موسوعة الآداب الشرعية

ثالثًا: كِتابةُ الوَصيَّةِ


يَنبَغي للمُسلمِ إذا كان عنده ما يوصِي به أن تَكونَ وصيَّتُه مَكتوبةً عِندَه قبل نومه [35] قال الغَزاليُّ: (اعلَمْ أنَّ النَّومَ مِثلُ المَوتِ، واليَقَظةَ مِثلُ البَعثِ، فكُنْ مُستَعِدًّا للقائِه، بأن تَنامَ على طَهارةٍ، وتَكونَ وصيَّتُك مَكتوبةً تَحتَ رَأسِك، وتَنامَ تائِبًا مِنَ الذُّنوبِ، مُستَغفِرًا، عازِمًا على ألَّا تَعودَ إلى مَعصيةٍ، واعزِمْ على الخَيرِ لجَميعِ المُسلِمينَ إن بَعثَك اللَّهُ تعالى، وتَذكَّرْ أنَّك ستُضجَعُ في اللَّحدِ كذلك وحيدًا فريدًا ليس مَعَك إلَّا عَمَلُك، ولا تُجزى إلَّا بسَعيِك). ((بداية الهداية)) (ص: 43). .
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رضِيَ اللهُ عنهما، أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((ما حَقُّ امرِئٍ مُسلمٍ له شَيءٌ يوصي فيه، يَبيتُ ليلتَينِ إلَّا ووصيَّتُه مَكتوبةٌ عِندَه)) [36] أخرجه البخاري (2738) واللَّفظُ له، ومسلم (1627). .
قال الخَطَّابيُّ: (قَولُه: «ما حَقُّ امرِئٍ مُسلمٍ» مَعناه: ما حَقُّه مِن جِهةِ الحَزمِ والاحتياطِ إلَّا أن تَكونَ وصيَّتُه مَكتوبةً عِندَه إذا كان له شَيءٌ يُريدُ أن يوصيَ فيه؛ فإنَّه لا يَدري مَتى توافيه مَنيَّتُه، فتَحولُ بَينَه وبَينَ ما يُريدُ مِن ذلك...وفيه أنَّ الوصيَّةَ إنَّما تُستَحَبُّ لِمَن له مالٌ يُريدُ أن يوصيَ فيه دونَ مَن ليسَ له فَضلُ مالٍ، وهذا في الوصيَّةِ التي هو مُتَبَرِّعٌ بها مِن نَحوِ صَدَقةٍ وبِرٍّ وصِلةٍ، دونَ الدُّيونِ والمَظالِمِ التي يَلزَمُه الخُروجُ عنها؛ فإنَّ مَن عليه دَينٌ أو قِبَلَه تَبِعةٌ لأحَدٍ مِنَ النَّاسِ فالواجِبُ عليه أن يوصيَ فيه، وأن يَتَقدَّمَ إلى أوليائِه فيه؛ لأنَّ أداءَ الأمانةِ فَرضٌ واجِبٌ عليه) [37] ((معالم السنن)) (4/ 82). .

انظر أيضا: