موسوعة الآداب الشرعية

ثالثًا: التَّهنِئةُ بالمَولودِ


يُستَحَبُّ التَّهنِئةُ بالمَولودِ [2024] قال النَّوويُّ: (يُستَحَبُّ تَهنِئةُ المَولودِ له). ((الأذكار)) للنووي (ص: 289). وقال ابنُ القَيِّمِ: (استِحبابُ بِشارةِ مَن وُلِدَ له وَلَدٌ وتَهنِئَتِه... فإن فاتَته البشارةُ استُحِبَّ له تَهنِئَتُه، ... ولا يَنبَغي للرَّجُلِ أن يُهَنِّئَ بالابنِ ولا يُهَنِّئَ بالبنتِ، بَل يُهَنِّئُ بهما أو يَترُكُ التَّهنئةَ ليَتَخَلَّصَ مِن سُنَّةِ الجاهليَّةِ؛ فإنَّ كَثيرًا مِنهم كانوا يُهَنِّئونَ بالابنِ وبوَفاةِ البنتِ دونَ وِلادَتِها! وقال أبو بَكرِ بنُ المُنذِرِ في "الأوسَطِ": رُوِّينا عنِ الحَسَنِ البَصريِّ أنَّ رَجُلًا جاءَ إليه وعِندَه رَجُلٌ قد وُلِدَ له غُلامٌ، فقال له: يَهْنِكَ الفارِسُ! فقال له الحَسَنُ: ما يُدريك فارِسٌ هو أو حِمارٌ؟! قال: فكَيف نَقولُ؟ قال: قُلْ: بُوركَ لك في المَوهوبِ، وشَكَرتَ الواهِبَ، وبَلَغَ رُشدَه، ورُزِقتَ بِرَّه). ((تحفة المودود)) (ص: 28، 29). .
وذلك لعُمومِ الأدِلَّةِ في مَشروعيَّةِ التَّهنِئةِ لِما يَحدُثُ مِن نِعمةٍ، أو يَندَفِعُ مِن نِقمةٍ، ومِن ذلك: ما جاءَ في قِصَّةِ كَعبِ بنِ مالِكٍ [2025] يُنظر ما أخرجه البخاري (4418)، ومسلم (2769). لمَّا تَخَلَّف عن غَزوةِ تَبوكَ، فإنَّه لمَّا بُشِّرَ بقَبولِ تَوبَتِه ومَضى إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قامَ إليه طَلحةُ بنُ عُبَيدِ اللَّهِ فهَنَّأه [2026] ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/316). .
فَوائِدُ:
1- عنِ السَّريِّ بنِ يَحيى (أنَّ رَجُلًا مِمَّن كان يُجالِسُ الحَسَنَ وُلِدَ له ابنٌ، فهَنَّأه رَجُلٌ فقال: لِيَهْنِكَ الفارِسُ! فقال الحَسَنُ: وما يُدريك أنَّه فارِسٌ؟! لعَلَّه نَجَّارٌ، لعَلَّه خَيَّاطٌ. قال: فكَيف أقولُ؟ قال: قُلْ: جَعَله اللَّهُ مُبارَكًا عليك وعلى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) [2027] أخرجه الطَّبَرانيُّ في ((الدعاء)) (945). .
وعن حَمَّادِ بنِ زَيدٍ، قال: (كان أيُّوبُ إذا هَنَّأ رَجُلًا بمَولودٍ قال: جَعَله اللهُ مُبارَكًا عليك وعلى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) [2028] أخرجه ابنُ أبي الدنيا في ((النفقة على العيال)) (202) باختلافٍ يسيرٍ، والطبراني في ((الدعاء)) (946)، وأبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (3/8) واللفظ لهما .
2- قال ابنُ القَيِّمِ: (قد قال تعالى في حَقِّ النِّساءِ: فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا [النساء: 19] ، وهَكَذا البَناتُ أيضًا قد يَكونُ للعَبدِ فيهنَّ خَيرٌ في الدُّنيا والآخِرةِ، ويَكفي في قُبحِ كَراهَتِهنَّ أن يَكرَهَ ما رَضيَه اللهُ وأعطاه عَبدَه.
وقال صالِحُ بنُ أحمَدَ: كان أبي إذا وُلِدَ له ابنةٌ يَقولُ: الأنبياءُ كانوا آباءَ بَناتٍ، ويَقولُ: قد جاءَ في البَناتِ ما قد عَلِمتَ.
وقال يَعقوبُ بنُ بُختانَ: وُلِدَ لي سَبعُ بَناتٍ، فكُنتُ كُلَّما وُلِدَ لي ابنةٌ دَخَلتُ على أحمَدَ بنِ حَنبَلٍ، فيَقولُ لي: يا أبا يوسُفَ، الأنبياءُ آباءُ بَناتٍ، فكان يُذهِبُ قَولُه هَمِّي) [2029] ((تحفة المودود بأحكام المولود)) (ص: 26). .

انظر أيضا: