موسوعة الآداب الشرعية

ثانيًا: حُسْنُ الصَّوتِ


يُستحَبُّ في المؤذِّنِ أن يكونَ حَسَنَ الصَّوتِ [187] وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعةِ. يُنظر: ((حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح)) (ص: 129)، ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (1/232)، ((روضة الطالبين)) للنووي (1/203)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/235). .
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
عن عبدِ الله بنِ زَيدِ بنِ عبدِ ربِّه رضيَ الله عنه، قال: ((لَمَّا أمَر رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم بالنَّاقُوسِ يُعمَلُ لِيُضرَبَ به للنَّاسِ لِجَمعِ الصَّلاةِ، طافَ [188] طاف بي: مِنَ الطَّيفِ، وهو الخَيالُ الذي يُلمُّ بالنَّائِمِ، يُقالُ مِنه: طاف الخَيالُ يَطيفُ طَيفًا ومَطافًا، ومِنَ الطَّوافِ: طاف يَطوفُ، ومِنَ الإحاطةِ بالشَّيءِ: أطاف يُطيفُ، و(رَجُل) في الحَديثِ فاعِلُ طاف، وهو طَيفُ الخَيالِ. يُنظر: ((الزاهر)) لابن الأنباري (1/ 292، 293)، ((الصحاح)) للجوهري (4/ 1397)، ((الكاشف)) للطيبي (3/ 908)، ((شرح أبي داود)) للعيني (2/ 423). بي وأنا نائمٌ رجُلٌ يحمِلُ ناقوسًا في يدِه، فقلتُ: يا عبدَ اللهِ، أتَبيعُ النَّاقوسَ؟ قال: وما تصنَعُ به؟ فقلتُ: نَدْعو به إلى الصَّلاةِ، قال: أفلَا أَدُلُّك على ما هو خيرٌ مِن ذلك؟ فقلتُ له: بلى، قال: فقال: تقولُ: اللهُ أكبَر اللهُ أكبَر، اللهُ أكبَر اللهُ أكبَر، أشهدُ أن لا إلهَ إلَّا الله، أشهدُ أن لا إلهَ إلَّا الله، أشهدُ أنَّ محمَّدًا رسولُ الله، أشهدُ أنَّ محمَّدًا رسولُ الله، حَيَّ على الصَّلاة، حيَّ على الصَّلاة، حيَّ على الفَلاح، حيَّ على الفلاح، اللهُ أكبَر اللهُ أكبَر، لا إلهَ إلَّا الله.
قال: ثمَّ استأخَرَ عنِّي غيرَ بعيدٍ، ثمَّ قال: وتقولُ إذا أقَمْتَ الصَّلاةَ: اللهُ أكبَر اللهُ أكبَر، أشهدُ أن لا إلهَ إلَّا الله، أشهدُ أنَّ محمَّدًا رسولُ الله، حَيَّ على الصَّلاة، حيَّ على الفَلاح، قدِ قامَتِ الصَّلاةُ، قد قامَتِ الصَّلاة، اللهُ أكبَر اللهُ أكبَر، لا إلهَ إلَّا الله.
فلمَّا أصبَحْتُ، أتَيْتُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم فأخبَرْتُه بما رأيتُ، فقال: إنَّها لَرُؤْيا حقٌّ إن شاء اللهُ، فقُمْ مع بِلالٍ فأَلْقِ عليه ما رأيْتَ، فلْيُؤَذِّنْ به؛ فإنَّه أندَى صَوتًا منك.
فقُمْتُ مع بلالٍ، فجعلتُ أُلْقِيه عليه، ويؤَذِّنُ به، قال: فسَمِع ذلك عُمرُ بنُ الخطَّابِ وهو في بَيتِه، فخرَج يَجُرُّ رِداءَه، ويقولُ: والَّذي بعَثَك بالحقِّ يا رسولَ الله، لقد رأيتُ مِثلَ ما رأى، فقال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: فَلِلَّهِ الحمدُ))
[189] أخرجه أبو داود (499) واللفظ له، والترمذي (189)، وابن ماجه (706). صحَّحه البخاريُّ كما في ((السنن الكبرى)) للبيهقي (1/390)، وابن خزيمة في ((الصحيح)) (1/462)، وعبد الحق الإشبيلي في ((الأحكام الوسطى)) (1/310)، والنَّوويُّ في ((خلاصة الأحكام)) (3/76)، وقال الترمذي: حسن صحيح. .
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
في قولِه: ((أنْدَى صوتًا منك)) قيل: معناها: أحسَنُ وأعذَبُ [190] ((النهاية)) لابن الأثير (5/90). .
وأمَّا التَّعليلُ فللآتي:
1- لِيَكونَ أرَقَّ لسامِعيه [191] ((فتح العزيز)) للرافعي (3/191). .
2- أنَّه أبعثُ على الإجابةِ [192] ((تحفة المحتاج)) للهيتمي (1/473). .

انظر أيضا: