موسوعة الآداب الشرعية

ثانيًا: الاستِتارُ عن أعيُنِ النَّاسِ


يَجِبُ الاستِتارُ عِندَ قَضاءِ الحاجةِ؛ سَترًا للعَورةِ عن أعيُنِ النَّاسِ.
الدَّليلُ على ذلك مِنَ الكِتابِ والسُّنَّةِ والإجماعِ:
أ- مِنَ الكِتابِ
عُمومُ قَولِه تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ [النور: 30] .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ مِمَّا يَدخُلُ في حِفظِ الفَرجِ حِفظَه مِنَ النَّظَرِ إليه [285] ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (6/42). .
ب- مِنَ السُّنَّةِ
1- عن مُعاويةَ بن أبي حَيدةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قلتُ: يا رسولَ الله، عَوراتُنا ما نأتي منها وما نَذَرُ؟ قال: ((احفَظْ عورتَك إلَّا عن زوجَتِك أو ما ملَكت يمينُك. قال: قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، إذا كان القَومُ بَعضُهم في بَعضٍ؟ قال: إنِ استَطَعتَ ألَّا يَرَيَنَّها أحَدٌ فلا يَرَيَنَّها. قال: قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، إذا كان أحَدُنا خاليًا؟ قال: اللهُ أحَقُّ أن يُستَحَيا مِنه مِنَ النَّاسِ)) [286] أخرجه البخاريُّ معلَّقًا بصيغةِ الجزمِ قبلَ حديثِ (278) مختصرًا، وأخرجه موصولًا أبو داودَ (4017) واللفظ ُله، والترمذيُّ (2794). صحَّحه ابنُ القطان في ((النظر في أحكام النظر)) (94)، وابنُ القيِّمِ في ((تهذيب السنن)) (11/56)، وابنُ حجرٍ في ((النكت)) (1/329)، والشوكانيُّ في ((السيل الجرار)) (2/300)، وابنُ باز في ((الفوائد العلمية)) (6/117). .
2- عن أبي سَعيدٍ الخُدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لا يَنظُرُ الرَّجُلُ إلى عَورةِ الرَّجُلِ، ولا المَرأةُ إلى عَورةِ المَرأةِ، ولا يُفضي الرَّجُلُ إلى الرَّجُلِ في ثَوبٍ واحِدٍ، ولا تُفضي المَرأةُ إلى المَرأةِ في الثَّوبِ الواحِدِ)) [287] أخرجه مسلم (338). .
ج- مِنَ الإجماعِ
نَقَل الإجماعَ على وُجوبِ سَترِ العَورةِ غير واحد [288] ومنهم الجَصَّاصُ، وابنُ عبدِ البَرِّ، وابنُ رُشدٍ الحَفيدُ، وابنُ كَثيرٍ، وابنُ رَجَبٍ الحَنبَليُّ. قال الجَصَّاصُ: (قدِ اتَّفقَتِ الأُمَّةُ على مَعنى ما دَلَّت عليه الآيةُ مِن لُزومِ فَرضِ سَترِ العَورةِ). ((أحكام القرآن)) (4/203). وقال ابنُ عبدِ البَرِّ: (أجمَعَ العُلماءُ على أنَّ سَترَ العَورةِ فرضٌ واجِبٌ بالجُملةِ على الآدَميِّينَ). ((الاستذكار)) (2/196). وقال ابنُ رُشدٍ: (اتَّفقَ العُلماءُ على أنَّ سَترَ العَورةِ فرضٌ بإطلاقٍ). ((بداية المجتهد)) (1/114). وقال ابنُ كَثيرٍ: (سَترُ العَورةِ عن عُيونِ النَّاسِ واجِبٌ بالإجماعِ والنَّصِّ). ((الآداب والأحكام المتعلقة بدخول الحمام)) (ص: 48). وقال عنِ النِّساءِ: (يَحرُمُ عليهنَّ كَشفُ العَورةِ كما يَحرُمُ على الرِّجالِ بلا خِلافٍ بَينَ العُلماءِ، بَل هنَّ أشَدُّ في ذلك مِنَ الرِّجالِ). ((الآداب والأحكام المتعلقة بدخول الحمام)) (ص: 41، 42). وقال ابنُ رَجَبٍ: (أجمَعَ العُلماءُ على وُجوبِ سَترِ العَورةِ بَينَ النَّاسِ عن أبصارِ النَّاظِرينَ). ((فتح الباري)) (2/ 384). .

انظر أيضا: