موسوعة الآداب الشرعية

سابعًا: التَّيامُنُ في مُناوَلةِ الشَّرابِ


مِن آدابِ الشُّربِ: التَّيامُنُ في مُناوَلةِ الشَّرابِ.
الدَّليلُ على ذلك مِن السُّنَّةِ:
1- عن سَهلِ بنِ سَعدٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((أُتِيَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بقَدَحٍ [1708] القَدَحُ: إناءٌ يُشرَبُ مِنه الماءُ أو نَحوُه. يُنظر: ((شرح الشفا)) للقاري (1/ 172)، ((المعجم الوسيط)) (2/ 717). فشَرِبَ مِنه، وعن يَمينِه غُلامٌ أصغَرُ القَومِ، والأشياخُ عن يَسارِه، فقال: يا غُلامُ، أتَأذَنُ لي أن أُعطِيَه الأشياخَ؟ قال: ما كُنتُ لأُوثِرَ بفَضلي مِنك أحَدًا يا رَسولَ اللهِ، فأعطاه إيَّاه)) [1709] أخرجه البخاري (2351) واللفظ له، ومسلم (2030). .
2- عن أنَسِ بنِ مالِكٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((أتانا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في دارِنا هذه فاستَسقى، فحَلَبنا له شاةً لنا، ثُمَّ شُبْتُه [1710] الشَّوبُ: الخَلطُ والمَزجُ. يُنظر: ((جامع الأصول)) لابن الأثير (5/ 84). مِن ماءِ بِئرِنا هذه، فأعطَيتُه، وأبو بَكرٍ عن يَسارِه وعُمَرُ تِجاهَه، وأعرابيٌّ عن يَمينِه، فلمَّا فَرَغَ قال عُمَرُ: هذا أبو بَكرٍ، فأعطى الأعرابيَّ فَضلَه، ثُمَّ قال: الأيمَنونَ الأيمَنونَ، أَلَا فَيَمِّنوا. قال أنَسٌ: فهي سُنَّةٌ، فهي سُنَّةٌ، ثَلاثَ مَرَّاتٍ)) [1711] أخرجه البخاري (2571) واللفظ له، ومسلم (2029). .
فائِدةٌ:
قال ابنُ رُشدٍ: (إذا استَوت أحوالُ المُجتَمِعينَ أو تَقارَبَت كانتِ البدايةُ باليَمينِ مِمَّا يُستَحَبُّ في مَكارِمِ الأخلاقِ؛ لِما في ذلك مِن تَركِ إظهارِ تَرفيعِ بَعضِهم على بَعضٍ بالتَّبدِئةِ به. وأمَّا إذا كان فيهمُ العالمُ وذو الفَضلِ والسِّنِّ فالسُّنَّةُ في ذلك أن يَبدَأَ به حَيثُما كان مِنَ المَجلسِ، ثُمَّ يُناوِلَ هو مَن كان على يَمينِه، كَما فعَل رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم «إذ أُتيَ بلبَنٍ قد شِيبَ بماءٍ، وعن يَمينِه أعرابيٌّ، وعن يَسارِه أبو بَكرٍ، فشَرِبَه ثُمَّ أعطاه الأعرابيَّ، وقال: الأيمَنَ فالأيمَنَ» ولا يُعطي الذي على يَسارِه وإن كان أحَقَّ بالتَّبدِئةِ مِنَ الذي على يَمينِه؛ لعِلمِه وخَيرِه وسِنِّه إلَّا بَعدَ أن يَستَأذِنَه في ذلك، كَما فعَل رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "إذ أُتيَ بشَرابٍ فشَرِبَ مِنه وعن يَمينِه غُلامٌ وعن يَسارِه الأشياخُ، فقال للغُلامِ: أتَأذَنُ لي أن أُعطيَ هَؤُلاءِ؟ فقال: لا واللَّهِ يا رَسولَ اللهِ، لا أوثِرُ بنَصيبي مِنك أحَدًا، فتَلَّه رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في يَدِه") [1712] ((البيان والتحصيل)) (18/ 554). .

انظر أيضا: