موسوعة الآداب الشرعية

ثانيًا: المشيُ إلى الصَّلاةِ بسَكينةٍ ووَقارٍ


يُستحبُّ أن يأتيَ المصلِّي إلى المسجدِ وعليه السَّكينةُ [369] السَّكينة: التَّأنِّي في الحركات واجتناب العبَث، ونحو ذلك. يُنظر: ((شرح مسلم)) للنووي (5/100). والوَقارُ [370] الوقار: في الهيئة، وغَضُّ البصر، وخَفْضُ الصَّوت، والإقبالُ على طريقِه بغيرِ التفاتٍ، ونحو ذلك. يُنظر: ((شرح مسلم)) للنووي (5/100). قال النَّوويُّ: (مذهبُنا: أنَّ السُّنَّةَ لقاصِدِ الجماعةِ أن يَمشيَ بسكينةٍ، سواءٌ خاف فَوْتَ تكبيرةِ الإحرامِ أم لا، وحكاه ابنُ المنذِرِ عن زَيدِ بنِ ثابتٍ، وأنسٍ، وأحمدَ، وأبي ثَورٍ، واختاره ابنُ المنذِرِ، وحكاه العبدريُّ عن أكثرِ العُلماءِ. وعن ابنِ مسعودٍ، وابنِ عُمرَ، والأسودِ بنِ يَزيدَ وعبدِ الرَّحمنِ بنِ يَزيدَ -وهُما تابِعيَّانِ-، وإسحاقَ بنِ راهَويه: أنَّهم قالوا: إذا خاف فوتَ تكبيرةِ الإحرامِ أسرَعَ). ((المجموع)) (4/207). .
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أنَّه قال: ((إذا أُقيمتِ الصَّلاةُ فلا تأتُوها وأنتم تَسْعَونَ، ولكِنِ ائْتُوها وأنتم تَمْشُونَ وعليكم السَّكينةُ، فما أدركتُم فصَلُّوا، وما فاتكم فأتِمُّوا)) [371] أخرجه البخاري (908)، ومسلم (602) واللفظ له. .
2- عن أَبي قَتادةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((بَيْنَما نحنُ نُصلِّي مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذ سمِعَ جَلبةَ [372] الجَلَبَة: اختلاطُ الأصوات. يُنظر: ((إكمال المعلم)) لعياض (5/563)، ((النهاية)) لابن الأثير (1/281). رجالٍ، فلمَّا صلَّى قال: ما شأنُكم؟ قالوا: استعجَلْنا إلى الصَّلاةِ، قال: فلا تَفْعَلوا؛ إذا أتيتُم الصَّلاةَ فعليكم بالسَّكينةِ، فما أدركتُم فصَلُّوا، وما فاتَكم فأتِمُّوا)) [373] أخرجه البخاري (635) واللفظ له، ومسلم (603). .
3- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((صلاةُ الرجُلِ في جماعةٍ تَزيدُ على صلاتِه في بيتِه وصلاتِه في سُوقِه بِضعًا وعِشرين درجةً؛ وذلك أنَّ أحدَهم إذا توضَّأ فأحْسَنَ الوُضوءَ، ثمَّ أتى المسجدَ لا يَنْهَزُه [374] أي: لا يُنهِضُه ويُقيمُه، وهو بمعنى قولِه بعدَه: «لا يريدُ إلَّا الصَّلاةَ». يُنظر: ((شرح مسلم)) للنووي (5/ 166). إلَّا الصَّلاةُ، لا يُريدُ إلَّا الصَّلاةَ، فلم يَخطُ خطوةً إلَّا رُفِعَ له بها درجةً، وحطَّ عنه بها خطيئةً، حتَّى يَدخُلَ المسجدَ، فإذا دخَلَ المسجدَ كان في الصلاةٍ ما كانتِ الصَّلاةُ هي تَحبِسُه، والملائكةُ يُصَلُّونَ على أحدِكم ما دامَ في مجلِسِه الذي صلَّى فيه، يقولون: اللَّهمَّ ارحَمْه، اللَّهمَّ اغفِرْ له، اللَّهمَّ تُبْ عليه، ما لم يُؤْذِ فيه، ما لم يُحْدِثْ فيه)) [375] أخرجه البخاري (477)، ومسلم (649) واللفظ له. .
4- عن أبي هريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَن تطهَّرَ في بيتِه ثمَّ مشَى إلى بيتٍ مِن بيوتِ اللهِ؛ ليقضيَ فريضةً مِن فرائضِ اللهِ، كانت خطوَتاهُ إحداهما تحطُّ خطيئةً، والأُخرى ترفعُ درجةً)) [376] أخرجه مسلم (666). .
وأمَّا التَّعليلُ: فلأنَّ الذَّاهبَ إلى صلاةٍ عامدٌ في تحصيلِها، ومتوصِّلٌ إليها، فيَنبغي أن يكونَ متأدِّبًا بآدابِها، وعلى أكملِ الأحوالِ [377] ((شرح مسلم)) للنووي (5/99). .

انظر أيضا: