خامِسًا: اجتِنابُ ما حَرَّمَه اللهُ
يَجِبُ على الزَّوجِ اجتِنابُ ما حَرَّمَ اللهُ، كَجِماعِ الحائِضِ والنُّفَساءِ، والجِماعِ في الدُّبُرِ.
1- جِماعُ الحائِضِ والنُّفَساءِ يَحرُمُ جِماعُ الحائِضِ والنُّفَساءِ.
الدَّليلُ على ذلك مِنَ الكِتابِ والسُّنَّةِ والإجماعِ: أ- مِنَ الكتابِ: قَولُه تعالى:
وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ [البقرة: 222] .
وَجهُ الدَّلالةِ: أنَّ المرادَ بالمَحيضِ: زمانُ الحَيضِ، ومكانُه وهو الفَرْجُ
[1421] ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (11/314). .
ب- مِن السُّنَّةِ: عن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عنه:
((أنَّ اليهودَ كانوا إذا حاضَتِ المرأةُ فيهم لم يُؤاكِلُوها، ولم يُجامِعوهنَّ في البيوتِ، فسأل أصحابُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ فأنزَلَ الله تعالى: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ [البقرة: 222] إلى آخِرِ الآيةِ، فقال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: اصنَعوا كلَّ شيءٍ إلَّا النِّكاحَ)) [1422] رواه مسلم (302). .
ج- مِنَ الإجماعِ: نقل الإجماعَ على تحريمِ جماعِ الحائضِ: الطَّبَريُّ
[1423] قال الطَّبَريُّ في قَولِه تعالى: فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ: (...هو الجِماعُ المُجمَعُ على تَحريمِه على الزَّوجِ في قُبُلِها). ((جامع البيان)) (4/381). ، وابنُ المُنذِر
[1424] قال ابنُ المُنذِرِ: (والفَرجُ مُحَرَّمٌ في حالِ الحَيضِ بالكِتابِ والإجماعِ). ((الأوسط)) (2/336،214). ، وابنُ حزمٍ
[1425] قال ابنُ حَزمٍ: (أمَّا امتِناعُ الصَّلاةِ والصَّومِ والطَّوافِ، والوطءِ في الفَرجِ في حالِ الحَيضِ فإجماعٌ مُتَيَقَّنٌ مَقطوعٌ به، لا خِلافَ بَينَ أحَدٍ مِن أهلِ الإسلامِ فيه). ((المحلى)) (1/380). ، وابنُ رُشدٍ
[1426] قال ابنُ رُشدٍ: (اتَّفقَ المُسلِمونَ على أنَّ الحَيضَ يَمنَعُ أربَعةَ أشياءَ: أحَدُها: فِعلُ الصَّلاةِ... والرَّابعُ: الجِماعُ في الفَرجِ). ((بداية المجتهد)) (1/56). ، وابنُ قُدامةَ
[1427] قال ابنُ قُدامةَ: (الاستِمتاعُ مِنَ الحائِضِ فيما فوقَ السُّرَّةِ ودونَ الرُّكبةِ جائِزٌ بالنَّصِّ والإجماعِ، والوطءُ في الفَرجِ مُحَرَّمٌ بهما). ((المغني)) (1/242). ، والقُرطبيُّ
[1428] يُنظر: ((الجامع لأحكام القرآن)) للقرطبي (3/87). ، والنَّوويُّ،
[1429] قال النَّوويُّ: (أجمَعَ المُسلِمونَ على تَحريمِ وطءِ الحائِضِ). ((المجموع)) (2/359). وابنُ تيميَّةَ
[1430] قال ابنُ تَيميَّةَ: (وَطءُ الحائِضِ لا يَجوزُ باتِّفاقِ الأئِمَّةِ). ((مجموع الفتاوى)) (21/624). .
ونقل الإجماعَ على تحريمِ جماعِ النُّفساءِ: ابنُ جريرٍ الطَّبريُّ
[1431] قال ابنُ رَجَبٍ: (دَمُ النِّفاسِ حُكمُه حُكمُ دَمِ الحَيضِ فيما يُحَرِّمُه ويُسقِطُه، وقد حَكى الإجماعَ على ذلك غَيرُ واحِدٍ مِنَ العُلماءِ، مِنهم: ابنُ جَريرٍ وغَيرُه). ((فتح الباري)) (1/546). ، وابنُ حَزمٍ
[1432] قال ابنُ حَزمٍ: (دَمُ النِّفاسِ يَمنَعُ ما يَمنَعُ مِنه دَمُ الحَيضِ، هذا لا خِلافَ فيه مِن أحَدٍ، حاشا الطَّوافِ بالبَيتِ... ثُمَّ استَدرَكنا فرَأينا أنَّ النِّفاسَ حَيضٌ صحيحٌ، وحُكمُه حُكمُ الحَيضِ في كُلِّ شَيءٍ) ((المحلى)) (1/400). ، وابنُ رُشْدٍ
[1433] قال ابنُ رُشدٍ: (أجمَعوا على أنَّه دَمُ نِفاسٍ، وأنَّ حُكمَه حُكمُ الحَيضِ في مَنعِه الصَّلاةَ، وغَيرِ ذلك مِن أحكامِه). ((بداية المجتهد)) (1/59). ، وابنُ قُدامةَ
[1434] قال ابنُ قُدامةَ: (حُكمُ النُّفَساءِ حُكمُ الحائِضِ في جَميعِ ما يَحرُمُ عليها، ويَسقُطُ عنها، لا نَعلمُ في هذا خِلافًا، وكذلك تَحريمُ وطئِها، وحِلُّ مُباشَرَتِها، والاستِمتاعُ بما دونَ الفَرجِ مِنها، والخِلافُ في الكَفَّارةِ بوَطئِها). ((المغني)) (1/254). ، والشَّوكانيُّ
[1435] قال الشَّوكانيُّ: (أمَّا كَونُ النِّفاسِ كالحَيضِ في تَحريمِ الوطءِ، وتَركِ الصِّيامِ والصَّلاةِ؛ فلا خِلافَ في ذلك). ((الدراري المضية)) (1/70). .
مسألةٌ: حُكمُ مُباشَرةِ الحائِضِ يجوزُ الاستمتاعُ بالحائِضِ بما فوقَ السُّرَّةِ وبما تحتَ الرُّكبةِ
[1436] ويَجوزُ الاستِمتاعُ بالحائِضِ بما تَحتَ الإزارِ ولو بدونِ حائِلٍ، دونَ إيلاجٍ، وهو مَذهَبُ الحَنابلةِ، والظَّاهريَّةِ، واختارَه مِنَ الحَنَفيَّةِ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ، وهو قَولٌ للمالكيَّةِ، وقَولٌ للشَّافِعيَّةِ، رَجَّحَه النَّوَويُّ، واختارَه ابنُ المُنذِرِ، وابنُ عُثيمين، وبه أفتَتِ اللَّجنةُ الدَّائِمةُ. يُنظر: ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/200)، ((المحلى)) لابن حزم (9/231)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (1/166)، ((بداية المجتهد)) لابن رشد (1/57)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/110)، ((المجموع)) للنووي (2/363)، ((الأوسط)) لابن المنذر (2/336)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/481)، ((فتاوى اللجنة الدائمة- المجموعة الأولى)) (19/278). لكن ينبغي للمَرءِ أن يحتاطَ في هذا الأمرِ، فلا يُباشِرَ امرأتَه إلَّا وهي متَّزِرةٌ، كما كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يأمُرُ نساءَه، لا سيما أنَّ جمهورَ الفُقَهاءِ مِن الحنفيَّةِ، والمالكيَّةِ والشَّافعيَّةِ، قالوا: لا يجوزُ الاستِمتاعُ بالحائِضِ بما تحتَ الإزارِ. يُنظر: ((الموسوعة الفقهيَّة بموقع الدُّرر السَّنيَّة)) https://dorar.net/feqhia. .
الدَّليلُ على ذلك مِنَ الكِتابِ والسُّنَّةِ والإجماعِ: أ- مِنَ الكِتابِ: قَولُ اللهِ تعالى:
وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ [البقرة: 222] .
وَجهُ الدَّلالةِ: أنَّ الاعتزالَ الذي أمر اللهُ به هوَ اجتنابُ جِماعِهنَّ، كَما فسَّره بذلك رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بِقَولِه:
((اصنَعوا كلَّ شيءٍ إلَّا النِّكاحَ)) [1437] أخرجه مسلم (302) من حديثِ أنَسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه. ، وبفِعلِه مع أزواجِه؛ حيث كانَ يباشِرُهنَّ في المحيضِ، فدلَّ كلُّ ذلك على أنَّ الأمرَ باعتزالهنَّ هو في الوطءِ خاصَّةً
[1438] ((فتح الباري)) لابن رجب (1/420). .
ب- مِن السُّنَّةِ 1- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت:
((وكان يأمُرني فأتَّزِرُ، فيُباشِرُني وأنا حائِضٌ)) [1439] أخرجه البخاري (300) واللفظ له، ومسلم (293) .
2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت:
((كانتْ إحدانا إذا كانتْ حائضًا، فأراد رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنْ يُباشِرَها، أمرَها أن تتَّزِرَ في فَورِ حَيضَتِها، ثُمَّ يباشِرُها، قالت: وأيُّكم يملِكُ إربَه كَما كانَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يملكُ إربَه؟!)) [1440] أخرجه البخاري (302) واللفظ له، ومسلم (293). .
3- عن ميمونةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت:
((كان رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا أراد أن يباشِرَ امرأةً مِن نسائِه، أمَرَها فاتَّزَرَت وهي حائِضٌ)) [1441] أخرجه البخاري (303) واللفظ له، ومسلم (294). .
ج- من الإجماع نقل الإجماعَ على جوازِ ذلك: ابنُ جرير الطبريُّ
[1442] قال النَّوويُّ: (ولا يَجتَنِبُ الزَّوجُ مُضاجَعَتَها إذا سَتَرَت ما بَينَ السُّرَّةِ والرُّكبةِ... وهذا كُلُّه مُتَّفَقٌ عليه، وقد نَقَل ابنُ جَريرٍ إجماعَ المُسلِمينَ على هذا). ((المجموع)) (2/543). ، وابنُ قدامة
[1443] قال ابنُ قُدامةَ: (الاستِمتاعُ مِنَ الحائِضِ فيما فوقَ السُّرَّةِ ودونَ الرُّكبةِ جائِزٌ بالنَّصِّ والإجماعِ). ((المغني)) (1/242). ، والنَّوويُّ
[1444] قال النَّوويُّ: (أمَّا ما سِواه [أي: ما سِوى ما بَينَ السُّرَّةِ والرُّكبةِ] فمُباشَرَتُها فيه حَلالٌ بإجماعِ المُسلمينَ، نَقَل الإجماعَ فيه الشَّيخُ أبو حامِدٍ، والمحامِليُّ في "المَجموعِ"، وابنُ الصَّبَّاغِ، والعَبدريُّ، وآخَرونَ). ((المجموع)) (2/364). ، وحكَى ابنُ رجبٍ الإجماعَ عن كثيرٍ من العُلماءِ
[1445] قال ابنُ رَجَبٍ: (أمَّا ما فوقَ السُّرَّةِ وتَحتَ الرُّكبةِ فيَجوزُ الاستِمتاعُ به، وكَثيرٌ مِنَ العُلماءِ حَكى الإجماعَ على ذلك، ومِنهم مَن حَكى عن عَبيدةَ السَّلمانيِّ خِلافَه، ولا يَصِحُّ عنه). ((فتح الباري)) (1/417). وحَكى بَعضُهم خِلافًا في المَسألةِ؛ قال الطَّبريُّ: (واختَلف أهلُ العِلمِ في الذي يَجِبُ على الرَّجُلِ اعتِزالُه مِنَ الحائِضِ، قال بَعضُهم: الواجِبُ على الرَّجُلِ اعتِزالُ جَميعِ بَدَنِها أن يُباشِرَه بشَيءٍ مِن بَدَنِه...)، وذَكَر الخِلافَ عن عَبيدةَ وابنِ عبَّاسٍ. يُنظر ((جامع البيان)) (4/375). قال النَّوويُّ: (وأمَّا ما حَكاه صاحِبُ "الحاوي" عن عَبيدةَ السَّلمانيِّ الإمامِ التَّابعيِّ -وهو بفتحِ العَينِ، وكَسرِ الباءِ- مِن أنَّه لا يُباشِرُ شَيءٌ مِن بَدَنِه شَيئًا مِن بَدَنِها، فلا أظُنُّه يَصِحُّ عنه، ولو صَحَّ فهو شاذٌّ مَردودٌ بالأحاديثِ الصَّحيحةِ المَشهورةِ). ((المجموع)) (2/364). وقال ابنُ رَجَبٍ: (ومِنهم مَن حَكى عن عَبيدةَ السَّلمانيِّ خِلافَه [أي: جَوازَ الاستِمتاعِ بما فوقَ السُّرَّةِ وتَحتَ الرُّكبةِ]، ولا يَصِحُّ عنه، إنَّما الصَّحيحُ عن عَبيدةَ: ما رَواه وكيعٌ في كِتابِه، عن ابنِ عَونٍ، عن ابنِ سِيرينَ، قال: سَألتُ عَبيدةَ: ما للرَّجُلِ مِنِ امرَأتِه إذا كانت حائِضًا؟ قال: الفِراشُ واحِدٌ، واللِّحافُ شَتَّى، فإن لم يَجِدْ بُدًّا رَدَّ عليها مِن طَرَفِ ثَوبِه. وهذا إنَّما يَدُلُّ على أنَّ الأَولى ألَّا يَنامَ مَعَها مُتَجَرِّدةً في لحافٍ واحِدٍ، حتَّى يَستُرَها بشَيءٍ مِن ثيابِه، وهذا لا خِلافَ فيه، وقد رُويَ عن ابنِ عبَّاسٍ أنَّه كان يَعتَزِلُ فِراشَ امرَأتِه في حالِ الحَيضِ، وأنكَرَت عليه ذلك خالتُه مَيمونةُ رَضِيَ اللهُ عنهما، فرَجَعَ عن ذلك). ((فتح الباري)) (1/417). .
2- الجماع في الدبر
يَحرُمُ وَطءُ المرأةِ في دُبُرِها
[1446] وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ، والمالِكيَّةِ، والشَّافِعيَّةِ، والحَنابِلةِ. يُنظر: ((البحر الرائق)) لابن نجيم (8/220)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (5/24)، ((روضة الطالبين)) للنووي (7/204)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/188). وحُكِيَ فيه الإجماعُ: قال الطَّبَريُّ: (وفي إجماعِ الجَميعِ على أنَّ اللَّهَ تعالى ذِكرُه لم يُطلِقْ في حالِ الحَيضِ مِن إتيانِهنَّ في أدبارِهنَّ شَيئًا حَرَّمَه في حالِ الطُّهرِ، ولا حَرَّمَ مِن ذلك في حالِ الطُّهرِ شَيئًا أحَلَّه في حالِ الحَيضِ...). ((جامع البيان)) (4/393). وقال النَّوويُّ: (واتَّفقَ العُلماءُ الذينَ يُعتَدُّ بهم على تَحريمِ وطءِ المَرأةِ في دُبُرِها، حائِضًا كانت أو طاهرًا؛ لأحاديثَ كَثيرةٍ مَشهورةٍ). ((شرح مسلم)) (10/6). وقال العَينيُّ: (وقدِ انعَقدَ الإجماعُ على تَحريمِ إتيانِ المَرأةِ في الدُّبُرِ، وإن كان فيه خِلافٌ قديمٌ فقدِ انقَطَعَ). ((البناية شرح الهداية)) (6/308). لكِن قال الماوَرديُّ: (اعلَمْ أنَّ مَذهَبَ الشَّافِعيِّ وما عليه الصَّحابةُ وجُمهورُ التَّابِعينَ والفُقَهاءِ: أنَّ وطءَ النِّساءِ في أدبارِهنَّ حَرامٌ. وحُكيَ عن نافِعٍ، وابن أبي مُلَيكةَ، وزَيدِ بنِ أسلَمَ: أنَّه مُباحٌ، ورَواه نافِعٌ عن ابنِ عُمَرَ، واختَلفتِ الرِّوايةُ فيه عن مالكٍ، فرَوى عنه أهلُ المَغرِبِ أنَّه أباحَه في كِتابِ السِّيرةِ. وقال أبو مُصعَبٍ: سَألتُه عنه فأباحَه). ((الحاوي الكبير)) (9/317). .
الدَّليلُ على ذلك مِنَ الكِتابِ والسُّنَّةِ: أ-مِن الكتابِ قال تعالى:
نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ [البقرة: 223] .
وَجهُ الدَّلالةِ: الحَرْثُ هو مَوضِعُ الولَدِ؛ فإنَّ الحَرثَ محَلُّ الغَرسِ والزَّرعِ
[1447] ((الفتاوى الكبرى)) لابن تيمية (3/103). .
ب- مِنَ السُّنَّة عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما:
((أنَّ يهودَ كانت تقولُ: إذا أُتِيَت المرأةُ مِن دُبُرِها في قُبُلِها، ثمَّ حَمَلت، كان ولَدُها أحوَلَ. قال: فأُنزِلَت: نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ )) [1448] أخرجه مسلم (1435) ، وفي روايةٍ:
((إن شاء مُجَبِّيةً [1449] مُجَبِّية: أي: مُنْكَبَّة على وَجهِها كهيئةِ السَّاجِدةِ. يُنظر: ((غريب الحديث)) لابن الجوزي (1/137)، ((النهاية)) لابن الأثير (1/238). ، وإن شاء غيرَ مُجَبِّيةٍ، غيرَ أنَّ ذلك في صِمامٍ واحِدٍ)) [1450] أخرجها مسلم (1435) .
وَجهُ الدَّلالةِ: قَولُه:
((غيرَ أنَّ ذلك في صِمامٍ واحِدٍ)) أي: ثُقبٍ واحدٍ، والمرادُ به القُبُلُ، وفي توقيفِ النبيِّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ إيَّاهم في وَطءِ امرأتِه على الفَرجِ: إعلامٌ منه أنَّ الدُّبُرَ بخِلافِ ذلك؛ لأنَّ تنصيصَه على الفَرجِ يُنافي دُخولَ الدُّبُرِ فيه
[1451] ((نخب الأفكار)) للعيني (10/440). .
أمَّا التَّعليلُ: فإذا كان اللهُ تبارك وتعالى قد حرَّمَ الوَطءَ في الفَرجِ عند المحيضِ مِن أجْلِ الأذى، فالدُّبُرُ أَولى بالتَّحريمِ؛ لأنَّه أعظَمُ أذًى
[1452] ((بحر المذهب)) للروياني (9/311). .
انظر أيضا:
عرض الهوامش