موسوعة الآداب الشرعية

سابعًا: ألَّا يكونَ التزَيُّنُ بمُحَرَّمٍ كتزَيُّنِ الرِّجالِ بالذَّهَبِ والحريرِ.


الدَّليلُ على ذلك مِن السُّنَّةِ:
1- عن عليِّ بنِ أبي طالِبٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((إنَّ نَبيَّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أخَذَ حَريرًا فجَعَله في يَمينِه، وأخَذَ ذَهَبًا فجَعَله في شِمالِه، ثُمَّ قال: إنَّ هَذَينِ حَرامٌ على ذُكورِ أُمَّتي)) [1063] أخرجه أبو داود (4057)، والنسائي (5144) واللَّفظُ لهما، وابن ماجه (3595). صَحَّحه ابنُ حبان في ((صحيحه)) (5434)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (4057)، وصحَّحه لغيره شعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (4057). .
2- وعن عبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو رضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((خَرَجَ علينا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وفي إحدى يَدَيه ثَوبٌ مِن حَريرٍ، وفي الأُخرى ذَهَبٌ، فقال: إنَّ هَذَينِ مُحَرَّمٌ على ذُكورِ أُمَّتي، حِلٌّ لإناثِهم)) [1064] أخرجه ابن ماجه (3597)، وابن أبي شيبة (25152) واللفظ لهما، والطيالسي (2367). وصحَّحه لغيره الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (3597). .
3- وعن أبي عُثمانَ النَّهديِّ، قال: كَتَب إلينا عُمَرُ ونَحنُ بأذرَبيجانَ: (يا عُتبةُ بنَ فَرقَدٍ، إنَّه ليسَ مِن كَدِّك [1065] الكَدُّ: التَّعَبُ والمَشَقَّةُ والشِّدَّةُ، أي: ليسَ مِن كَسبِك وتَعَبِك في ذلك فتَشِحَّ به. يُنظر: ((إكمال المعلم)) لعياض (6/ 586). ، ولا مِن كَدِّ أبيك، ولا مِن كَدِّ أُمِّك، فأشبِعِ المُسلِمينَ في رِحالِهم مِمَّا تَشبَعُ مِنه في رَحلِك، وإيَّاكُم والتَّنَعُّمَ، وزِيَّ أهلِ الشِّركِ، ولَبوسَ الحَريرِ؛ فإنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نَهى عن لَبوسِ الحَريرِ. قال: إلَّا هَكَذا، ورَفع لنا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إصبَعَيه الوُسطى والسَّبَّابةَ وضَمَّهما) [1066] أخرجه البخاري (5828)، ومسلم (2069) واللفظ له. .
وفي رِوايةٍ: (أتانا كِتابُ عُمَرَ ونَحنُ بأذرَبيجانَ مَعَ عُتبةَ بنِ فَرقَدٍ: أمَّا بَعدُ، فاتَّزِروا وارتَدُوا وانتَعِلوا وارموا بالخِفافِ [1067] أي: لا تُكثِروا لُبسَها؛ فإنَّ الإكثارَ مِن زيِّ العَجَمِ، والعَرَبُ كانوا يَستَعمِلونَها على قِلَّةٍ وعِندَ الحاجةِ. يُنظر: ((حاشية السندي على مسند الإمام أحمد)) (1/ 126). واقطَعوا السَّراويلاتِ [1068] السَّراويلاتُ: جَمعُ سَراويلَ، وما كانت مِن زيِّ العَرَبِ، ومَقصودُ عُمَرَ هو أن لا يَتَغَيَّرَ حالُهم بصُحبةِ العَجَمِ، وإلَّا فلا مَنعَ مِن نَحوِ السَّراويلِ. يُنظر: ((حاشية السندي على مسند الإمام أحمد)) (1/ 126). ، وعليكُم بلِباسِ أبيكُم إسماعيلَ، وإيَّاكُم والتَّنَعُّمَ وزِيَّ العَجَمِ، وعليكُم بالشَّمسِ فإنَّها حَمَّامُ العَرَبِ، واخشَوشِنوا واخلَولِقوا [1069] اخلَولِقوا: قَريبٌ مِن مَعنى: اخشَوشِنوا، وكَأنَّ المَعنى: البَسوا الثِّيابَ الخَليقةَ. يُنظر: ((نخب الأفكار)) للعيني (13/ 422). وارموا الأغراضَ [1070] ارموا الأغراضَ، أيِ: ارموا بالقِسيِّ، جَمعُ قَوسٍ. يُنظر: ((تهذيب اللغة)) للأزهري (9/ 177)، ((بستان العارفين)) للنووي (ص: 48). ، وانْزوا نَزوًا [1071] انْزوا نَزوًا، أي: ثِبُوا على الخَيلِ وَثبًا؛ لِما في ذلك مِنَ القوَّةِ والنَّشاطِ. وقيل: أسرِعوا في المَشيِ على الأرجُلِ. يُنظر: ((حاشية السندي على مسند الإمام أحمد)) (1/ 126)، ((غذاء الألباب)) للسفاريني (2/ 341، 342)، ((مسند أحمد- بشرح وتحقيق أحمد محمد شاكر)) (1/ 292). ، والنَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نَهانا عنِ الحَريرِ إلَّا هَكَذا: إصبَعَيه والوُسطى والسَّبَّابةَ. قال: فما عَلِمنا أنَّه يَعني إلَّا الأعلامَ) [1072] أخرجها أبو عوانة في ((المستخرج)) (8964)، وابن حبان (5454) واللفظ له، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (5776). صحَّحها ابنُ حبان، وصحَّح إسنادَها النووي في ((شرح مسلم)) (14/45)، وشعيب الأرناؤوط على شرط مسلم في تخريج ((صحيح ابن حبان)) (5454). .
وفي رِوايةٍ: (اتَّزِروا وارتَدُوا، وانتَعِلوا وألقُوا الخِفافَ والسَّراوِيلاتِ، وألقوا الرُّكُبَ [1073] الرُّكُبُ -بضَمَّتَينِ- جَمعُ رِكابٍ: وهو ما يُعَلَّقُ في السَّرجِ فيَجعَلُ الرَّاكِبُ فيه رِجلَه فيَستَعينُ به عِندَ رُكوبِه ويَعتَمِدُ عليه، يُريدُ عُمَرُ أن يَدَعوا الاستِعانةَ بها على رُكوبِ الخَيلِ، ويَنزونَ عليها نَزوًا، أي: يَثِبونَ وَثبًا؛ لأنَّهم يَألفونَ بذلك القوَّةَ والنَّشاطَ والخُشونةَ. وقيل: هيَ جَمعُ رَكوبٍ، وهو ما يُركَبُ مِن كُلِّ دابَّةٍ، أي: لا تَعتادوا رُكوبَ الدَّوابِّ بلا سَفَرٍ. يُنظر: ((حاشية السندي على مسند الإمام أحمد)) (1/ 126)، ((غذاء الألباب)) للسفاريني (2/ 341، 342)، ((مسند أحمد- بشرح وتحقيق أحمد محمد شاكر)) (1/ 292)، ((مرعاة المفاتيح)) للمباركفوري (8/ 186). وانْزوا نَزوًا، وعليكُم بالمَعَدِّيَّةِ [1074] المَعَدِّيَّةُ: هي زِيُّ بني مَعَدِّ بنِ عَدنانَ، وهم العَرَبُ؛ فالمَعَدِّيَّةُ نِسبةٌ إلى مَعَدٍّ. ((اقتضاء الصراط المستقيم)) لابن تيمية (1/ 373). ، وارموا الأغراضَ، وذَروا التَّنَعُّمَ وزِيَّ العَجَمِ، وإيَّاكُم والحَريرَ؛ فإنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد نَهى عنه وقال: لا تَلبَسوا مِنَ الحَريرِ إلَّا ما كان هَكَذا، وأشارَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بإصبَعَيه) [1075] أخرجها أحمد (301). صحَّحها أحمد شاكر في تخريج ((مسند أحمد)) (1/153)، وشعيب الأرناؤوط على شرط الشيخين في تخريج ((مسند أحمد)) (301). .
4- عن أنَسِ بنِ مالِكٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن لَبِسَ الحَريرَ في الدُّنيا لم يَلبَسْه في الآخِرةِ)) [1076] أخرجه البخاري (5832)، ومسلم (2073) واللَّفظُ له. وأخرجه البخاري (5833) من حديثِ عبدِ اللهِ بنِ الزُّبَيرِ رَضِيَ اللهُ عنهما. .

انظر أيضا: