موسوعة الآداب الشرعية

رابعًا: أنْ يقولَ: (بسمِ اللهِ في أوَّلِه وآخِرِه) إذا نَسِي التَّسميةَ


إذا نَسيَ أن يُسَمِّيَ اللَّهَ في أوَّل الطَّعامِ فليَقُلْ حينَ يَذكُرُ: "بسمِ اللهِ في أوَّلِه وآخِرِه" [1383] قال النَّوويُّ: (ولو تَرَكَ التَّسميةَ في أوَّلِ الطَّعامِ عامِدًا أو ناسيًا أو جاهلًا أو مُكرَهًا أو عاجِزًا لعارِضٍ آخَرَ ثُمَّ تمَكَّن في أثناءِ أكلِه مِنها يُستَحَبُّ أن يُسَمِّيَ ويَقولَ: باسمِ اللهِ أوَّلَه وآخِرَه). ((شرح مسلم)) (13/ 188). وقال أيضًا: (فإن تَرك [أي: التسميةَ] في أوَّلِه عامِدًا أو ناسيًا أو مُكرَهًا أو عاجِزًا لعارِضٍ آخَرَ ثُمَّ تمَكَّن في أثناءِ أكلِه استُحِبَّ أن يُسَمِّيَ ويَقولَ: "باسمِ اللهِ أوَّلَه وآخِرَه" كما جاءَ في الحديثِ). ((الأذكار)) (ص: 230). .
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ((إذا أَكَلَ أحَدُكم طَعامًا فلْيَقُلْ: باسمِ اللهِ، فإنْ نَسِيَ في أوَّلِه فلْيَقُلْ: بسْمِ اللهِ في أوَّلِه وآخِرِه)) [1384] أخرجه أبو داود (3767) باختلاف يسير، والترمذي (1858)، وأحمد (25733) واللفظ لهما. صحَّحه ابن حبان في ((صحيحه)) (5214)، وابن القيم في ((زاد المعاد)) (2/362)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (1858)، وصححه لغيره شعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (3767)، وقال الترمذي: حسن صحيح .
2- عن عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن نَسيَ أن يَذكُرَ اللَّهَ في أوَّلِ طَعامِه، فليَقُلْ حينَ يَذكُرُ: بسمِ اللهِ في أوَّلِه وآخِرِه؛ فإنَّه يَستَقبِلُ طَعامًا جَديدًا، ويَمنَعُ الخَبيثَ ما كان يُصيبُ مِنه)) [1385] أخرجه ابن حُبَّانِ (5213) واللَّفظُ له، والطبراني (10/211) (10354)، وابن السني في ((عمل اليوم والليلة)) (459). صحَّحه ابنُ حبان، والألباني في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (198)، وصحَّح إسناده شعيب الأرناؤوط في تخريج ((صحيح ابن حبان)) (5213). .
فوائدُ ومسائلُ:
التسميةُ في افتتاحِ الأعمالِ
قال ابنُ تَيميَّةَ: (شُرِعَتِ التَّسميةُ في افتِتاحِ الأعمالِ كُلِّها؛ فيُسَمِّي اللَّهَ عِندَ الأكلِ والشُّربِ، ودُخولِ المَنزِلِ والخُروجِ مِنه، ودُخولِ المَسجِدِ والخُروجِ مِنه، وغَيرِ ذلك مِنَ الأفعالِ، وهيَ عِندَ الذَّبحِ مِن شَعائِرِ التَّوحيدِ) [1386] ((مجموع الفتاوى)) (22/ 392). .
وقال أيضًا: (القُرَّاءُ مِنهم مَن يَفصِلُ بها بَينَ السُّورَتَينِ، ومِنهم مَن لا يَفصِلُ؛ لكَونِ القُرآنِ كُلِّه كَلامَ اللَّهِ، فلا يَفصِلونَ بها بَينَ السُّورَتَينِ، كَمَن سَمَّى إذا أكَل ثُمَّ أكَل أنواعًا مِنَ الطَّعامِ. ومِنهم مَن يُسَمِّي في أوَّلِ كُلِّ سورةٍ، وهذا أحسَنُ؛ لمُتابَعَتِه لخَطِّ المُصحَفِ، وهو بمَنزِلةِ رَفعِ طَعامٍ ووَضعِ طَعامٍ، فالتَّسميةُ عِندَه، وكذلك مَن ذَبح شاةً بَعدَ شاةٍ فالتَّسميةُ على كُلِّ شاةٍ أفضَلُ) [1387] ((مجموع الفتاوى)) (22/ 352، 353). .
ما يقولُ الصَّائمُ عندَ فطرِه
يُستَحَبُّ للصَّائِمِ أن يَقولَ عِندَ فِطرِه: ذَهَبَ الظَّمَأُ وابتَلَّتِ العُروقُ، وثَبَتَ الأجرُ إن شاءَ اللهُ.
فعن ابنِ عُمَرَ رضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((كان رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا أفطَرَ قال: ذَهَبَ الظَّمَأُ، وابتَلَّتِ العُروقُ، وثَبَتَ الأجرُ إن شاءَ اللهُ [1388] قال الشَّوكانيُّ: (قَولُه: «ذَهَب الظَّمَأُ» هو شِدَّةُ العَطَشِ. «وابتَلَّتِ العُروقُ» يَعني: بما وصَل إليها مِنَ الطَّعامِ والشَّرابِ، فيَذهَبُ عنها ما كان فيها مِنَ الجَفافِ بانقِطاعِها بالصَّومِ. «وثَبَتَ الأجرُ إن شاءَ اللهُ» جُعِل ثُبوتُه مُقَيَّدًا بمَشيئةِ اللهِ تعالى؛ لأنَّ الصَّائِمَ لا يَدري هَل قَبِلَ اللهُ تعالى صيامَه أو رَدَّه). ((تحفة الذاكرين)) (ص: 223). وقال الطِّيبيُّ: (قَولُه: «ثَبَتَ الأجرُ» بَعدَ قَولِه: «ذَهَبَ الظَّمَأُ» استِبشارٌ مِنهم؛ لأنَّ مَن فازَ ببُغيَتِه، ونال مَطلوبَه بَعدَ التَّعَبِ والنَّصَبِ، وأرادَ أن يَستَلِذَّ بما أدرَكه مَزيدَ استِلذاذٍ، ذَكَرَ تلك المَشَقَّةَ، ومِن ثَمَّ حَمِدَ أهلُ السَّعادةِ في الجَنَّةِ بَعدَ ما أفلَحوا بقَولِهم: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ). ((الكاشف عن حقائق السنن)) (5/ 1588). [1389] أخرجه أبو داود (2357)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (10058)، والطبراني (13/308) (14097). حسن إسناده الدارقطني في ((السنن)) (2/401)، وابن باز في ((حاشية بلوغ المرام)) (407)، والألباني في ((هداية الرواة)) (1934)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (2357). وقد ذهب إلى تصحيحه الحاكِمُ على شرط الشيخين في ((المستدرك)) (1556)، وحسَّنه ابن حجر كما في ((الفتوحات الربانية)) لابن علان (4/339). .

انظر أيضا: