موسوعة الآداب الشرعية

رابعًا: عَدَمُ نَتفِ الشَّيبِ


لا يَنبغي نَتْفُ الشَّيبِ [1173] قال النَّوويُّ: (يُكرَهُ نَتفُ الشَّيبِ... هَكَذا قال أصحابُنا: يُكرَهُ، صَرَّح به الغَزاليُّ...، والبَغَويُّ وآخَرونَ، ولو قيل: يَحرُمُ؛ للنَّهي الصَّريحِ الصَّحيحِ، لم يَبعُدْ. ولا فَرقَ بَينَ نَتفِه مِنَ اللِّحيةِ والرَّأسِ). ((المجموع شرح المهذب)) (1/ 292، 293). ويُنظر: ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (1/ 143، 144)، ((التهذيب)) للبغوي (1/ 219). وقال ابنُ عُثَيمين: (أمَّا مِنَ اللِّحيةِ أو شَعرِ الوَجهِ فإنَّه حَرامٌ؛ لأنَّ هذا مِنَ النَّمصِ، فإنَّ النَّمصَ نَتفُ شَعرِ الوَجهِ واللِّحيةِ مِنه... أمَّا إذا كان النَّتفُ مِن شَعرِ الرَّأسِ فلا يَصِلُ إلى دَرَجةِ التَّحريمِ؛ لأنَّه ليسَ مِنَ النَّمصِ). ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (11/ 123).
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ والآثارِ:
أ- مِنَ السُّنَّةِ
1- عن عَمرِو بنِ شُعَيبٍ، عن أبيه، عن جَدِّه رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا تَنتِفوا الشَّيبَ؛ فإنَّه نورُ المُسلِمِ، ما مِن مُسلمٍ يَشيبُ شَيبةً في الإسلامِ إلَّا كُتِبَ له بها حَسَنةٌ، ورُفعَ بها دَرَجةً، أو حُطَّ عنه بها خَطيئةٌ)) [1174] أخرجه أبو داود (4202)، وأحمد (6672) واللَّفظُ له. صَحَّحه الألبانيُّ في ((صحيح سنن أبي داود)) (4202)، وصَحَّحه لغَيرِه شعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (4202)، وحسنه النووي في ((المجموع)) (1/292). .
وفي رِوايةٍ عن عَمرِو بنِ شُعَيبٍ، عن أبيه، عن جَدِّه، ((أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نَهى عن نَتفِ الشَّيبِ، وقال: إنَّه نورُ المُسلِمِ)) [1175] أخرجها الترمذي (2821) واللفظ له، والنسائي (5068)، وابن ماجه (3721). حسنها الترمذي، والنووي في ((المجموع)) (1/292). وقد ذهب إلى تصحيحها الألبانيُّ في ((صحيح سنن الترمذي)) (2821)، وصَحَّحها لغيرها شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (6989). .
2- عن فَضالةَ بنِ عُبَيدٍ رَضِيَ اللهُ عنه ((أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: مَن شابَ شَيبةً في سَبيلِ اللهِ كانت نورًا له يَومَ القيامةِ، فقال رَجُلٌ عِندَ ذلك: فإنَّ رِجالًا يَنتِفونَ الشَّيبَ! فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: مَن شاءَ فليَنتِفْ نُورَه)) [1176] أخرجه أحمد (23952)، والطبراني (18/304) (783)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (5971). حسَّنه الألباني في ((صحيح الترغيب)) (2092)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (23952). .
3- عن عَمرِو بنِ عَبَسةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَن بَنى مَسجِدًا ليُذكَرَ اسمُ اللهِ فيه بُنيَ له بَيتٌ في الجَنَّةِ، ومَن أعتَقَ نَفسًا مُسلِمةً كانت فِديَتَه مِن جَهَنَّمَ، ومَن شابَ شَيبةً في سَبيلِ اللهِ كانت له نورًا يَومَ القيامةِ)) [1177] أخرجه الترمذي (1635) مختصرًا، وأحمد (19440) واللفظ له. صحح إسناده الألباني في ((هداية الرواة)) (3319)، وقواه وجوده ابن كثير في ((التفسير)) (8/429). وقد ذهب إلى تصحيحه ابنُ حبان في ((صحيحه)) (2984)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (1635)، وقال الترمذيُّ: حَسَنٌ صحيحٌ غَريبٌ، وقال شُعَيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (19440): صحيحٌ دونَ قَولِه: "مَن بَنى للهِ مسجِدًا.." فصحيحٌ لغَيرِه. .
وفي رِوايةٍ: ((مَن وُلِدَ له ثَلاثةُ أولادٍ في الإسلامِ فماتوا قَبلَ أن يَبلُغوا الحِنثَ، أدخَلَه اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ الجَنَّةَ بفَضلِ رَحمَتِه إيَّاهم، ومَن شابَ شَيبةً في سَبيلِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ كانت له نورًا يَومَ القيامةِ، ومَن رَمى بسَهمٍ في سَبيلِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ بَلَغَ به العَدوَّ، أصابَ أو أخطَأَ، كان له كعَدلِ رَقَبةٍ، ومَن أعتَقَ رَقَبةً مُؤمِنةً أعتَقَ اللهُ بكُلِّ عُضوٍ مِنها عُضوًا مِنه مِنَ النَّارِ، ومَن أنفقَ زَوجَينِ في سَبيلِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ، فإنَّ للجَنَّةِ ثَمانيةَ أبوابٍ، يُدخِلُه اللهُ عَزَّ وجَلَّ مِن أيِّ بابٍ شاءَ مِنها الجَنَّةَ)) [1178] أخرجها مِن طُرُقِ: النسائي (3145) مُختَصَرًا، وأحمد (19437) واللَّفظُ له. صَحَّحها الألبانيُّ في ((صحيح سنن النسائي)) (3145)، وقال شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (19437): صحيحٌ دونَ قَولِه: "مَن وُلِدَ له...." و "ومَن أنفقَ زَوجَينِ" فصحيحٌ لغَيرِه، وقَوَّى إسنادَها وجوَّدها ابنُ كثير في ((التفسير)) (8/429). .
4- عن كَعبِ بنِ مُرَّةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ: ((مَن شابَ شَيبةً في الإسلامِ كانت له نورًا يَومَ القيامةِ)) [1179] أخرجه الترمذي (1634)، والنسائي (3144) واللفظ لهما، وأحمد (18064). صحَّحه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (1634)، وابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (4/118). .
ب- مِنَ الآثارِ
عن أنَسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: (يُكرَهُ أن يَنتِفَ الرَّجُلُ الشَّعرةَ البَيضاءَ مِن رَأسِه ولحيَتِه) [1180] أخرجه مسلم (2341). .
فائِدةٌ:
قال ابنُ حَجَرٍ: (قال ابنُ العَرَبيِّ: إنَّما نُهيَ عنِ النَّتفِ دونَ الخَضبِ؛ لأنَّ فيه تَغييرَ الخِلقةِ مِن أصلِها بخِلافِ الخَضبِ؛ فإنَّه لا يُغَيِّرُ الخِلقةَ على النَّاظِرِ إليه. واللهُ أعلَمُ) [1181] ((فتح الباري)) (10/ 355). ويُنظر: ((عارضة الأحوذي)) لابن العربي (10/ 260، 261). .

انظر أيضا: