ثانيًا: أن يَكونَ الحُبُّ للهِ وفي اللهِ
يَنبَغي أن يُحِبَّ المَرءُ أخاه، ويَكونَ الحُبُّ للهِ وفي اللهِ، لا لغَرَضٍ مِنَ الأغراضِ الدُّنيَويَّةِ، ولا لحَظٍّ مِنَ الحُظوظِ البَشَريَّةِ.
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:1- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((لا تَدخُلونَ الجَنَّةَ حتَّى تُؤمِنوا، ولا تُؤمِنوا حتَّى تَحابُّوا، أوَلا أدُلُّكُم على شيءٍ إذا فعَلتُموه تَحابَبتُم؟ أفشُوا السَّلامَ بينَكُم)) [1654] أخرجه مسلم (54). .
2- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أنَّه قال:
((مَن أحَبَّ أن يَجِدَ طَعمَ الإيمانِ، فليُحِبَّ المَرءَ لا يُحِبُّه إلَّا للهِ عَزَّ وجَلَّ)) [1655] أخرجه أحمد (7967)، والبزار (9609) واللفظ لهما، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (8988) باختلاف يسير. حَسَّنه الألباني في ((صحيح الجامع)) (5958)، وصحَّح إسناده أحمد شاكر في تخريج ((مسند أحمد)) (15/118)، وحَسَّنه شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (7967). والحَديثُ رُويَ بلفظِ: عن أبي هُرَيرةَ، عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((مَن سَرَّه أن يَجِدَ حَلاوةَ الإيمانِ فليُحِبَّ المَرءَ لا يُحِبُّه إلَّا للَّهِ)). أخرجه إسحاق بن راهويه في ((المسند)) (253) باختلاف يسير، والحاكم (3)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (9018) واللفظ لهما. صحَّحه الحاكم، والشوكاني في ((الفتح الرباني)) (1/418)، وحَسَّنه الألباني في ((صحيح الجامع)) (6288) .
وفي رِوايةٍ:
((مَن سَرَّه أن يَجِدَ طَعمَ الإيمانِ، فليُحِبَّ العَبدَ لا يُحِبُّه إلَّا للهِ عَزَّ وجَلَّ)) [1656] أخرجها أحمد (10738)، والطيالسي (2617)، والحاكم (7518). حسن إسنادها الألباني في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (2300)، وشعيب الأرناوؤط في تخريج ((مسند أحمد)) (10738). .
3- عن أنَسِ بنِ مالِكٍ رَضِيَ اللهُ عنه، عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال:
((ثَلاثٌ مَن كُنَّ فيه وجدَ حَلاوةَ الإيمانِ: أن يَكونَ اللَّهُ ورَسولُه أحَبَّ إليه مِمَّا سِواهما، وأن يُحِبَّ المَرءَ لا يُحِبُّه إلَّا للَّهِ، وأن يَكرَهَ أن يَعودَ في الكُفرِ كما يَكرَهُ أن يُقذَفَ في النَّارِ)) [1657] أخرجه البخاري (16) واللفظ له، ومسلم (43). .
قال عِياضٌ: (لا تَصِحُّ مَحبَّةُ اللَّهِ ورَسولِه حَقيقةً، والحبُّ للغيرِ في اللهِ، وكراهةُ الرُّجوعِ إلى الكُفرِ، إلَّا لمَن قَويَ بالإيمانِ يَقينُه، واطمَأنَّت به نَفسُه، وانشَرَحَ له صَدرُه، وخالطَ دَمَه ولحمَه، وهذا هو الذي وَجَدَ حَلاوتَه، والحُبُّ في اللهِ مِن ثَمَراتِ الحُبِّ للَّهِ.
ومِن مَحَبَّةِ اللهِ ومَحَبَّةِ رَسولِه التِزامُ شَريعَتِه، ووُقوفُه عِندَ حُدودِه، ومَحَبَّةُ أهلِ مِلَّتِه، وهو تَمامُ مَحَبَّتِه، فيُحِبُّ العَبدَ لا يُحِبُّه إلَّا للَّهِ؛ لأنَّ مَن أحَبَّ شيئًا أحَبَّ ما يُحِبُّه، ومَن يُحِبُّه، ومَن هو مِن سَبَبِه، وإذا حَصَل هذا بينَ المُؤمِنينَ حَصَلت مِنه الألفةُ الموجِبةُ للتَّعاوُنِ على البرِّ والتَّقوى، والمَزيدةُ لأمرِ الدِّينِ والدُّنيا. والمَحَبَّةُ للهِ والبُغضُ فيه مِن واجِباتِ الإسلامِ، وهو قَولُ مالكٍ وغيرِه مِنَ العُلماءِ)
[1658] ((إكمال المعلم)) (1/ 278، 279). .
وقال ابنُ المُلقِّنِ: (فيه الحَثُّ على المَحَبَّةِ في اللهِ تعالى والإخلاصِ فيها... وقد قال يَحيى بنُ مُعاذٍ الرَّازيُّ: حَقيقةُ المَحَبَّةِ ألَّا تَزيدَ بالبِرِّ، ولا تَنقُصَ بالجَفاءِ.
وأمَّا المَحَبَّةُ المَشوبةُ بالأغراضِ الدُّنيَويَّةِ والحُظوظِ البَشَريَّةِ فغيرُ مَطلوبةٍ؛ لأنَّ مَن أحَبَّ لذلك انقَطَعَت عِندَ حُصولِ غَرَضِه أو إياسِه مِنه، بخِلافِ المَحَبَّةِ الخالِصةِ؛ فإنَّه تَحصُلُ الألفةُ الموجِبةُ للتَّعاوُنِ على البرِّ والتَّقوى)
[1659] ((التوضيح لشرح الجامع الصحيح)) (2/ 532). .
4- عن أبي أُمامةَ رَضِيَ اللهُ عنه، عن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال:
((مَن أحَبَّ للَّهِ وأبغَضَ للَّهِ، وأعطى للَّهِ ومَنَعَ للَّهِ؛ فقَدِ استَكمَل الإيمانَ)) [1660] أخرجه أبو داود (4681)، والطبراني (8/159) (7613)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (9021). حسن إسناده الألباني في ((هداية الرواة)) (29)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((شرح السنة)) (1/39). .
5- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((إنَّ اللَّهَ يَقولُ يَومَ القيامةِ: أينَ المُتَحابُّونَ بجَلالي، اليَومَ أُظِلُّهم في ظِلِّي يَومَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلِّي)) [1661] أخرجه مسلم (2566). .
قال أبو العَبَّاسِ القُرطُبيُّ: (قَولُه: "أينَ المُتَحابُّونَ بجَلالي" هذا نِداءُ تَنويهٍ وإكرامٍ. و"لجَلالي" رُويَ باللَّامِ وبالباءِ، ومَعناهما مُتَقارِبٌ؛ لأنَّ المَقصودَ بهما هنا: السَّبَبيَّةُ، أي: لعَظيمِ حَقِّي وحُرمةِ طاعَتي، لا لغَرَضٍ مِن أغراضِ الدُّنيا)
[1662] ((المفهم)) (6/ 541). .
وقال النَّوويُّ: (قَولُه تعالى: "المُتَحابُّونَ بجَلالي"، أي: بعَظَمَتي وطاعَتي، لا للدُّنيا)
[1663] ((شرح مسلم)) (16/ 123). .
6- عن أبي إدريسَ الخَولانيِّ، قال: دَخَلتُ مَسجِدَ دِمَشقَ فإذا فتًى شابٌّ برَّاقُ الثَّنايا
[1664] بَرَّاقُ الثَّنايا: أي: شَديدُ بَياضِها، وأبيَضُ الثَّغرِ حَسَنُه. وقيل: مَعناه كَثيرُ التَّبَسُّمِ طَلقُ الوَجهِ. يُنظر: ((المنتقى شرح الموطأ)) لأبي الوليد الباجي (7/ 274)، ((مطالع الأنوار)) لابن قرقول (1/ 478). ، وإذا النَّاسُ مَعَه إذا اختَلفوا في شيءٍ أسنَدوا إليه، وصَدَروا عن قَولِه، فسَألتُ عَنه، فقيل: هذا مُعاذُ بنُ جَبَلٍ! فلمَّا كان الغَدُ هَجَّرتُ
[1665] التَّهجيرُ: المُضيُّ إلى الصَّلاةِ في أوَّلِ وقتِها، وهو مِثلُ التَّبكيرِ، ولا يُرادُ بهما: المُضيُّ في الهاجِرةِ، ولا في البُكرةِ. يُنظر: ((جامع الأصول)) لابن الأثير (6/ 552). فوجَدتُه قَد سَبَقَني بالتَّهجيرِ، ووجَدتُه يُصَلِّي، قال: فانتَظَرتُه حتَّى قَضى صَلاتَه، ثُمَّ جِئتُه مِن قِبَلِ وَجهِه، فسَلَّمتُ عليه، ثُمَّ قُلتُ: واللهِ إنِّي لأحِبُّك للَّهِ، فقال: آللهِ؟ فقُلتُ: آللهِ! فقال: آللهِ؟ فقُلت: آللهِ! فقال: آللهِ؟ فقُلتُ: آللهِ! قال: فأخَذَ بحُبوةِ
[1666] بحُبوةِ رِدائي: أي بالمَحَلِّ الذي يُحتَبى به مِنَ الرِّداءِ، والحُبوةُ: ضَمُّ السَّاقَينِ إلى البَطنِ بثَوبٍ. يُنظر: ((شرح الزرقاني على الموطأ)) (4/ 554). رِدائي فجَبَذني
[1667] فجبذني: أي: جَذَبَني، أي: جَرَّني وسَحَبَني. يُنظر: ((شرح الزرقاني على الموطأ)) (4/ 554). إليه، وقال: أبشِرْ؛ فإنِّي سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ:
((قال اللهُ تَبارَك وتعالى: وجَبَت مَحَبَّتي للمُتَحابِّينَ فيَّ، والمُتَجالِسينَ فيَّ، والمُتَزاوِرينَ فيَّ، والمُتَباذِلينَ [1668] المُتَباذِلينَ: هو مِنَ البَذلِ، وهو العَطاءُ عن غَيرِ عِوَضِ، ومَعناه: بَذلُ الرَّجُلِ لصاحِبِه مالَه إذا احتاجَ إليه بحَقِّ أُخوَّةِ الإسلامِ، وقيل: بَذلُه مالَه في سَبيلِ اللهِ. يُنظر: ((مطالع الأنوار)) لابن قرقول (1/ 464). فيَّ)) [1669] أخرجه أحمد (22030) واللفظ له، ومالك (2/953). صحَّحه ابن حبان في ((صحيحه)) (575)، والحاكم على شرط الشيخين في ((المستدرك)) (7314)، والنووي في ((رياض الصالحين)) (182). .
وفي رِوايةٍ عن مُعاذِ بنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ:
((قال اللهُ عَزَّ وجَلَّ: المُتَحابُّونَ في جَلالي لهم مَنابِرُ مِن نورٍ، يَغبِطُهم [1670] يَغبِطُهم: مِنَ الغِبطةِ، وهي تمَنِّي نِعمةٍ على ألَّا تَتَحَوَّلَ عن صاحِبِها، بخِلافِ الحَسَدِ؛ فإنَّه تَمَنِّي زَوالِها عن صاحِبِها. يُنظر: ((مرقاة المفاتيح)) للقاري (8/3137). النَّبيُّونَ والشُّهَداءُ)) [1671] أخرجه الترمذي (2390)، وأحمد (22080). صحَّحه ابن حبان في ((صحيحه)) (577)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (2390)، والوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (2/173) .
7- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال:
((سَبعةٌ يُظِلُّهمُ اللهُ تعالى في ظِلِّه يَومَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّه: إمامٌ عَدلٌ، وشابٌّ نَشَأ في عِبادةِ اللهِ، ورَجُلٌ قَلبُه مُعَلَّقٌ في المَساجِدِ، ورَجُلانِ تَحابَّا في اللهِ، اجتَمَعا عليه وتَفرَّقا عليه، ورَجُلٌ دَعَته امرَأةٌ ذاتُ مَنصِبٍ وجِمالٍ، فقال: إنِّي أخافُ اللَّهَ، ورَجُلٌ تَصَدَّق بصَدَقةٍ فأخفاها حتَّى لا تَعلمَ شِمالُه ما تُنفِقُ يَمينُه، ورَجُلٌ ذَكَر اللهَ خاليًا، ففاضَت عيناه)) [1672] أخرجه البخاري (1423) واللفظ له، ومسلم (1031). .
قال النَّوويُّ: (قَولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "ورَجُلانِ تَحابَّا في اللهِ، اجتَمَعا عليه وتَفرَّقا عليه" مَعناه: اجتَمَعا على حُبِّ اللهِ وافتَرَقا على حُبِّ اللهِ، أي: كان سَبَبُ اجتِماعِهما حُبَّ اللهِ، واستَمَرَّا على ذلك حتَّى تَفرَّقا مِن مَجلِسِهما وهما صادِقانِ في حُبِّ كُلِّ واحِدٍ مِنهما صاحِبَه للهِ تعالى حالَ اجتِماعِهما وافتِراقِهما.
وفي هذا الحَثُّ على التَّحابِّ في اللهِ، وبيانُ عِظَمِ فَضلِه، وهو مِنَ المُهمَّاتِ؛ فإنَّ الحُبَّ في اللهِ والبُغضَ في اللهِ مِنَ الإيمانِ، وهو -بحَمدِ اللهِ- كثيرٌ يوفَّقُ له أكثَرُ النَّاسِ أو مَن وُفِّقَ له)
[1673] ((شرح مسلم)) (7/ 121، 122). .
8- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال:
((إنَّ رَجُلًا زار أخًا له في قريةٍ أخرى، فأرصَدَ اللهُ له على مَدرَجَتِه مَلَكًا [1674] أي: جَعَل اللَّهُ مَلَكًا على طَريقِه يَرصُدُه، أي: يَرتَقِبُه ويَنتَظِرُه ليُبَشِّرَه. والمَرصَدُ: مَوضِعُ الرَّصدِ. والمَدرَجةُ بفَتحِ الميمِ: مَوضِعُ الدَّرجِ، وهو المَشيُ. يُنظر: ((المفهم)) لأبي العَبَّاسِ القُرطُبيِّ (6/ 543). ، فلمَّا أتى عليه قال: أين تريدُ؟ قال: أريدُ أخًا لي في هذه القريةِ، قال: هل لك عليه من نِعمةٍ تَرُبُّها [1675] أي: تَقومُ عليها وتَسعى في صَلاحِها وتَنهَضُ له بسَبَبِ ذلك. يُنظر: ((إكمال المعلم)) لعياض (8/ 35، 36). ؟ قال: لا، غيرَ أنِّي أحبَبتُه في اللهِ عزَّ وجَلَّ، قال: فإنِّي رَسولُ اللهِ إليك بأنَّ اللهَ قد أحَبَّك كما أحبَبتَه فيه)) [1676] أخرجه مسلم (2567). .
قال أبو العَبَّاسِ القُرطُبيُّ: (قولُه: «هل لك عليه مِن نِعمةٍ تَرُبُّها؟»، أي: تَقومُ بها وتُصلِحُها، فتتعاهَدُه بسَبَبِها؟ فقال: «لا، غيرَ أنِّي أحبَبتُه في اللهِ»، أي: لم أزُرْه لغَرَضٍ مِن أغراضِ الدُّنيا، ثُمَّ أخبَرَ بأنَّه إنَّما زارَه مِن أجلِ أنَّه أحَبَّه في اللهِ تعالى؛ فبَشَّرَه المَلَكُ بأنَّ اللَّهَ تعالى قَد أحَبَّه بسَبَبِ ذلك)
[1677] ((المفهم)) (6/ 543). .
فائدةٌ في صِفةِ التَّحابِّ في اللهِ:قال ابنُ المُلقِّنِ: (صِفةُ التَّحابِّ في اللهِ: أن يَكونَ كُلُّ واحِدٍ مِنهما لصاحِبِه في تَواصُلِهما وتَحابِّهما بمَنزِلةِ نَفسِه في كُلِّ ما نابَه، كما رَوى الشَّعبيُّ عَنِ النُّعمانِ بنِ بَشيرٍ، قال: سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ: "مَثَلُ المُؤمِنينَ كمَثَلِ الجَسَدِ، إذا اشتَكى مِنه شيئًا تَداعى له سائِرُ الجَسَدِ"
[1678] أخرجه أحمد (18373)، وابن حبان (233)، والطبراني (21/58) (43) باختلافٍ يسيرٍ، ولفظُ أحمَدَ: ((مَثَلُ المُؤمِنينَ في تَوادِّهم وتَراحُمِهم وتَعاطُفِهم مَثَلُ الجَسَدِ؛ إذا اشتَكى مِنه شيءٌ تَداعى له سائِرُ الجَسَدِ بالسَّهَرِ والحُمَّى)). والحديث في الصحيح بلفظ: ((مَثَلُ المُؤمِنينَ في تَوادِّهم وتَراحُمِهم وتَعاطُفِهم مَثَلُ الجَسَدِ؛ إذا اشتَكى مِنه عضوٌ تَداعى له سائِرُ الجَسَدِ بالسَّهَرِ والحُمَّى)). أخرجها البخاري (6011)، ومسلم (2586) واللفظ له. ، وكقَولِه عليه السَّلامُ: "المُؤمِنُ للمُؤمِنِ كالبُنيانِ يَشُدُّ بَعضُه بَعضًا"
[1679] أخرجه البخاري (481)، ومسلم (2585) من حديثِ أبي موسى الأشعريِّ رَضِيَ اللهُ عنه. ... و"المؤمِنُ مِرآةُ المؤمِنِ"
[1680] أخرجه أبو داود (4918)، والبزار (8109)، والبيهقي (17126) من حديثِ أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه. حَسَّنه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (4918)، وحَسَّن إسنادَه العراقي في ((تخريج الإحياء)) (2/227)، وابن حجر في ((بلوغ المرام)) (451)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي دواد)) (4918) .
قال الطَّبَريُّ: فالأخُ المُؤاخي في اللهِ كالذي وصَف به الشَّارِعُ المُؤمِنَ للمُؤمِنِ في أنَّ كُلَّ واحِدٍ مِنهما لصاحِبِه بمَنزِلةِ الجَسَدِ الواحِدِ؛ لأنَّ ما سَرَّ أحَدَهما سَرَّ الآخَرَ، وما ساءَ أحَدَهما ساءَ الآخَرَ، وأنَّ كُلَّ واحِدٍ مِنهما عَونٌ لصاحِبِه في أمرِ الدُّنيا والآخِرةِ، كالبُنيانِ، وكالمِرآةِ له في تَوقيفِه إيَّاه على عُيوبِه ونَصيحَتِه له في المَشهَدِ والمَغيبِ، وتَعريفِه إيَّاه مِن خَطَئِه وما فيه صَلاحُه ما يَخفى عليه... فحَقيقٌ على كُلِّ ذي لُبٍّ أن يُخلِصَ المَودَّةَ والحُبَّ لأهلِ الإيمانِ)
[1681] ((التوضيح لشرح الجامع الصحيح)) (28/ 362، 363). .