موسوعة الآداب الشرعية

إطلاقاتُ الأدَبِ


الأدَب عِندَ الفُقَهاءِ والأصوليينَ:
يُطلِقُ الفُقَهاءُ والأُصوليُّونَ لفظَ "أدَب" أصالةً على المَندوبِ [19] ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (2/ 345). . وهي أقَلُّ رُتبةً مِنَ السُّنَّةِ، قال النَّوويُّ: (السُّنَّةُ والأدَبُ يَشتَرِكانِ في أصل الِاستِحبابِ، لَكِنَّ السُّنَّةَ يَتَأكَّدُ شَأنُها، والأدَبُ دونَ ذلك) [20] ((روضة الطالبين وعمدة المفتين)) (1/ 61). .
وقال القونويُّ: (والأدَبُ: ما فعَله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مَرَّةً وتَرَكَها أُخرى، وفي "البزازيَّةِ": الأدَبُ ما فعَله الشَّارِعُ عليه السَّلامُ مَرَّةً وتَرَكَها أُخرى.
والسُّنَّةُ: ما واظَبَ عليه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) [21] ((أنيس الفقهاء في تعريفات الألفاظ المتداولة بين الفقهاء)) (ص: 33). .
وقد يُطلِقُ بَعضُ الفُقَهاءِ الأدَبَ على الواجِبِ أيضًا، قال البجيرميُّ: (والآدابُ بالمدِّ جمعُ أدَبٍ، وهو المطلوبُ سواءٌ كان مَنْدوبًا أم واجِبًا) [22] ((حاشية البجيرمي على شرح المنهج)) (1/ 51). .
وبَوَّبَ بَعضُ الفُقَهاءِ أدَب القاضي، وأرادَ به ما يَنبَغي للقاضي أن يَفعَلَه، وما عليه أن يَنتَهيَ عنه [23] ينظر: ((البحر الرائق)) لابن نجيم (6/ 277). وينظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (7/ 251). .
ويُطلِقُ الفُقَهاءُ أحيانًا (الأدَب) على الزَّجرِ والتَّأديبِ بمَعنى التَّعزيرِ [24] ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (2/ 345). .
الأدَبُ عِندَ أهلِ اللُّغةِ:
الأدَبُ عِندَ اللُّغَويِّينَ: هو عِلمٌ مِن عُلومِ العَرَبيَّةِ يَتَعَلَّقُ بالفَصاحةِ والبَلاغةِ [25] ((كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم)) للتهانوي (1/ 127). .
قال ابنُ خَلدونَ عن عِلمِ الأدَبِ: (هذا العِلمُ لا مَوضوعَ له ينظرُ في إثباتِ عَوارِضِه أو نَفيِها. وإنَّما المَقصودُ مِنه عِندَ أهلِ اللِّسانِ ثَمَرَتُه، وهيَ الإجادةُ في فَنَّي المَنظومِ والمَنثورِ، على أساليبِ العَرَبِ ومناحيهم... ثُمَّ إنَّهم إذا أرادوا حَدَّ هذا الفَنِّ قالوا: الأدَبُ هو حِفظُ أشعارِ العَرَبِ وأخبارِها، والأخذُ مِن كُلِّ عِلمٍ بطَرَفٍ، يُريدونَ: مِن عُلومِ اللِّسانِ أوِ العُلومِ الشَّرعيَّةِ مِن حَيثُ مُتونُها فقَط، وهيَ القُرآنُ والحَديثُ) [26] ((تاريخ ابن خلدون)) (1/ 763). .
و(عُلومُ الأدَبِ عِندَ المُتَقدِّمينَ تَشمَلُ اللُّغةَ والصَّرفَ والاشتِقاقَ والنَّحوَ والمَعانيَ، والبَيانَ والبَديعَ، والعَروضَ والقافيةَ، والخَطَّ والإنشاءَ والمُحاضَراتِ) [27] ((المعجم الوسيط)) (1/ 9). .
وقد (اصطَلحَ النَّاسُ بَعدَ الإسلامِ بمُدَّةٍ طَويلةٍ على أن يُسَمُّوا العالمَ بالنَّحوِ والشِّعرِ وعُلومِ العَرَبِ أديبًا، ويُسَمُّونَ هذه العُلومَ الأدَبَ، وذلك كَلامٌ مُوَلَّدٌ؛ لأنَّ هذه العُلومَ حَدَثَت في الإسلامِ.
واشتِقاقُه مِن شَيئَينِ، يَجوزُ أن يَكونَ مِنَ الأدْبِ، وهو العَجَبُ، ومِنَ الأدْبِ، مَصدَرُ قَولِك: أدَب فُلانٌ القَومَ يأدِبُهم أَدْبًا: إذا دَعاهم...
فإذا كان مِنَ الأدْبِ الذي هو العَجَبُ، فكَأنَّه الشَّيءُ الذي يُعجَبُ مِنه لحُسنِه، ولأنَّ صاحِبَه الرَّجُلُ الذي يُعجَبُ مِنه لفَضلِه.
وإذا كان مِنَ الأدْبِ الذي هو الدُّعاءُ، فكَأنَّه الشَّيءُ الذي يَدعو النَّاسَ إلى المَحامِدِ والفَضلِ، ويَنهاهم عنِ المَقابحِ والجَهلِ. والفِعلُ مِنه: أدُبتُ آدُبُ أدَبًا حَسَنًا، وأنا أديبٌ) [28] ((شرح أدب الكاتب)) للجواليقي (ص: 19). .

انظر أيضا: