موسوعة الآداب الشرعية

فوائِدُ ومَسائِلُ


الأصلُ في المَلبوساتِ
الأصلُ في المَلبوساتِ الإباحةُ إلَّا ما استَثناه الشَّارِعُ [1016] يُنظر: ((القواعد النورانية)) لابن تيمية (ص: 164)، ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (3/408)، ((إرشاد العقل السليم)) لأبي السعود (3/224)، ((الإفهام في شرح عمدة الأحكام)) لابن باز (ص: 777)، ((لقاء الباب المفتوح)) لابن عثيمين (اللقاء رقم: 11)، ((فتاوى اللجنة الدائمة- المجموعة الأولى)) (24/38). .
الدَّليلُ على ذلك مِن الكتابِ والسُّنَّةِ:
أ- مِنَ الكِتابِ
1- قَولُه تعالى: يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ [الأعراف: 26] .
2- قَولُه تعالى: يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ [الأعراف: 31] .
3- قَولُه تعالى: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ [الأعراف: 32] .
وَجهُ الدَّلالةِ مِنَ الآياتِ:
دَلَّت هذه النُّصوصُ على أنَّ الأصلَ في اللِّباسِ الحِلُّ حتَّى يَأتيَ دَليلُ التَّحريمِ مِنَ الشَّرعِ [1017] ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (3/408). .
ب- مِنَ السُّنَّةِ
عن عبدِ اللهِ بنِ عَمرِو بنِ العاصِ رَضِيَ اللهُ عنه: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((كُلوا وتَصَدَّقوا والبَسوا في غَيرِ إسرافٍ ولا مَخيلةٍ)) [1018] أخرجه الترمذي (2819)، والنسائي (2559) واللفظ له، وابن ماجه (3605). صحَّحه الصنعاني في ((سبل السلام)) (4/272)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (2819)، وحسَّنه الترمذي، وابن حجر في ((الأمالي المطلقة)) (32)، وصحَّح إسنادَه الحاكم في ((المستدرك)) (7390). .
وأمَّا التَّعليلُ: فلأنَّ الألبِسةَ مِنَ العاداتِ، والأصلُ فيها الحِلُّ، إلَّا ما ورَدَ الدَّليلُ بمَنعِه [1019] يُنظر: ((القواعد النورانية)) لابن تيمية (ص: 164)، ((الإفهام في شرح عمدة الأحكام)) لابن باز (ص: 777)، ((لقاء الباب المفتوح)) لابن عثيمين (اللقاء رقم: 11)، ((فتاوى اللجنة الدائمة- المجموعة الأولى)) (24/38). .
هدْيُ السَّلفِ فيما يُلبَسُ مِن الثيابِ
قال ابنُ الجَوزيِّ: (كان السَّلَفُ يَلبَسونَ الثِّيابَ المُتَوسِّطةَ لا المُرتَفِعةَ ولا الدُّونَ، ويَتَخَيَّرونَ أجوَدَها للجُمُعةِ والعيدَينِ ولقاءِ الإخوانِ، ولم يَكُنْ غَيرُ الأجودِ عِندَهم قَبيحًا، وقد أخرج مُسلِمٌ في صحيحِه من حديثِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه «أنَّه رَأى حُلَّةً سِيَراءَ تُباعُ عِندَ بابِ المَسجِدِ، فقال لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: لوِ اشتَرَيتَها ليَومِ الجُمُعةِ وللوُفودِ إذا قدِموا عليك، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّما يَلبَسُ هذه مِن لا خَلاقَ له في الآخِرةِ» [1020] أخرجه البخاري (886)، ومسلم (2068) باختلافٍ يسيرٍ، ولفظُ مُسلمٍ: عن ابنِ عُمَرَ: ((أنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ رَأى حُلَّةً سيَراءَ عِندَ بابِ المَسجِدِ، فقال: يا رَسولَ اللهِ، لوِ اشتَرَيتَ هذه، فلبستَها يَومَ الجُمُعةِ وللوَفدِ إذا قَدِموا عليكَ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّما يَلبَسُ هذه مَن لا خَلاقَ له في الآخِرةِ)). ، فما أنكَرَ عليه ذِكرَ التَّجَمُّلِ بها، وإنَّما أنكَرَ عليه لكَونِها حَريرًا.
وعن أبي العاليةِ أنَّه قال: كان المُسلِمونَ إذا تَزاوَروا تَجَمَّلوا [1021] أخرجه البخاري في ((الأدب المفرد)) (348) عن أبي خَلدةَ، قال: (جاءَ عَبدُ الكَريمِ أبو أُميَّةَ إلى أبي العاليةِ، وعليه ثيابُ صوفٍ، فقال أبو العاليةِ: إنَّما هذه ثيابُ الرُّهبانِ، إن كان المُسلمونَ إذا تَزاوروا تَجَمَّلوا). ...
وقد كان ابنُ مَسعودٍ مِن أجوَدِ النَّاسِ ثَوبًا وأطيَبِهم ريحًا، وكان الحَسَنُ البَصريُّ يَلبَسُ الثِّيابَ الجِيادَ، قال كُلثومُ بنُ جَوشَنٍ: خَرَجَ الحَسَنُ وعليه جُبَّةٌ يَمَنيَّةٌ ورِداءٌ يَمَنيٌّ، فنَظَرَ إليه فَرقَدٌ فقال: يا أُستاذُ، لا يَنبَغي لمِثلِك أن يَكونَ هكذا! فقال الحَسَنُ: يا ابنَ أُمِّ فَرقَدٍ، أما عَلِمتَ أنَّ أكثَرَ أصحابِ النَّارِ أصحابُ الأكسِيَةِ؟! وكان مالِكُ بنُ أنَسٍ يَلبَسُ الثِّيابَ العَدَنيَّةَ الجيادَ، وكان ثَوبُ أحمَدَ بنِ حَنبَلٍ يُشتَرى بنَحوِ الدِّينارِ، وقد كانوا يُؤثِرونَ البَذاذةَ إلى حَدٍّ، ورُبَّما لَبِسوا خُلْقانَ [1022] ثَوبٌ خَلَقٌ، أي: بالٍ، والجَمعُ خُلقانٌ. يُنظر: ((الصحاح)) للجوهري (4/ 1472). الثِّيابِ في بُيوتِهم، فإذا خَرَجوا تَجَمَّلوا ولَبِسوا ما لا يَشتَهِرونَ به مِنَ الدُّونِ ولا مِنَ الأعلى.
واعلَمْ أنَّ اللِّباسَ الذي يُزري بصاحِبِه يَتَضَمَّنُ إظهارَ الزُّهدِ وإظهارَ الفَقرِ، وكأنَّه لِسانُ شَكوى مِنَ اللهِ عَزَّ وجَلَّ، ويوجِبُ احتِقارَ اللَّابِسِ، وكُلُّ ذلك مَكروهٌ ومَنهيٌّ عنه) [1023] ((تلبيس إبليس)) (ص: 178، 179). .

انظر أيضا: