موسوعة الآداب الشرعية

سادسًا: تَرتيبُ الأولَويَّاتِ والبَدءُ بالأهَمِّ فالمُهمِّ


يَنبَغي أن يُرَتِّبَ الدَّاعي الأولَويَّاتِ، ويَبدَأَ بالأهَمِّ فالمُهمِّ [2212] قال القَحطانيُّ: (إنَّ الحِكمةَ تَجعَلُ الدَّاعيَ إلى اللهِ يُقَدِّرُ الأُمورَ ويُعطيها ما تَستَحِقُّه، فلا يُزَهِّد في الدُّنيا، والنَّاسُ في حاجةٍ إلى النَّشاطِ والجِدِّ والعَمَلِ، ولا يَدعو إلى الِانقِطاعِ والِانعِزالِ عنِ النَّاسِ، والمُسلِمونَ في حاجةٍ إلى الدِّفاعِ عن عَقيدَتِهم وبِلادِهم وأعراضِهم، ولا يَبدَأْ بتَعليمِ النَّاسِ البَيعَ والشِّراءَ وهم في مَسيسِ الحاجةِ إلى تَعَلُّمِ الوُضوءِ والصَّلاةِ، فالحِكمةُ تَجعَلُ الدَّاعيةَ يَنظُرُ ببَصيرةِ المُؤمِنِ، فيَرى حاجةَ النَّاسِ فيُعالِجُها بحَسَبِ ما يَقتَضيه الحالُ، وبذلك يَنفُذُ إلى قُلوبِ النَّاسِ مِن أوسَعِ الأبوابِ، ويَنشَرِحُ له صُدورُهم، ويَرَونَ فيه المُنقِذَ الحَريصَ على سَعادَتِهم ورَفاهيَتِهم وأمنِهم). ((كيفية دعوة عصاة المسلمين)) (ص: 63، 64). .
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لمَّا بعَث معاذًا رَضِيَ اللهُ عنه على اليَمَنِ، قال: ((إنَّك تَقدَمُ على قومٍ أهلِ كتابٍ، فليَكُنْ أوَّلَ ما تدعوهم إليه عبادةُ اللهِ، فإذا عرَفوا اللهَ فأخبِرْهم أنَّ اللهَ قد فرَض عليهم خمسَ صَلَواتٍ في يومِهم وليلتِهم، فإذا فعَلوا فأخبِرْهم أنَّ اللهَ فَرَض عليهم زكاةً من أموالِهم وتُرَدُّ على فُقَرائِهم، فإذا أطاعوا بها فخُذْ منهم وتوَقَّ كرائِمَ أموالِ النَّاسِ [2213] توقَّ كَرائِمَ أموالِهم: توقَّى واتَّقى بمعنًى، والمرادُ به في الحديثِ: اجتَنِبْ كرائمَ الأموالِ، وهي خيارُها ونفائِسُها، وما يَكرُمُ على أصحابِها ويَعِزُّ عليهم، جمعُ كريمةٍ، فلا تأخُذْه في الصَّدَقةِ، وخُذِ الوَسَطَ لا العاليَ ولا النَّازِلَ الرَّديءَ. يُنظر: ((جامع الأصول)) لابن الأثير (4/ 551)، ((النهاية)) لابن الأثير (5/ 217). ) [2214] أخرجه البخاري (1458) واللفظ له، ومسلم (19). .

انظر أيضا: