موسوعة الآداب الشرعية

أولًا: إجابةُ المؤذِّنِ


يُستحَبُّ إجابةُ المؤذِّنِ بمثلِ ما يقولُ [250] وذلك باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ. يُنظر: ((حاشية ابن عابدين)) (1/399)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (2/98،97)، ((المجموع)) للنووي (3/117)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/245). ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك [251] قال ابنُ قُدامةَ: (يُستحَبُّ لِمَن سمِع المؤذِّنَ أن يقولَ كما يقولُ، لا أعلَمُ خِلافًا بيْن أهلِ العِلمِ في استحبابِ ذلك). ((المغني)) (1/309). .
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
عن عبدِ اللهِ بنِ عمرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهما، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا سَمِعتُم المؤذِّنَ فقُولوا مثلَ ما يقولُ)) [252] أخرجه مسلم (384). .
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّ الأمرَ في الحديثِ للاستحبابِ، وقد صَرَفه عن الوُجوبِ الآتي:
أ- عن ثَعلبةَ بن أبي مالكٍ القُرَظيِّ، (أنَّهم كانوا في زمانِ عُمرَ بنِ الخطَّابِ يُصَلُّون يومَ الجُمُعةِ حتَّى يَخرُجَ عُمَرُ، فإذا خرَج عُمَرُ، وجلس على المِنبرِ، وأذَّن المؤذِّن -قال ثعلبةُ- وجلَسْنا نتحدَّثُ، فإذا سكَت المؤذِّن وقام عُمرُ بنُ الخطَّابِ يخطُبُ، أنصَتْنا، فلمْ يتكلَّمْ منَّا أحدٌ [253] أخرجه مالك (2/ 143) واللفظ له، والطبراني في ((مسند الشاميين)) (3229)، والبيهقي (5750). صحَّحه النَّوويُّ في ((خلاصة الأحكام)) (2/808)، وصحح سنده شعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (2/311)، وجوده البهوتي في ((كشاف القناع)) (2/47) . فلو كانتْ إجابةُ المؤذِّن واجبةً، لَمَا جلس الصَّحابةُ يتحدَّثون [254] قال الألبانيُّ: (في هذا الأثرِ دليلٌ على عدمِ وُجوبِ إجابةِ المؤذِّنِ؛ لجَرَيانِ العملِ في عهدِ عُمرَ على التَّحدُّثِ في أثناءِ الأذانِ، وسُكوتِ عُمرَ عليه). ((تمام المنة)) (ص: 340). .
ب- عن أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُغِيرُ [255] يُغيرُ: أي: يَسيرُ في اللَّيلِ إلى بلادِ الكُفَّارِ للغارةِ، والإغارةُ: كَبسُ القَومِ على غَفلةٍ، يُقالُ: أغار يُغيرُ إغارةً، والغارةُ: الاسمُ. يُنظر: ((جامع الأصول)) لابن الأثير (2/ 601)، ((المفاتيح)) للمظهري (2/ 49)، ((الكاشف)) للطيبي (3/ 914). إذا طَلَع الفَجرُ، وكان يَسْتَمِعُ الأذانَ، فإن سَمِعَ أذانًا أَمْسَك، وإلَّا أَغارَ، فسَمِعَ رجُلًا يقولُ: اللهُ أكبَر اللهُ أكبر. فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: على الفِطْرةِ. ثمَّ قال: أشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا الله، أشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا الله، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: خرَجْتَ مِن النَّارِ. فنظَروا فإذا هو راعي مِعْزًى)) [256] أخرجه مسلم (382). .
فالنَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يقولُ بخلافِ ما يقولُ المؤذِّنُ، فعُلم أنَّ الأمرَ بذلك على النَّدب لا على الإيجابِ [257] قال ابنُ العربيِّ: (في هذا نكتةٌ بديعةٌ، فقالوا: هذا رسولُ الله يقولُ بخِلافِ ما يقولُ المؤذِّنُ، فأين قولُه: «فقولوا مِثلَ ما يقولُ المؤذِّنُ»، فيخرجُ مِن هذا أنَّه على النَّدبِ، لا على الإيجابِ). ((المسالك في شرح موطأ مالك)) (2/316). وقال الطَّحاويُّ: (فهذا رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد سَمِعَ المنادي يُنادي، فقال غيرَ ما قال؛ فدلَّ ذلك على أنَّ قولَه: «إذا سَمِعْتُم المناديَ فقولوا مِثلَ الَّذي يقولُ» أنَّ ذلك ليس على الإيجابِ، وأنَّه على الاستحبابِ والنُّدْبةِ إلى الخيرِ، وإصابةِ الفضلِ، كما عَلَّم النَّاسَ مِن الدُّعاءِ الَّذي أمَرَهم أن يَقولوه في دُبُرِ الصَّلاةِ وما أَشْبَهَ ذلك). ((شرح معاني الآثار)) (1/146). .
فوائدُ ومسائلُ:
طريقةُ التَّرديدِ مع المؤذِّنِ
يقولُ المستمِعُ مِثلَ ما يقولُ المؤذِّنُ في جميعِ الكلماتِ [258] أمَّا التَّثويبُ -وهو قولُ المؤذِّنِ: (الصَّلاةُ خيرٌ مِنَ النَّومِ)- فقال ابنُ باز: (فإذا قال المؤذِّنُ: "الصَّلاةُ خيرٌ مِن النَّوم"؛ فإنَّ المجيبَ يقولُ مِثلَه: "الصَّلاةُ خيرٌ مِن النَّوم"؛ لقولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «إذا سَمِعْتُم المؤذِّنَ فقولوا مِثلَما يقولُ» متَّفقٌ على صحَّتِه). ((مجموع فتاوى ابن باز)) (10/344). وقال ابنُ عثيمين: (إذا قال المؤذِّنُ في صلاةِ الصُّبحِ: "الصَّلاةُ خيرٌ مِن النَّوم"، فإنَّ السَّامِعَ يقولُ مِثلَ ما يقولُ: الصَّلاةُ خيرٌ مِن النَّوم). ((الشرح الممتع)) (2/92). إلَّا في الحَيعَلَتَينِ: (حَيَّ على الصَّلاةِ، حَيَّ على الفَلاحِ)؛ فإنَّه يقولُ: (لا حولَ ولا قُوَّةَ إلَّا بالله) [259] وهذا مذهبُ الجمهورِ: الحنفيَّة، والشَّافعيَّة، والحنابلة، وهو قولٌ للمالكيَّة. يُنظر: ((الدر المختار للحصكفي وحاشية ابن عابدين)) (1/397)، ((المجموع)) للنووي (3/117)، ((منتهى الإرادات)) لابن النجار (1/146)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (2/98).   .
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
عن عُمرَ بنِ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا قال المؤذِّنُ: الله أكبر الله أكبر، فقال أحدُكم: الله أكبر الله أكبر، ثمَّ قال: أشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا الله، قال: أشهدُ أن لا إلهَ إلَّا الله، ثمَّ قال: أشهدُ أنَّ محمَّدًا رسولُ الله، قال: أشهدُ أنَّ محمَّدًا رسولُ الله، ثمَّ قال: حَيَّ على الصَّلاة، قال: لا حولَ ولا قُوَّةَ إلَّا بالله، ثمَّ قال: حَيَّ على الفَلاح، قال: لا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا بالله، ثمَّ قال: اللهُ أكبَر اللهُ أكبر، قال: اللهُ أكبر اللهُ أكبر، ثمَّ قال: لا إلهَ إلَّا الله، قال: لا إلهَ إلَّا الله، مِن قلبِه؛ دخَل الجَنَّةَ)) [260] أخرجه مسلم (385). .
وأمَّا التعليلُ لاستثناءِ الحيعلتينِ فللآتي:
1- أنَّ الأذكارَ الزَّائدةَ على الحَيْعَلةِ يَشترِكُ السَّامِعُ والمؤذِّنُ في ثَوابِها، وأمَّا الحيعلةُ فمَقصودُها الدُّعاءُ إلى الصَّلاةِ، وذلك يحصُلُ مِن المؤذِّنِ، فعُوِّضَ السَّامعُ عمَّا يَفوتُه مِن ثَوابِ الحيعلةِ بثوابِ الحَوقلةِ [261] ((فتح الباري)) لابن حجر (2/91)، ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (1/233). .
2- مُناسَبةُ الحَوقَلةِ لدُعاءِ المؤذِّنِ الَّذي لا يَليقُ بغيرِه، فمعناها التَّبرِّي مِن الحَوْلِ والقوَّةِ على إتيانِ الصَّلاةِ والفَلاحِ إلَّا بحَوْلِ اللهِ وقوَّتِه، والتَّفويضُ المحضُ إلى اللهِ [262] ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (1/233)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/141). .
3- أنَّ الحَيعلةَ خِطابٌ؛ فإعادتُه عبَثٌ، بل سبيلُه الطَّاعةُ وسؤالُ الحَوْلِ والقوَّةِ [263] ((الفروع)) لابن مفلح (2/26). .
قولُ: (رضيتُ باللهِ ربًّا، وبمحمَّد رسولًا، وبالإسلام دِينًا...)
يُستحَبُّ أن يقولَ سامعُ المؤذِّنِ بعدَ سماعِه التَّشهُّدَ [264] قال النَّوويُّ: (يُستحَبُّ أن يقولَ بعدَ قولِه: وأنا أشهدُ أنَّ محمَّدًا رسولُ اللهِ: رضيتُ بالله ربًّا، وبمحمَّدٍ رسولًا، وبالإسلامِ دينًا). ((شرح مسلم)) (4/87). وقال ابنُ بازٍ: (ويَقولُ عِندَ الشَّهادَتَينِ: رَضِيتُ باللهِ رَبًّا، وبالإسلامِ دينًا، وبمُحَمَّدٍ رَسولًا، عِندَ قَولِ: أشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللَّهُ، أشهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللهِ، يَأتي بالشَّهادَتَينِ ويَقولُ مَعَها: رَضِيتُ باللهِ رَبًّا، وبالإسلامِ دينًا، وبمُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رَسولًا). ((فتاوى نور على الدَّرب)) (6/ 375). وقال الألبانيُّ: (ويُجيبُ أحيانًا حينَ يَسمَعُ المُؤَذِّنَ [يَتَشَهَّدُ] بقَولِه: "وأنا أشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللَّهُ وَحدَه لا شَريكَ له وأنَّ مُحَمَّدًا عَبدُه ورَسولُه، رَضِيتُ باللهِ رَبًّا، وبمُحَمَّدٍ رَسولًا، وبالإسلامِ دينًا)؛ فإنَّه مَن قال ذلك غُفِرَ له ذَنبُه" هو من حديثِ سَعدِ بنِ أبي وقَّاصٍ عن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: "مَن قال حينَ يَسمَعُ المُؤَذِّنَ" فذَكَرَه، وقال في آخِرِه: "غُفِرَ له ذَنبُه" أخرجه مسلم وأبو داود والنَّسائيُّ... ثُمَّ أخرجه الطَّحاويُّ مِن طَريقِ عُبَيدِ اللهِ بنِ المُغيرةِ عنِ الحَكيمِ بنِ عَبدِ اللَّهِ بنِ قَيسٍ... فذَكَره مِثلَه بإسنادِه، وزاد أنَّه قال: "مَن قال حينَ يَسمَعُ المُؤَذِّنَ يَتَشَهَّدُ". وإسنادُه هَكَذا: ثنا روحُ بنُ الفرَجِ، قال: ثنا سَعيدُ بنُ كَثيرِ بنِ عفيرٍ، قال: ثني يَحيى بنُ أيُّوبَ عن عُبَيدِ اللهِ بنِ المُغيرةِ، وهذا سَنَدٌ صحيحٌ رِجالُه كُلُّهم ثِقاتٌ مُتَرجَمٌ لهم في تَهذيبِ التَّهذيبِ، وفيه هذه الزِّيادةُ التي تُعَيِّنُ مَتى يُقالُ هذا الدُّعاءُ، وهو حينَ يَتَشَهَّدُ المُؤَذِّنُ، وهيَ زيادةٌ عَزيزةٌ قَلَّما توجَدُ في كِتابٍ؛ فتَشَبَّثْ بها). ((الثمر المستطاب في فقه السنة والكتاب)) (1/ 182). وقيل: يقولُ هذا الذِّكرَ عَقِبَ الأذانِ: قال القاري: (يحتملُ أن يكونَ المرادُ به حينَ يسمَعُ تشهُّدَه الأوَّلَ أو الأخيرَ، وهو قولُه آخِرَ الأذانِ: لا إلهَ إلَّا اللهُ، وهو أنسَبُ). ((مرقاة المفاتيح)) (2/562). وقال السِّنديُّ: (قولُه: «مَن قال حينَ يَسمَعُ المؤذِّنَ» الظَّاهرُ حينَ يَفرُغُ مِن سماعِ أذانِه، وإلَّا فالجمعُ بيْنَه وبيْنَ مِثلِ ما يقولُ المؤذِّنُ حالةَ الأذانِ مُشْكِلٌ، ومِثلُه حديثُ: «مَن قال حينَ يَسمعُ النِّداءَ: اللَّهمَّ ربَّ هذه الدَّعوةِ...» إلخ). ((حاشية السندي على سنن ابن ماجه)) (1/245). : (أشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وَحْدَه لا شريكَ له، وأنَّ محمَّدًا عبدُه ورسولُه، رضيتُ بالله ربًّا، وبمحمَّدٍ رسولًا، وبالإسلامِ دِينًا).
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
عن سَعدِ بن أبي وقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن قال حينَ يَسمعُ المؤذِّنَ [265] قال القاري: (أي: صَوْتَه أو أذانَه أو قَوْلَه، وهو الأظهَرُ). ((مرقاة المفاتيح)) (2/562). : أشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحْدَه لا شريكَ له، وأنَّ محمَّدًا عبدُه ورسولُه، رضيتُ باللهِ ربًّا، وبمحمَّدٍ رسولًا، وبالإسلامِ دِينًا؛ غُفِرَ له ذنبُه)) [266] أخرجه مسلم (386) .
حكمُ ما إذا سمِع أذانَ أكثرَ مِن مَسجدٍ
يُشرَعُ عندَ سماعِ أذانِ أكثرَ مِن مَسجدٍ أن يُجيبَ كلَّ المؤذِّنينَ الَّذين يَسمَعُهم إذا كانَ أذانُهم مشروعًا [267] وهذا مذهبُ الحنابلةِ، وبعضِ الحنفيَّةِ، وقولٌ للمالكيَّةِ، وبعضِ الشَّافعيَّةِ، واختاره ابنُ تيميَّةَ، والصَّنْعانيُّ، والشَّوْكانيُّ، وابنُ باز، وابن عُثَيمين. يُنظر: ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/245)، ((حاشية ابن عابدين)) (1/397)، ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (1/196)، ((فتح الباري)) لابن حجر (2/92)، ((الاختيارات الفقهية لابن تيمية)) (ص: 408)، ((سبل السلام)) للصنعاني (1/188)، ((نيل الأوطار)) للشوكاني (2/62)، ((أحكام إجابة المؤذن)) لسعيد بن وهف القحطاني (ص: 33)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (2/81). .
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
عن عبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا سَمِعتُم المؤذِّنَ فقولوا مِثلَ ما يقولُ، ثمَّ صَلُّوا علَيَّ؛ فإنَّه مَن صلَّى علَيَّ صلاةً صلَّى الله عليه بها عَشْرًا، ثمَّ سَلُوا اللهَ لي الوسيلةَ؛ فإنَّها منزلةٌ في الجَنَّةِ لا تَنبغي إلَّا لعبدٍ مِن عبادِ اللهِ، وأرجو أن أكونَ أنا هو، فمَن سألَ ليَ الوسيلةَ؛ حلَّتْ له الشَّفاعةُ)) [268] أخرجه مسلم (384). .
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّ الحديثَ عامٌّ، وليس فيه تخصيصُ مؤذِّنٍ عن مؤذِّنٍ [269] ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (2/81). .
وأمَّا التَّعليلُ فللآتي:
1- لتعدُّدِ السَّببِ، وهو السَّماعُ [270] قال ابن عابدين: (ويَظهرُ لي إجابةُ الكلِّ بالقولِ؛ لتعدُّدِ السَّببِ، وهو السَّماعُ، كما اعتمده بعضُ الشَّافعيَّةِ). ((حاشية ابن عابدين)) (1/397). .
2- لأنَّه ذِكرٌ يُثابُ عليه [271] ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (2/81). .
إجابةُ الأذانِ عبرَ الوسائلِ الحديثةِ:
قال ابنُ عُثيمين: (الأذانُ لا يخلو مِن حالَينِ:
الحالُ الأولى: أن يكونَ على الهواءِ، أي: إنَّ الأذانَ كان لوقتِ الصَّلاةِ مِن المؤذِّنِ، فهذا يُجابُ؛ لعُمومِ أمْرِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «إذا سمِعتُم المؤذِّنَ فقولوا مِثلَ ما يقولُ» [272] أخرجه مسلم (384). .
إلَّا أنَّ الفُقهاءَ رحمهم الله قالوا: إذا كان قد أدَّى الصَّلاةَ الَّتي يُؤذَّنُ لها فلا يُجيبُ.
الحالُ الثَّانيةُ: إذا كان الأذانُ مُسجَّلًا، وليس أذانًا على الوَقتِ، فإنَّه لا يُجيبُه؛ لأنَّ هذا ليس أذانًا حقيقيًّا، أي: إنَّ الرَّجُلَ لم يَرفَعْها حينَ أُمِرَ برَفْعِه، وإنَّما هو شيءٌ مَسموعٌ لأذانٍ سابِقٍ) [273] ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (12/196). .
كيفيَّةُ التَّرديدِ لِمَن فاتَه الأذانُ مِن أوَّلِه
اختَلَف العُلماءُ في كيفيَّةِ التَّرديدِ لِمَن فاتَه الأذانُ مِن أوَّلِه؛ على قولَينِ:
القولُ الأوَّلُ: أنَّه يُستحَبُّ لِمَن فاتَه شيءٌ مِن الأذانِ أن يُجيبَ المؤذِّنَ في كلِّ أذانِه ما سمِعَ منه وما لم يَسمعْ [274] وهذا قولٌ لبعضِ الحنفيَّةِ، وبعضِ المالكيَّةِ، وقولٌ للشَّافعيَّةِ، وقولٌ عندَ الحنابلةِ، واختاره ابنُ عُثَيمين. يُنظر: ((حاشية الطحطاوي)) (ص: 135) ((منح الجليل)) لابن عليش (1/202)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/140)، (فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ)) (2/134). (الموقع الرسمي للشيخ محمد بن صالح العثيمين)). .
القولُ الثَّاني: أنَّه إذا سمِعَ بعضَ الأذانِ فإنَّه يُجيبُه فيما سمِع فقطْ [275] وهذا قولٌ لبعضِ المالكيَّةِ، وقولٌ لبعضِ الحنابلةِ رجَّحه محمَّدُ بنُ إبراهيمَ آل الشَّيخِ. يُنظر: ((منح الجليل)) لابن عليش (1/202)، ((فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ)) (2/134). .

انظر أيضا: