موسوعة الآداب الشرعية

أولًا: سترُ العَورةِ إلَّا مِن الزَّوجةِ أو مِلكِ اليمينِ


يجبُ سَتْرُ العورةِ عن أعيُنِ النَّاسِ، ولا سيَّما عندَ الاغتسالِ؛ لأنَّه مَظِنَّةُ كَشْفِها.
الدَّليلُ على ذلك مِن السُّنَّةِ ولإجماعِ:
أ- مِنَ السُّنَّةِ
1- عن معاويةَ بنِ حَيْدةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((قلتُ: يا رسولَ الله، عوراتُنا ما نأتي منها وما نذَر؟ قال: احفَظْ عورتَك إلَّا من زوجَتِك أو ما ملَكت يمينُك)) [115] أخرجه البخاريُّ معلَّقًا بصيغة الجزم قبل حديث (278) مختصرًا، وأخرجه موصولًا أبو داود (4017)، والترمذي (2794) واللفظ له. صحَّحه ابنُ القطان في ((النظر في أحكام النظر)) (94)، وابن القيم في ((تهذيب السنن)) (11/56)، وابن حجر في ((النكت)) (1/329)، والشوكاني في ((السيل الجرار)) (2/300)، وابن باز في ((الفوائد العلمية)) (6/117). .
2- عن أبي سعيدٍ الخُدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه: أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لا ينظُرُ الرَّجُلُ إلى عورةِ الرَّجُلِ، ولا المرأةُ إلى عورةِ المرأةِ، ولا يُفْضي الرَّجُلُ إلى الرَّجلِ في ثوبٍ واحدٍ [116] لا يُفضي: أي: لا يَصِلُ، وأفضى الرَّجُلُ إلى الرَّجُلِ: إذا ألصَقَ جَسَدَه بجَسَدِه. والمَعنى: لا يَضطَجِعانِ مُتَجَرِّدَينِ تَحتَ ثَوبٍ واحِدٍ، ولا يُباشِرُ كُلُّ واحِدٍ مِنهما صاحِبَه مِن غَيرِ حائِلٍ. يُنظر: ((مطالع الأنوار)) لابن قرقول (5/ 256)، ((جامع الأصول)) لابن الأثير (5/ 448)، ((مرقاة المفاتيح)) للقاري (5/ 2051). ، ولا تُفضي المرأةُ إلى المرأةِ في الثَّوبِ الواحِدِ)) [117] أخرجه مسلم (338). .
3- عن أمِّ هانئٍ بنتِ أبي طالبٍ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: ((ذهبتُ إلى رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عامَ الفَتحِ، فوجدتُه يغتَسِلُ وفاطمةُ تَستُرُه، فقال: مَن هذه؟ فقلت: أنا أمُّ هانئٍ)) [118] أخرجه البخاري (280) واللفظ له، ومسلم (336). .
4- عن ميمونةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: ((سَتَرتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو يغتسِلُ مِن الجَنابة، فغَسل يديه، ثمَّ صبَّ بيمينِه على شِمالِه، فغسَلَ فرْجَه وما أصابَه، ثمَّ مسَح بيَدِه على الحائِطِ -أو الأرض- ثمَّ توضَّأ وضوءَه للصَّلاةِ غَيرَ رِجليه، ثمَّ أفاض على جَسَدِه الماءَ، ثمَّ تنحَّى فغسَلَ قَدَميه)) [119] أخرجه البخاري (281) واللفظ له، ومسلم (317). .
ب- مِنَ الإجماعِ
نقَل الإجماعَ على وُجوبِ الاستتارِ عن أعينِ النَّاسِ غيرُ واحدٍ [120] وممن نقَل الإجماعَ على ذلك: الجَصَّاصُ، وابنُ عبدِ البَرِّ، وابنُ رُشدٍ الحفيدُ، والنَّوويُّ، وابنُ رجب. قال الجصَّاصُ: (اتَّفقت الأمَّة على معنى ما دلَّت عليه الآيةُ، من لزومِ فرْضِ سَترِ العورة). ((أحكام القرآن)) (4/203). وقال ابنُ عبدِ البَرِّ: (أجمَعَ العُلَماءُ على أنَّ سَترَ العورةِ فرضٌ واجِبٌ بالجُملةِ على الآدَميِّينَ). ((الاستذكار)) (2/196). وقال ابنُ رُشدٍ: (اتَّفق العُلَماءُ على أنَّ سَترَ العَورةِ فرضٌ بإطلاقٍ). ((بداية المجتهد)) (1/114). وقال النَّوويُّ: (سَترُ العورةِ عن العيونِ واجبٌ بالإجماعِ). ((المجموع)) (3/166). وقال ابنُ رجبٍ: (أجمَعَ العُلَماءُ على وجوبِ سَتْر العورةِ بين النَّاسِ عن أبصارِ النَّاظرين). ((فتح الباري)) (2/384). .

انظر أيضا: