موسوعة الآداب الشرعية

رابعًا: عَدَمُ تَكليفِ الدَّابَّةِ ما لا تُطيقُ


يَحرُمُ تَكليفُ الحَيَوانِ فوقَ ما يُطيقُ مِن حَملٍ وسَيرٍ [684] قال السَّخاويُّ: (لا شَكَّ في تَحريمِ تَكليفِها ما لا طاقةَ لها به مِن حَملٍ وسَيرٍ، والضَّربُ حينَئِذٍ بسَبَبِ ذلك حَرامٌ، وقد ورَدَ أنَّه يُقَصُّ للشَّاةِ الجَلحاءِ -يَعني: التي لا قَرنَ لها- مِنَ القَرناءِ، فالقِصاصُ هنا مِن بابِ أَولى). ((تحرير الجواب عن مسألة ضرب الدواب)) (ص: 40، 41). .
الدَّليلُ على ذلك مِن السُّنَّةِ والآثارِ:
أ- مِنَ السُّنَّةِ
1- عن سَهلِ بنِ الحَنظَليَّةِ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((مَرَّ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ببَعيرٍ قَد لحِقَ ظَهرُه ببَطنِه، فقال: اتَّقوا اللَّهَ في هذه البَهائِمِ المُعجَمةِ [685] سُمِّيَت بذلك؛ لأنَّها لا تَتَكَلَّمُ، فتَشكو ما أصابَها مِنَ الجوعِ والمَشَقَّةِ، وكُلُّ مَن لا يَقدِرُ على الكَلامِ فهو أعجَميٌّ ومُستَعجَمٌ. يُنظر: ((سنن أبي داود)) لابن رسلان (11/ 208). ، فاركَبوها صالحةً، وكُلوها صالحةً)) [686] أخرجه أبو داود (2548) واللفظ له، وأحمد (17625). صحَّحه ابن خزيمة في ((الصحيح)) (2545)، وابن حبان في ((صحيحه)) (545)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (2548)، وقال ابن القطان في ((الوهم والإيهام)) (5/347): حَسَنٌ أو صحيحٌ. .
2- عن عبدِ اللهِ بنِ جعفَرٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((أردَفَني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خَلْفَه ذاتَ يَومٍ، فأسرَّ إليَّ حديثًا لا أُحَدِّثُ به أحدًا مِنَ النَّاسِ، وكان أحبَّ ما استتر به رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لحاجتِهِ هَدَفٌ أو حائِشُ نخلٍ [687] الهَدَفُ: كُلُّ ما كان له شَخصٌ مُرتَفِعٌ مِن بناءٍ وغَيرِه. والحائِشُ: جَماعةُ النَّخلِ الصِّغارِ. يُنظر: ((معالم السنن)) للخَطَّابيِّ (2/ 248). وقيل: حائِشُ النَّخلِ: ما اجتَمَعَ مِنها والتَفَّ. يُنظر: ((كشف المشكل)) لابنِ الجَوزيِّ (4/ 12). ، قال: فدخلَ حائطًا لرجلٍ من الأنصارِ فإذا جمَلٌ، فلمَّا رأى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حنَّ وذرَفَت عيناه، فأتاه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فمَسَح ذِفْراه [688] الذِّفرى مِنَ البَعيرِ: مُؤَخَّرُ رَأسِه، وهو المَوضِعُ الذي يَعرَقُ مِن قَفاه. يُنظر: ((معالم السنن)) للخَطَّابيِّ (2/ 248). فسكَت، فقال: مَن رَبُّ هذا الجَمَلِ؟ لِمَن هذا الجَمَلُ؟ فجاء فتًى من الأنصارِ، فقال: لي يا رَسولَ اللهِ. فقال: أفلا تتَّقي اللهَ في هذه البهيمةِ التي ملَّكَك اللهُ إيَّاها؟ فإنَّه شكى إليَّ أنَّك تُجيعُه وتُدْئِبُه [689] تُدئِبُه: تَكُدُّه وتُتعِبُه. يُنظر: ((معالم السنن)) للخطابي (2/ 248). [690] أخرجه أبو داود (2549) واللفظ له، وأحمد (1745). صحَّحه ابن حبان في ((صحيحه)) (1412)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (2549)، والوادعي على شرط مسلم في ((صحيح دلائل النبوة)) (559)، وصحَّح إسنادَه الحاكم في ((المستدرك)) (2485)، وأحمد شاكر في تخريج ((مسند أحمد)) (3/189)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (1745). وأصلُه في صحيحِ مسلم (342) مُختَصَرًا بلفظِ: عن عبدِ اللهِ بنِ جَعفرٍ، قال: ((أردَفني رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذاتَ يَومٍ خَلفَه، فأسَرَّ إليَّ حَديثًا لا أُحَدِّثُ به أحَدًا مِنَ النَّاسِ، وكان أحَبَّ ما استَتَرَ به رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لحاجَتِه هَدَفٌ أو حائِشُ نَخلٍ)). قال ابنُ أسماءَ في حَديثِه: يَعني حائِطَ نَخلٍ. .
3- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((صَلَّى رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صَلاةَ الصُّبحِ، ثُمَّ أقبَل على النَّاسِ، فقال: بينا رَجُلٌ يَسوقُ بَقَرةً إذ رَكِبَها فضَرَبَها، فقالت: إنَّا لم نُخلَقْ لهذا، إنَّما خُلِقنا للحَرثِ! فقال النَّاسُ: سُبحانَ اللَّهِ! بَقَرةٌ تَكَلَّمُ! فقال: فإنِّي أومِنُ بهذا أنا وأبو بَكرٍ وعُمَرُ -وما هما ثَمَّ-. وبينَما رَجُلٌ في غَنَمِه إذ عَدا الذِّئبُ فذَهَبَ مِنها بشاةٍ، فطُلِب حتَّى كأنَّه استَنقَذَها مِنه، فقال له الذِّئبُ هذا: استَنقَذتَها مِنِّي، فمَن لها يَومَ السَّبُعِ، يَوم لا راعيَ لها غيري؟! فقال النَّاسُ: سُبحانَ اللَّهِ! ذِئبٌ يَتَكلَّمُ! قال: فإنِّي أومِنُ بهذا أنا وأبو بَكرٍ وعُمَرُ -وما هما ثَمَّ-)) [691] أخرجه البخاري (3471) واللفظ له، ومسلم (2388). .
4- عن المَعرورِ بنِ سُوَيدٍ قال: مرَرْنا بأبي ذَرٍّ بالرَّبَذةِ وعليه بُردٌ، وعلى غُلامِه مِثلُه، فقلْنا: يا أبا ذَرٍّ، لو جمعْتَ بَينَهما كانت حُلَّةً! فقال: إنَّه كان بَيني وبَينَ رجُلٍ مِن إخواني كلامٌ، وكانت أمُّه أعجَميَّةً، فعيَّرْتُه بأمِّه، فشكاني إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فلَقيتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: ((يا أبا ذَرٍّ، إنَّك امرُؤٌ فيك جاهِليَّةٌ! قُلْتُ: يا رسولَ اللهِ، مَن سبَّ الرِّجالَ سبُّوا أباه وأمَّه! قال: يا أبا ذَرٍّ، إنَّك امرُؤٌ فيك جاهِليَّةٌ! هم إخوانُكم، جعَلهم اللهُ تحتَ أيديكم، فأطعِموهم ممَّا تأكُلونَ، وألبِسوهم ممَّا تلبَسونَ، ولا تُكلِّفوهم ما يَغلِبُهم؛ فإن كلَّفْتُموهم فأعينوهم)) [692] أخرجه البخاري (30)، ومسلم (1661) واللفظ له. .
قال ابنُ المُلقِّنِ: (فيه النَّهيُ عن سَبِّ العَبيدِ وتعييرِهم بوالِديهم، والحَثُّ على الإحسانِ إليهم، والرِّفقِ بهم، ... ويَلحَقُ بالعَبدِ مَن في مَعناه مِن أجيرٍ وخادِمٍ وضَعيفٍ، وكذا الدَّوابُّ، يَنبَغي أن يُحسِنَ إليها، ولا تُكلَّفُ مِنَ العَمَلِ ما لا تُطيقُ الدَّوامَ عليه، فإن كَلَّفه ذلك لزِمَه إعانَتُه عليه بنَفسِه أو بغَيرِه) [693] ((التوضيح)) (3/ 30). .
ب- مِنَ الآثارِ
1- عنِ المُسيِّبِ بنِ دارِمٍ، قال: (رَأيتُ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ ضَرَبَ جَمَّالًا، وقال: لمَ تَحمِلُ على بَعيرِك ما لا يُطيقُ؟!) [694] أخرجه ابن سعد في ((الطبقات الكبرى)) (8774)، والخلال في ((الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)) (ص24)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (58/191). قال الألباني في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (1/67): إسنادُه صحيحٌ إلى المُسَيِّبِ بنِ دارٍ. .
2- عن مُعاويةَ بنِ قُرَّةَ، قال: (كان لأبي الدَّرداءِ جَمَلٌ يُقالُ له: "دَمونُ"، فكان إذا استَعاروه مِنه قال: لا تَحمِلوا عليه إلَّا كذا وكذا؛ فإنَّه لا يُطيقُ أكثَرَ مِن ذلك، فلمَّا حَضَرَته الوفاةُ قال: يا دَمونُ، لا تُخاصِمْني غَدًا عِندَ رَبِّي؛ فإنِّي لم أكُنْ أحمِلُ عليك إلَّا ما تُطيقُ) [695] أخرجه أبو الحسن الإخميمي في ((حديثه)) (1/63) كما في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (1/29)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (47/185). .
مَسألةُ الإردافِ على الدَّابَّةِ:
يَجوزُ الإردافُ [696] الرَّديفُ والرِّدفُ: هو الرَّاكِبُ خَلفَ الرَّاكِبِ، يُقالُ مِنه: رَدِفَه يَردَفُه، بكَسرِ الدَّالِ في الماضي وفتحِها في المُضارِعِ: إذا رَكِبَ خَلفَه، وأردَفتُه أنا، وأصلُه مِن رُكوبِه على الرِّدفِ، وهو العَجُزُ. يُنظر: ((إكمال المعلم)) لعياض (1/ 259، 260)، ((مطالع الأنوار)) لابن قرقول (3/ 139)، ((الفتوحات الربانية)) لابن علان (6/ 219).. على الدَّابَّةِ إذا كانت مُطيقةً [697] قال النَّوويُّ: (يَجوزُ الإردافُ على الدَّابَّةِ إذا كانت مُطيقةً، ولا يَجوزُ إذا لم تَكُنْ مُطيقةً، فأمَّا دَليلُ المَنعِ إذا لم تُطِقْ فالأحاديثُ السَّابقةُ قَريبًا مَعَ الإجماعِ، وأمَّا جَوازُه إذا كانت مُطيقةً ففيه أحاديثُ كَثيرةٌ في الصَّحيحِ مَشهورةٌ). ((المجموع شرح المهذب)) (4/ 391). .
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن أُسامةَ بنِ زَيدٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((رَدِفتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن عَرَفاتٍ...)) الحديثَ [698] أخرجه البخاري (1669)، ومسلم (1280). .
قال النَّوويُّ: (هذا دَليلٌ على استِحبابِ الرُّكوبِ في الدَّفعِ مِن عَرَفاتٍ، وعلى جَوازِ الإردافِ على الدَّابَّةِ إذا كانت مُطيقةً، وعلى جَوازِ الارتِدافِ مَعَ أهلِ الفَضلِ، ولا يَكونُ ذلك خِلافَ الأدَبِ) [699] ((شرح مسلم)) (9/ 25). ويُنظر منه: (9/ 98) و (12/ 163، 186) و (14/ 166). .
2- عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((كُنتُ رَديفَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: يا غُلامُ، أو يا غُلَيمُ، ألَا أُعَلِّمُك كَلماتٍ يَنفعُك اللَّهُ بهنَّ؟ فقُلتُ: بَلى. فقال: احفظِ اللَّهَ يَحفَظْك، احفظِ اللَّهَ تَجِدْه أمامَك، تَعَرَّفْ إليه في الرَّخاءِ يَعرِفْك في الشِّدَّةِ، وإذا سَألتَ فاسألِ اللَّهَ، وإذا استَعنتَ فاستَعِنْ باللهِ... )) الحَديثَ [700] أخرجه من طرقٍ: أحمد (2803) واللفظ له، والطبراني (11/223) (11560)، والحاكم (6303). صححه عبد الحق الإشبيلي في ((الأحكام الشرعية الكبرى)) (3/333)، والقرطبي في ((التفسير)) (8/335)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (2803)، وحَسَّنه وجوَّده ابنُ رجب في ((جامع العلوم والحكم)) (1/459)، وحَسَّنه ابنُ حجر في ((موافقة الخبر الخبر)) (1/327). وأخرجه بنحوه الترمذي (2516)، وأحمد (2669)، ولفظ الترمذيِّ: ((كنتُ خَلفَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يومًا، فقال: يا غُلامُ، إنِّي أعلِّمُك كَلِماتٍ: احفَظِ اللهَ يحفَظْك، احفَظِ اللهَ تَجِدْه تُجاهَك، إذا سألْتَ فاسأَلِ اللهَ، وإذا استعَنْتَ فاستَعِنْ باللهِ، واعلَمْ أنَّ الأُمَّة لو اجتمَعَت على أن ينفعوك بشَيءٍ لم ينفعوك إلَّا بشَيءٍ قد كتبه اللهُ لك، واعلَمْ أنَّ الأُمَّة لو اجتمَعَت على أن يضُرُّوك بشَيءٍ لم يضرُّوك إلَّا بشَيءٍ قد كتبه اللهُ عليك، رُفِعَت الأقلامُ وجَفَّت الصُّحُفُ)). صحَّحه الترمذي، وابن باز في ((مجموع الفتاوى)) (1/160)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (2516)، وصححه لغيره الوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (699). .
3- عن أنَسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((أقبَلْنا مَعَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم -أنا وأبو طَلحةَ- وصَفيَّةُ رديفتُه على ناقَتِه، حتَّى إذا كُنَّا بظَهرِ المَدينةِ [701] بظَهرِ المَدينةِ: أي: بمَحَلٍّ تَظهَرُ فيه هيَ أو آثارُها، وهو الفضاءُ الذي عِندَها. يُنظر: ((التوضيح)) لابن الملقن (28/ 606)، ((الفتوحات الربانية)) لابن علان (5/ 169). ، قال: آيِبونَ تائِبونَ عابدونَ لرَبِّنا حامِدونَ، فلم يَزَل يَقولُ ذلك حتَّى قَدِمنا المَدينةَ)) [702] أخرجه البخاري (3085)، ومسلم (1345) واللَّفظُ له. .
4- عن أنَسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه ((أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ومُعاذٌ رَديفُه على الرَّحلِ، قال: يا مُعاذُ بنَ جَبَلٍ، قال: لبَّيكَ يا رَسولَ اللهِ وسَعْدَيك [703] اللَّبُّ -بفتحِ اللَّامِ- مَعناه هنا الإجابةُ، والسَّعدُ: المُساعَدةُ، كَأنَّه قال: لبًّا لك وإسعادًا لك، ولكِنَّهما ثُنِّيا على مَعنى التَّأكيدِ والتَّكثيرِ، أي: إجابةً بَعدَ إجابةٍ، وإسعادًا بَعدَ إسعادٍ. يُنظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (1/ 226). ، قال: يا مُعاذُ، قال: لبَّيكَ يا رَسولَ اللهِ وسَعدَيك، ثَلاثًا، قال: ما مِن أحَدٍ يَشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللهِ صِدقًا من قَلبِه، إلَّا حَرَّمَه اللهُ على النَّارِ...)) الحَديثَ [704] أخرجه البخاري (128) واللفظ له، ومسلم (32). .
5- عن رَجُلٍ، قال: ((كُنتُ رَديفَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فعَثَرَت دابَّةٌ، فقُلتُ: تَعِسَ [705] تَعِسَ، أي: خابَ وخَسِرَ، والتَّعْسُ: الهَلاكُ، وأصلُه الكَبُّ، وهو ضِدُّ الانتِعاشِ. وقد تَعِسَ يَتعَسُ تَعسًا، وأتعَسَه اللهُ، ويُقالُ: تَعسًا لفُلانٍ، أي: ألزَمَه اللهُ هَلاكًا. يُنظر: ((الصحاح)) للجوهري (3/ 910)، ((جامع الأصول)) لابن الأثير (6/ 635)، ((الأذكار)) للنووي (ص: 309). الشَّيطانُ! فقال: لا تَقُلْ: تَعِسَ الشَّيطانُ؛ فإنَّك إذا قُلتَ ذلك تَعاظَمَ حتَّى يَكونَ مِثلَ البَيتِ، ويَقولُ: بقوَّتي، ولكِن قُلْ: باسمِ اللهِ؛ فإنَّك إذا قُلتَ ذلك تَصاغَرَ [706] تَصاغَرَ: مِنَ الصَّغارِ، وهو الذُّلُّ والهَوانُ، أو هو مِنَ الصِّغَرِ، أي: صارَ صَغيرًا بَعدَ عِظَمِه. يُنظر: ((جامع الأصول)) لابن الأثير (6/ 635). حتَّى يَكونَ مِثلَ الذُّبابِ)) [707] أخرجه مِن طُرُقٍ: أبو داود (4982) واللَّفظُ له، وأحمد (23092). صَحَّحه الألبانيُّ في ((صحيح سنن أبي داود)) (4982)، والوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (1503)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (4982)، وقوى إسناده وجوده ابن كثير في ((التفسير)) (8/558). .
6- عن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((كان رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَتَخَلَّفُ في المَسيرِ، فيُزجي [708] يُزجي، أي: يَسوقُ بهم، يُقالُ: أزجَيتُ المَطيَّةَ: إذا حَثَثْتَها في السَّوقِ. ((معالم السنن)) للخطابي (2/ 269). وقال المظهَريُّ: (قَولُه: «يَتَخَلَّفُ» أي: يَتَأخَّرُ، ويَمشي خَلفَ الجَيشِ. «ليُزجيَ» أي: ليَسوقَ فيُعينَ مَن عَجَز وضَعُفَ عنِ السَّيرِ مِنَ الجَيشِ، هذا تَواضُعٌ ورَحمةٌ مِنه على الخَلقِ). ((المفاتيح)) (4/ 384، 385). الضَّعيفَ، ويُردِفُ، ويَدعو لهم)) [709] أخرجه أبو داود (2639)، والبيهقي (10448) واللَّفظُ لهما، والحاكِم (2541). صَحَّحه الحاكِمُ وقال: على شَرط مُسلم، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (2639)، وشعيب الأرناؤوط في تَخريج ((سنن أبي داود)) (2639)، وحسن إسناده النووي في ((المجموع)) (4/394). .
قال المُناويُّ: («كان يَتَخَلَّفُ» أي: يَتَأخَّرُ «في المَسيرِ» أي: في السَّفرِ، «فيُزجي الضَّعيفَ» أي: يَسوقُه ليُلحِقَه بالرِّفاقِ، «ويُردِفُ» نَحوَ العاجِزِ على ظَهرِ الدَّابَّةِ، أي: دابَّتِه أو دابَّةِ غَيرِه، «ويَدعو لهم» بالإعانةِ ونَحوِها) [710] ((فيض القدير)) (5/ 201). .

انظر أيضا: