موسوعة الآداب الشرعية

عِشرونَ: المحافظةُ على الوُضوءِ


يُستحَبُّ المحافظةُ على الوُضوءِ.
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
عن ثوبانَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((استقيموا ولن تُحصُوا [109] لن تُحصوا: أي: لن تُطيقوا أن تَبلُغوا كُنهَ الاستِقامةِ في جَميعِ الأعمالِ ولن تُحَصِّلوا ذلك، ولكِنِ اجتَهِدوا في ذلك مَبلَغَ الوُسعِ والطَّاقةِ، وقيل: لن تُطيقوا جَميعَ أعمالِ البرِّ، وقيل: لن تُحصوا ما لكم في الاستِقامةِ مِنَ الثَّوابِ العَظيمِ. يُنظر: ((أعلام الحديث)) للخطابي (2/ 1343)، ((المفردات)) للراغب (ص: 240، 241)، ((مطالع الأنوار)) لابن قرقول (2/ 327، 328)، ((جامع العلوم والحكم)) لابن رجب (1/ 255، 511). ، واعلَموا أنَّ خيرَ أعمالِكم الصَّلاةُ، ولا يحافِظُ على الوضوءِ إلَّا مؤمِنٌ)) [110] أخرجه ابن ماجه (277)، وأحمد (22436). صحَّحه الحاكمُ في ((المستدرك)) (454) وقال: على شرطِ الشَّيخَينِ، ومحمَّد ابن عبد الهادي في ((تنقيح التحقيق)) (4/285)، وابن حجر في ((فتح الباري)) (4/130)، والذهبي في ((ميزان الاعتدال)) (4/220)، والألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (277)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (22378). .
قَولُه: ((ولا يُحافِظُ على الوُضوءِ)) أي: في أوقاتِه أو على إدامَتِه أو على إسباغِه والاعتِناءِ بأدائِه. قَولُه: (إلَّا مُؤمِنٌ) إلَّا كامِلُ الإيمانِ؛ فإنَّ الظَّاهرَ عُنوانُ الباطِنِ، فطَهارةُ الظَّاهِرِ دَليلٌ على طَهارةِ الباطِنِ، سيَّما الوُضوءِ على المَكارِهِ كَما في أيَّامِ البَردِ [111] يُنظر: ((حاشية السندي على سنن ابن ماجه)) (1/ 119)، ((السراج المنير شرح الجامع الصغير)) للعزيزي (1/ 203). .
وقيل: يُريدُ أنَّه لا يُديمُ فِعلَه بالمَكارِه وغَيرِها مُنافِقٌ، ولا يواظِبُ على ذلك إلَّا مُؤمِنٌ [112] يُنظر: ((المنتقى شرح الموطإ)) للباجي (1/ 74). . فالوُضوءُ مِن خِصالِ الإيمانِ الخَفيَّةِ التي لا يُحافِظُ عليها إلَّا مُؤمِنٌ [113] يُنظر: ((جامع العلوم والحكم)) لابن رجب (2/ 13). .
فائدةٌ:
قال النَّوويُّ: (نَقل القاضي عياضٌ في "شَرحِ صحيحِ مُسلِمٍ" أنَّ العُلماءَ كَرِهوا الكَلامَ في الوُضوءِ والغُسلِ. وهذا الَّذي نَقَله مِنَ الكَراهةِ مَحمولٌ على تَركِ الأَولى، وإلَّا فلم يَثبُتْ فيه نَهيٌ، فلا يُسَمَّى مَكروهًا إلَّا بمَعنى تَركِ الأَولى) [114] ((المجموع)) (1/ 466). وقال ابنُ مازَه الحَنَفيُّ في آدابِ الوُضوءِ: (مِنَ الأدَبِ أن لا يَتَكَلَّمَ فيه بكَلامِ النَّاسِ). ((المحيط البرهاني)) (1/ 48). قال ابنُ نجيم الحَنَفيُّ: (تَركُ كَلامِ النَّاسِ لا يَكونُ أدَبًا إلَّا إذا لم يَكُنْ لحاجةٍ، فإن دَعَت إليه حاجةٌ يُخافُ فوتُها بتَركِه لم يَكُنْ في الكَلامِ تَركُ الأدَبِ). ((البحر الرائق)) (1/ 30). وذهب المالكيَّةُ إلى كراهةِ الكلامِ حالَ الوُضوءِ بغيرِ ذكرِ الله. يُنظر: ((حاشية الصاوي على الشرح الصغير)) (1/ 127). .

انظر أيضا: