موسوعة الآداب الشرعية

تمهيدٌ في أهميَّةِ النَّومِ


النَّومُ آيةٌ مِن آياتِ اللهِ العَظيمةِ، ومِنَّةٌ مِن مِنَنِه الجَسيمةِ، وهو مِن رَحمةِ اللهِ بعِبادِه، قال تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ [الروم: 23] ، وقال عزَّ وجَلَّ: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ * وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [القصص: 72-73] ، وقال سبحانه: وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا [النبأ: 9] ، وقال جَلَّ ثناؤه: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا [الفرقان: 47] ، أي: قاطِعًا لحَرَكَتِكُم وأشغالِكُم، فتَستَريحُ به أبدانُكُم، وتَحصُلُ به راحَتُكُم مِن تَعَبِ سَعيِكُم وأعمالِكُم [2] يُنظر: ((التفسير المحرر)) إعداد القسم العلمي بمؤسسة الدُّرَر السَّنيَّة (20/ 228) و(42/ 26). .
(وفي هذا امتِنانٌ على النَّاسِ بخَلقِ نِظامِ النَّومِ فيهم لتَحصُلَ لهم راحةٌ مِن أتعابِ العَمَلِ الذي يَكدَحونَ له في نَهارِهم، فاللَّهُ تعالى جَعل النَّومَ حاصِلًا للإنسانِ بدونِ اختيارِه، فالنَّومُ يُلجِئُ الإنسانَ إلى قَطعِ العَمَلِ لتَحصُلَ راحةٌ لمَجموعِه العَصَبيِّ الذي رُكنُه في الدِّماغِ، فبتلك الرَّاحةِ يَستَجِدُّ العَصَبُ قُواه التي أوهَنَها عَمَلُ الحَواسِّ وحَرَكاتُ الأعضاءِ وأعمالُها، بحَيثُ لو تَعَلَّقَت رَغبةُ أحَدٍ بالسَّهَرِ لا بُدَّ له مِن أن يَغلِبَه النَّومُ، وذلك لُطفٌ بالإنسانِ، بحَيثُ يَحصُلُ له ما به مَنفعةُ مَدارِكِه قَسرًا عليه لئَلَّا يَتَهاوَنَ به؛ ولذلك قيل: إنَّ أقَلَّ النَّاسِ نَومًا أقصَرُهم عُمرًا، وكذلك الحَيَوانُ) [3] ((التحرير والتنوير)) لابن عاشور (30/ 19). .
هذا، وللنَّومِ آدابٌ يَنبَغي مُراعاتُها، وفيما يَلي بَيانُ أهَمِّ هذه الآدابِ:

انظر أيضا: