موسوعة الآداب الشرعية

ثانيًا: المُحافَظةُ على الكِتابِ وتَجنيبُه ما يَضُرُّه


يَنبَغي أن يُحافِظَ المُستَعيرُ على الكِتابِ الذي استَعارَه، وأنْ يصونَه وألا يُعَرِّضْه لتَلَفٍ ولا فسادٍ [2483] قال ابنُ جَماعةَ: (إذا نَسَخَ مِنه بإذنِ صاحِبِه أو ناظِرِه فلا يَكتُبْ مِنه والقِرطاسُ في بَطنِه أو على كِتابَتِه، ولا يَضَعِ المحبَرةَ عليه، ولا يَمُرَّ بالقَلمِ المَمدودِ فوقَ كِتابَتِه... إذا نَسَخَ مِنَ الكِتابِ أو طالعَه فلا يَضَعْه على الأرضِ مَفروشًا مَنشورًا، بَل يَجعَلُه بَينَ كِتابَينِ أو شَيئَينِ أو كُرسيِّ الكُتُبِ المَعروفةِ؛ كَي لا يَسرُعَ تَقطيعُ حَبكِه، وإذا وضَعَها في مَكانٍ مَصفوفةً فلتَكُنْ على كُرسيٍّ أو تَحتَ خَشَبٍ أو نَحوِه، والأَولى أن يَكونَ بَينَه وبَينَ الأرضِ خِلوٌ، ولا يَضَعْها على الأرضِ كَي لا تَتَنَدَّى أو تَبلى. وإذا وضَعَها على خَشَبٍ ونَحوِه جَعل فوقَها أو تَحتَها ما يَمنَعُ تَآكُلَ جُلودِها به، وكذلك يَجعَلُ بَينَها وبَينَ ما يُصادِفُها أو يُسنِدُها مِن حائِطٍ أو غَيرِه). ((تذكرة السامع والمتكلم)) (ص: 127، 128).قال مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سالمٍ المَجلِسيُّ: (إذا وقَعَتِ العاريَّةُ فواجِبٌ على المُستَعيرِ شُكرُ المُعيرِ ومُكافأتُه ولو بالدُّعاءِ، وصيانةُ الكِتابِ المُستَعارِ، فلا يُعَرِّضْه لتَلَفٍ ولا فسادٍ، ولا يَفتَحْه فتحًا فاحِشًا، ولا يُلوِّثْه بيَدِه ولا يوسِّخْه بما فيها، ولا يَضَعْه على الأرضِ أوِ الحَصيرِ، ولا يَنظُرْ حالةَ غَلبةِ النَّومِ؛ فرُبَّما سَقَطَ مِن يَدِه أو على المِصباحِ، أو سَقَطَ عليه المِصباحُ وزَيَّتَه، ولا يُعَرِّضْه للنَّدى أوِ الشَّمسِ أوِ الدُّخانِ أوِ السَّارِقِ أوِ الفارِ أو غَيرِ ذلك، ولبَعضِهم: عليك بالحِفظِ دونَ العِلمِ في كُتُبٍ فإنَّ للكُتْبِ آفاتٍ تُفَرِّقُها اللِّصُّ يَسرِقُها والفارُ يَخرِقُها والنَّارُ تَحرِقُها والماءُ يُغرِقُها وأن لا يُؤذيَه بالتَّلوِّي عليه حينَ يُريدُ كِتابَه الذي أعارَه له، ولا يُفشيَ ما عَسى أن يَجِدَه مَكتوبًا مِن أسرارِ مالكِه أو غَيرِه، وبالجُملةِ يَجِبُ أن يَفعَلَ فيه ما يَفعَلُه لنَفسِه: أيُّها المُستَعيرُ مِنِّي كِتابًا ارضَ لي فيه ما لنَفسِك تَرضى ولبَعضِهم: إذِ استَعَرتَ كِتابي وانتَفعتَ به فاحذَرْ وُقِيتَ الرَّدى مِن أن تُغَيِّرَه واردُدْه لي سالِمًا إنِّي شُغِفتُ به لولا مَخافةُ كَتمِ العِلمِ لم تَرَه ومتى عَلِم مِن نَفسِه أنَّه عاجِزٌ عنِ القيامِ بذلك لم تَجُزْ له الاستِعارةُ؛ لأنَّ مُقدِّماتِ الحَرامِ حَرامٌ، وكُلُّ هذا مَطلوبٌ مِنه في كُتُبِ نَفسِه وكُتُبِ الأحباسِ؛ فإنَّ حِفظَ المالِ واجِبٌ وتَضييعَه حَرامٌ، والكُتُبُ إذا ضُيِّعَت كان فيها تَضييعُ المالِ وتَضييعُ العِلمِ، ولا بَأسَ بكِتابةِ الحَواشي والفوائِدِ على كِتابٍ يَملِكُه). ((لوامع الدرر في هتك أستار المختصر)) (4/ 137). .

انظر أيضا: