موسوعة الآداب الشرعية

أولًا: عَدَمُ تَختُّمِ الرِّجالِ بالذَّهَبِ وإن قَلَّ


يَحرُمُ على الرَّجُلِ التَّخَتُّمُ بخاتَمِ الذَّهَبِ [1261] وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ، والمالِكيَّةِ، والشَّافِعيَّةِ، والحَنابِلةِ. يُنظر: ((الهداية شرح البداية)) للمرغيناني (4/82)، ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (2/448)، ((المجموع)) للنووي (4/440)، ((الإقناع)) للحجاوي (1/273). وكذا يَحرُمُ على الرَّجُلِ لُبسُ الخاتَمِ الذي به ذهَبٌ وإن قَلَّ، وهو مذهَبُ الشَّافعيَّةِ، وقولٌ عندَ المالِكيَّةِ، ووجهٌ عندَ الحَنابِلةِ، وهو قولُ ابنِ بازٍ؛ وذلك لأنَّ النَّهيَ يشمَلُ عُمومَ الذَّهَبِ؛ قليلَه وكثيرَه. يُنظر: يُنظر: ((المجموع)) للنووي (4/440)، ((مواهب الجليل)) للحَطَّاب (1/183)، ((الإنصاف)) للمرداوي (3/105)، ((مجموع فتاوى ابن باز)) (19/72). ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك [1262] قال ابنُ عَبدِ البَرِّ: (وأمَّا التَّخَتُّمُ بالذَّهَبِ فلا أعلَمُ أحدًا مِن أئمَّةِ الفتوى أجاز ذلك للرِّجالِ... فإن قيل: إنَّ السَّلَفَ قد اختلفوا في التَّخَتُّمِ في الذَّهَبِ، وليس في اتِّفاقِ فُقَهاءِ الأمصارِ حُجَّةٌ مع الاختلافِ عمَّن قَبلَهم، قيل: الحُجَّةُ في ذلك ما جاء عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه نهى الرِّجالَ عن لِباسِ الحريرِ والذَّهَبِ). ((الاستذكار)) (8/303). وقال عِياضٌ: (فيه تحريمُ اتِّخاذِ خاتَمِ الذَّهَبِ، ونَسخُ جوازِ فِعْلِه بعدَ أن كان لَبِسَه، ونزعُه له على المِنبَرِ ليراه النَّاسُ، وينقُلوا فِعْلَه وقَولَه معًا في منعِه. وقد وقع الإجماعُ بعدُ مِن جمهورِ العُلَماءِ على هذا، وتخصيصِه بالرِّجالِ دونَ النِّساءِ). ((إكمال المعلم)) (6/603). وقال أيضًا: (وما حُكي فيه عن أبى بكرِ بنِ محمَّدِ بنِ عَمرِو بنِ حَزمٍ في تختُّمِه بالذَّهَبِ فشُذوذٌ، والأشبَهُ أنَّه لم تبلُغْه السُّنَّةُ، والنَّاسُ بعدُ على خِلافِه مُجمِعونَ). ((إكمال المعلم)) (6/604). لكنَّه قال: (وقد ذهب بعضُهم إلى أنَّ لُبسَه للرِّجالِ بمعنى الكراهةِ لا التَّحريمِ، ولأجلِ السَّرَفِ، كما قال في الحريرِ). ((إكمال المعلم)) (6/604). قال ابنُ حَجَرٍ معَلِّقًا على هذا الكلامِ: (قال ابنُ دقيقِ العيدِ: هذا يقتضي إثباتَ الخِلافِ في التَّحريمِ، وهو يُناقِضُ القَولَ بالإجماعِ على التَّحريمِ، ولا بُدَّ مِن اعتبارِ وَصفِ كَونِه خاتَمًا. قلتُ: التَّوفيقُ بينَ الكلامَينِ مُمكِنٌ بأن يكونَ القائِلُ بكراهةِ التَّنزيهِ انقرَضَ، واستقَرَّ الإجماعُ بعدَه على التَّحريمِ). ((فتح الباري)) (10/317). وقال القُرطبيُّ: (وجمهورُ العُلَماءِ مِن السَّلَفِ والخَلَفِ على تحريمِ اتِّخاذِ الرِّجالِ خاتَمَ الذَّهَبِ، إلَّا ما رُوِيَ عن أبي بَكرِ بنِ عَبدِ الرَّحمنِ، وخَبَّابٍ، وهو خلافٌ شاذٌّ، وكلٌّ منهما لم يبلُغْهما النَّهيُ والنَّسخُ). ((الجامع لأحكام القرآن)) (10/87). وقال النَّوويُّ: (وأمَّا خاتَمُ الذَّهَبِ فهو حرامٌ على الرَّجُلِ بالإجماعِ). ((شرح مسلم)) (14/32). وقال الصَّنعانيُّ عن حديثِ ابنِ عبَّاسٍ: (ففيه تصريحٌ بأنَّ النَّهيَ عن خاتَمِ الذَّهَبِ للتَّحريمِ، وأجمعوا على تحريمِه على الرِّجالِ). ((التحبير لإيضاح معاني التيسير)) (4/589). .
الدَّليلُ على ذلك مِن السُّنَّةِ:
1- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أنَّه نهى عن خاتَمِ الذَّهَبِ)) [1263] أخرجه البخاري (5864)، ومسلم (2089). .
2- عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((نهاني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن التَّخَتُّمِ بالذَّهَبِ)) [1264] أخرجه مسلم (2078). .
3- عن البَراءِ بنِ عازِبٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((أمَرَنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بسَبعٍ، ونهانا عن سَبعٍ، وفيه: ونهانا عن آنيةِ الفِضَّةِ، وخاتَمِ الذَّهَبِ)) [1265] أخرجه البخاري (1239) واللفظ له، ومسلم (2066). .
4- عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَلبَسُ خاتَمًا مِن ذهَبٍ، فنبَذَه فقال: لا ألبَسُه أبدًا، فنبَذَ النَّاسُ خواتيمَهم)) [1266] أخرجه البخاري (5867) واللفظ له، ومسلم (2091). .
5- عن عبدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رأى خاتَمًا مِن ذهَبٍ في يَدِ رَجُلٍ، فنزَعَه فطَرَحه، وقال: يَعمِدُ أحَدُكم إلى جَمرةٍ مِن نارٍ فيجعَلُها في يَدِه! فقيل للرَّجُلِ بعدَما ذهَبَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: خُذْ خاتَمَك انتَفِعْ به، قال: لا واللهِ، لا آخُذُه أبدًا وقد طرَحَه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم)) [1267] أخرجه مسلم (2090). .

انظر أيضا: