الموسوعة الحديثية


- قُلْتُ: يا رَسولَ اللهِ، عَوْراتُنا ما نَأتي مِنها وما نَذَرُ؟ قالَ: احْفَظْ عَوْرتَك إلَّا مِن زَوْجتِك أو ما مَلَكَتْ يَمينُك، قُلْتُ: فإذا كانَ القَوْمُ بعضُهم في بعضٍ؟ قالَ: إن اسْتَطَعْتَ ألَّا يَراها أحَدٌ فلا يَرَيَنَّها، قُلْتُ: فإذا كانَ أحَدُنا خالِيًا؟ قالَ: فاللهُ أَحَقُّ أن يُسْتَحْيا مِنه.
الراوي : جد بهز بن حكيم | المحدث : جمال الدين المرداوي | المصدر : كفاية المستقنع لأدلة المقنع | الصفحة أو الرقم : 200 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح إلى بهز، وهو ثقة عند الأكثر
جاءَتِ الشَّريعةُ بالأمرِ بحِفظِ الإنسانِ لعَورَتِه عنِ الآخَرينَ، وبَيَّنَت أحكامَ العَوراتِ، وعَورةُ المُسلِمِ البالِغِ: هيَ ما بَينَ السُّرَّةِ والرُّكبةِ، فعليه أن يَحفظَ عَورَتَه مِن نَظَرِ النَّاسِ إليها إلَّا مَن أُذِنَ لَهم في النَّظَرِ، كزَوجَتِه أو أمَتِه؛ فليس بَينَ الرَّجُلِ وزَوجَتِه أو أمَتِه عَورةٌ، فيُباحُ لكُلٍّ مِنهما النَّظَرُ إلى عَورةِ الآخَرِ؛ ولهذا لمَّا سَألَ مُعاويةُ بنُ حَيدةَ رَضِيَ اللهُ عنه رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: يا رَسولَ اللهِ، عَوراتُنا ما نَأتي مِنها وما نَذَرُ؟ أي: عَوراتُنا التي نَستَحي مِن رُؤيَتِها ما نَستُرُ مِنها وما نَترُكُه ظاهِرًا؟ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: احفَظْ عَورَتَك، أي: استُرها كُلَّها مِن كُلِّ الآدَميِّينَ، إلَّا مِن زَوجَتِك أو ما مَلَكَت يَمينُك، أي: جاريَتِك. قُلتُ: فإذا كان القَومُ بَعضُهم في بَعضٍ؟ أي: كانوا في مَكانٍ واحِدٍ أو مُجتَمِعينَ مَعَ بَعضٍ لا يُفارِقُ بَعضُهم بَعضًا في الغالِبِ، وخَصَّ السَّائِلُ هذه الحالةَ؛ لأنَّها مَظِنَّةُ انكِشافِ العَورةِ للازدِحامِ وضِيقِ الأماكِنِ وعَدَمِ السَّراويلِ، كما كانت عليه العَرَبُ. فقال رَسولُ اللهِ: إنِ استَطَعتَ ألَّا يَراها أحَدٌ فلا يَرَينَّها، أي: احرِصْ على ألَّا يَرى عَورَتَك أحَدٌ. فقال: فإذا كان أحَدُنا خاليًا؟ أي: وَحدَه في مَكانٍ خالٍ ليس فيه أحَدٌ مِنَ النَّاسِ. فقال رَسولُ اللهِ: فاللهُ أحَقُّ أن يُستَحَيا مِنه، أي: فاستُرها طاعةً للهِ وطَلَبًا لِما يُحِبُّه مِنك ويَرضاه، وليس المُرادُ: فاستَتِرْ مِنه؛ إذ لا يُمكِنُ الاستِتارُ مِنه جَلَّ ذِكرُه.
وفي الحَديثِ الأمرُ بحِفظ العَوراتِ عنِ الآخَرينَ.
وفيه أنَّه ليس على الرَّجُلِ حِفظُ عَورَتِه مِن زَوجتِه، كما أنَّ المَرأةَ ليس عليها حِفظُ عَورَتِها مِن زَوجِها.
وفيه أنَّ على الشَّخصِ أن يَجتَهدَ في حِفظِ العَورةِ على حَسَبِ الاستِطاعةِ.
وفيه الحِرصُ على سَترِ الإنسانِ عَورَتَه ولَو كان خاليًا .
تم نسخ الصورة