موسوعة الآداب الشرعية

أولًا: القَولُ الحَسَنُ


يَنبَغي أن يُحسِنَ المُسلِمُ قَولَه مَعَ المُسلمِ وغَيرِه، فيَقولَ للجَميعِ قَولًا حَسَنًا، مِن غَيرِ مُداهَنةٍ ولا وُقوعٍ في مَحذورٍ.
الدَّليلُ على ذلك مِنَ الكتابِ والآثارِ:
أ- من الكتابِ
قال تعالى: وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا [البقرة: 83] .
قال القُرطُبيُّ: (قَولُه تعالى: وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا "حُسْنًا": نَصبٌ على المَصدَرِ على المَعنى؛ لأنَّ المَعنى: ليَحسُنْ قَولُكُم. وقيل: التَّقديرُ: وقولوا للنَّاسِ قَولًا ذا حُسنٍ، فهو مَصدَرٌ لا على المَعنى ... قال أبو العاليةِ: قولوا لهمُ الطَّيِّبَ مِنَ القَولِ، وحاوِروهم بأحسَنِ ما تُحِبُّونَ أن تُحاوَروا به.
وهذا كُلُّه حَضٌّ على مَكارِمِ الأخلاقِ؛ فيَنبَغي للإنسانِ أن يَكونَ قَولُه للنَّاسِ ليِّنًا ووَجهُه مُنبَسِطًا طَلقًا مَعَ البَرِّ والفاجِرِ، والسُّنِّيِّ والمُبتَدِعِ، مِن غَيرِ مُداهَنةٍ، ومِن غَيرِ أن يَتَكَلَّمَ مَعَه بكَلامٍ يَظُنُّ أنَّه يُرضي مَذهَبَه؛ لأنَّ اللَّهَ تعالى قال لموسى وهارونَ: فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا [طه: 44] ، فالقائِلُ ليسَ بأفضَلَ مِن موسى وهارونَ، والفاجِرُ ليسَ بأخبَثَ مِن فِرعَونَ، وقد أمَرَهما اللهُ تعالى باللِّينِ مَعَه.
وقال طَلحةُ بنُ عُمَرَ: قُلتُ لعَطاءٍ: إنَّك رَجُلٌ يَجتَمِعُ عِندَك ناسٌ ذَوو أهواءٍ مُختَلفةٍ، وأنا رَجُلٌ فيَّ حِدَّةٌ، فأقولُ لهم بَعضَ القَولِ الغَليظِ، فقال: لا تَفعَلْ؛ يَقولُ اللهُ تعالى: وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا [البقرة: 83] ، فدَخَل في هذه الآيةِ اليَهودُ والنَّصارى، فكيف بالحَنيفيِّ؟!) [2460] ((الجامع لأحكام القرآن)) (2/ 16). ويُنظر: ((المحرر الوجيز)) لابن عطية (1/ 173). .
ب- من الآثارِ
عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: (لو قال لي فِرعَونُ: بارَكَ اللَّهُ فيك، قُلتُ: وفيك، وفِرعَونُ قد ماتَ). [2461] أخرجه البخاري في ((الأدب المفرد)) (1113)، والطبراني (10/319) (10609). صَحَّحه الألبانيُّ في ((صحيح الأدب المفرد)) (848)، وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (8/185): رِجالُه رِجالُ الصَّحيحِ.

انظر أيضا: