موسوعة الآداب الشرعية

أربعٌ وعشرونَ: التَّعجيلُ بالرُّجوعِ


يُستَحَبُّ للمُسافِرِ إذا لم يَكُنْ أهلُه مَعَه أن يُعَجِّلَ الرُّجوعَ إليهم إذا قَضى مَقصودَه مِن سَفَرِه.
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
عن أبي هرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((السَّفَرُ قِطعةٌ مِنَ العَذابِ؛ يَمنَعُ أحَدَكُم طَعامَه وشَرابَه ونَومَه [2043] قال الخَطَّابيُّ: (يُريدُ أنَّه يَمنَعُه الطَّعامَ في الوَقتِ الذي يُريدُ أن يَأكُلَ فيه؛ لشَغلِه بمَسيرِه، ويَمنَعُه النَّوعَ الذي يَستَوفِقُه مِنه لعَيشِه وغِذائِه، والنَّومُ كذلك أيضًا يَمنَعُه في وَقتِه، واستيفاءَ القَدرِ الذي يَحتاجُ إليه لجَمامِه وراحَتِه. وفيه التَّرغيبُ في الإقامةِ وتَركِ الإكثارِ مِنَ السَّفرِ؛ لئَلَّا تَفوتَه الجُمُعاتُ والجَماعاتُ، والحُقوقُ الواجِبةُ للأهلِ والوَلَدِ والقَراباتِ. وهذا في الأسفارِ التي هيَ غَيرُ واجِبةٍ؛ ألا تَراه يَقولُ: «فإذا قَضى نَهمَتَه فليُعَجِّلْ إلى أهلِه»، وإنَّما أشارَ إلى السَّفَرِ الذي يَختارُه الإنسانُ لإربٍ له فيه ونَهمةٍ مِن تِجارةٍ أو ضَربٍ في الأرضِ للتَّقَلُّبِ والجَولانِ، دونَ السَّفَرِ الواجِبِ مِن حَجٍّ أو غَزوٍ أو نَحوِهما). ((أعلام الحديث)) (2/ 915، 916). ، فإذا قَضى نَهمتَه فليُعَجِّلْ إلى أهلِه)) [2044] أخرجه البخاري (1804) واللفظ له، ومسلم (1927). .
قال ابنُ حَجَرٍ: (في الحَديثِ كَراهةُ التَّغَرُّبِ عنِ الأهلِ لغَيرِ حاجةٍ، واستِحبابُ استِعجالِ الرُّجوعِ، ولا سيَّما مَن يَخشى عليهمُ الضَّيعةَ بالغَيبةِ، ولِما في الإقامةِ في الأهلِ مِنَ الرَّاحةِ المُعينةِ على صَلاحِ الدِّينِ والدُّنيا، ولِما في الإقامةِ مِن تَحصيلِ الجَماعاتِ والقوَّةِ على العِبادةِ) [2045] ((فتح الباري)) (3/ 623). .

انظر أيضا: