موسوعة الآداب الشرعية

ثالثًا: السَّعيُ في قَضاءِ حاجاتِه


يُستَحَبُّ للمَخدومِ أن يَسعَى في قَضاءِ حاجةِ خادِمِه ما أمكَنَه.
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن زيادِ بنِ أبي زيادٍ مَولى بَني مَخزومٍ، عن خادِمٍ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم -رَجُلٍ أوِ امرَأةٍ- قال: ((كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِمَّا يَقولُ [2356] أي: كان كثيرًا ما يَقولُ ذلك، وكأنَّ هذا مِن شَأنِه ودَأبه. يُنظر: ((فيض القدير)) للمناوي (5/ 180). للخادِمِ: ألك حاجةٌ؟ قال: حتَّى كان ذاتَ يَومٍ، فقال: يا رَسولَ اللهِ، حاجَتي، قال: وما حاجَتُك؟ قال: حاجَتي أن تَشفعَ لي يَومَ القيامةِ، قال: ومَن دَلَّك على هذا؟! قال: رَبِّي، قال: إمَّا لا فأعِنِّي بكثرةِ السُّجودِ)) [2357] أخرجه أحمد (16076) واللفظ له، ومسدد كما في ((إتحاف الخيرة المهرة)) للبوصيري (7/127). صحَّحه الوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (1465)، وصحَّح إسنادَه الألباني في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (2102). .
2- عن رَبيعةَ بنِ كَعبٍ الأسلميِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((كُنتُ أخدُمُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأقومُ له في حَوائِجِه نَهاري أجمَعَ، حتَّى يُصَلِّيَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم العِشاءَ الآخِرةَ، فأجلِسُ ببابِه إذا دَخَل بيتَه، أقولُ: لعَلَّها أن تَحدُثَ لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حاجةٌ، فما أزالُ أسمَعُه يَقولُ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: سُبحانَ اللَّهِ، سُبحانَ اللَّهِ، سُبحانَ اللَّهِ وبحَمدِه، حتَّى أمَلَّ فأرجِعَ، أو تَغلِبَني عيني فأرقُدَ! قال: فقال لي يَومًا لِما يَرى مِن خِفَّتي له، وخِدمَتي إيَّاه: سَلْني يا رَبيعةُ أُعطِك! قال: فقُلتُ: أنظُرُ في أمري يا رَسولَ اللهِ ثُمَّ أعلِمُك ذلك، قال: ففكَّرتُ في نَفسي فعَرَفتُ أنَّ الدُّنيا مُنقَطِعةٌ زائِلةٌ، وأنَّ لي فيها رِزقًا سيكفيني ويَأتيني! قال: فقُلتُ: أسألُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لآخِرَتي؛ فإنَّه مِنَ اللهِ عَزَّ وجَلَّ بالمَنزِلِ الذي هو به، قال: فجِئتُ، فقال: ما فعَلتَ يا رَبيعةُ؟ قال: فقُلتُ: نَعَمْ، يا رَسولَ اللهِ، أسألُك أن تَشفَعَ لي إلى رَبِّك فيُعتِقَني مِنَ النَّارِ، قال: فقال: مَن أمرَك بهذا يا رَبيعةُ؟ قال: فقُلتُ: لا واللَّهِ الذي بَعَثَك بالحَقِّ ما أمَرَني به أحَدٌ، ولكِنَّك لمَّا قُلتَ: سَلْني أعطِك، وكُنتَ مِنَ اللهِ بالمَنزِلِ الذي أنتَ به، نَظَرتُ في أمري، وعَرَفتُ أنَّ الدُّنيا مُنقَطِعةٌ وزائِلةٌ، وأنَّ لي فيها رِزقًا سيَأتيني، فقُلتُ: أسألُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لآخِرَتي، قال: فصَمَتَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم طَويلًا، ثُمَّ قال لي: إنِّي فاعِلٌ، فأعِنِّي على نَفسِك بكثرةِ السُّجود)) [2358] أخرجه أحمد (16579) واللفظ له، والطبراني (5/57) (4576)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (4/319). حَسَّنه شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (16579) دونَ قَولِه: "فأعنِّي على نَفسِك بكثرةِ السُّجودِ". فصحيحٌ لغيره، وحسَّن إسنادَه الألباني في ((إرواء الغليل)) (2/208). .
وفي رِوايةٍ عن رَبيعةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((كُنتُ أَبيتُ مَعَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فأتيتُه بوَضوئِه وحاجَتِه، فقال لي: سَلْ، فقُلتُ: أسألُك مُرافقَتَك في الجَنَّةِ. قال: أو غَيرَ ذلك؟ قُلتُ: هو ذاك. قال: فأعِنِّي على نَفسِك بكثرةِ السُّجودِ)) [2359] أخرجها مسلم (489). .
3- عن عَبدِ اللَّهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((المُسلِمُ أخو المُسلِمِ؛ لا يَظلِمُه ولا يُسلِمُه، ومَن كان في حاجةِ أخيه كان اللَّهُ في حاجَتِه، ومَن فرَّجَ عن مُسلمٍ كُربةً فرَّجَ اللهُ عنه كُربةً مِن كُرُباتِ يَومِ القيامةِ، ومَن سَتَرَ مُسلِمًا سَترَه اللَّهُ يَومَ القيامةِ)) [2360] أخرجه البخاري (2442) واللَّفظ له، ومسلم (2580). .
4- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن نفَّس عن مُسلِمٍ كُربةً مِن كُرَبِ الدُّنيا نفَّس اللهُ عنه كُربةً مِن كُرَبِ يومِ القيامةِ، ومَن يسَّر على مُعسِرٍ في الدُّنيا يسَّر اللهُ عليه في الدُّنيا والآخِرةِ، ومَن ستَر على مُسلِمٍ في الدُّنيا ستَره اللهُ في الدُّنيا والآخِرةِ، واللهُ في عَونِ العبدِ ما كان العبدُ في عونِ أخيه)) [2361] أخرجه مسلم (2699). .

انظر أيضا: