتني أُمِّي فأدخَلَتني الدَّارَ، فإذا نِسوةٌ مِنَ الأنصارِ في البَيتِ، فقُلنَ: على الخَيرِ والبَرَكةِ، وعلى خَيرِ طائِرٍ [2020] الطَّائرُ: الحظُّ يُطلَقُ على الحظِّ مِنَ الخيرِ والشَّرِّ والمرادُ هنا: على أفضلِ حَظٍّ وبَرَكَةٍ. يُنظر: ((شرح النووي على مسلم)) (9/207). ) [2021] أخرجه البخاري (5156) واللَّفظُ له، ومسلم (1422). .
5- عنِ الحَسَنِ: ((أنَّ عَقيلَ بنَ أبي طالِبٍ رَضِيَ اللهُ عنه تَزَوَّجَ امرَأةً مِن بني جُشَمَ، فدَخَل عليه القَومُ، فقالوا: بالرِّفاءِ والبَنينَ [2022] بالرِّفاءِ والبَنينَ: كَلِمةٌ كانت تقولُها أهلُ الجاهِليَّةِ، فوَرَد النَّهيُ عنها، واختُلِف في عِلَّةِ النَّهيِ عن ذلك؛ فقيل: لأنَّه لا حمدَ فيه ولا ثناءَ ولا ذِكرَ للهِ. وقيل: لِما فيه من الإشارةِ إلى بُغضِ البناتِ لتَخصيصِ البنينَ بالذِّكرِ. يُنظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (9/ 222). قال ابنُ القَيِّمِ: (كانت الجاهِليَّةُ يقولون في تهنِئَتِهم بالنِّكاحِ: بالرِّفاءِ والبَنينَ، والرِّفاءُ: الالتِحامُ والاتِّفاقُ، أي: تزَوَّجتَ زواجًا يحصُلُ به الاتِّفاقُ والالتحامُ بينَكما والبَنون، فيُهَنِّئون بالبنينَ سَلَفًا وتعجيلًا، ولا ينبغي للرَّجُلِ أن يهنِّئَ بالابنِ ولا يُهَنِّئَ بالبنتِ، بل يُهَنِّئُ بهما، أو يَترُكُ التَّهنِئةَ؛ ليتخَلَّصَ من سُنَّةِ الجاهليَّةِ؛ فإنَّ كثيرًا منهم كانوا يُهَنِّئون بالابنِ، وبوفاةِ البنتِ دونَ وِلادتِها). ((تحفة المودود بأحكام المولود)) (ص: 29). ، فقال: لا تَقولوا ذلك، قالوا: فما نَقولُ يا أبا يَزيدَ؟ قال: قولوا: بارَكَ اللهُ لكُم، وبارَكَ عليكُم. إنَّا كذلك كُنَّا نُؤمَرُ)) [2023] أخرجه من طُرُقٍ: النسائي (3371)، وأحمد (1739) واللفظ له. قواه بطرقه شعيب الألباني في ((آداب الزفاف)) (103)، وصحَّح إسنادَه أحمد شاكر في تخريج ((مسند أحمد)) (3/179). وذهب إلى تصحيحه لغيره شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (1739) .

انظر أيضا: